التحول للفعاليات الرقمية وجذب الجهات الأجنبية بالاستثمار والابتكار شهدت المملكة تطورًا كبيرًا في استضافة وتنظيم المؤتمرات على مر العقود، وانطلقت هذه المسيرة مع بدايات بسيطة لتلبية الاحتياجات المحلية، وتطورت مع رؤية المملكة الطموحة 2030 لتصبح مركزًا عالميًا لاستضافة الفعاليات والمؤتمرات، مستفيدةً من موقعها الجغرافي المميز وإمكاناتها الاقتصادية والبشرية، وكانت بدايات المؤتمرات في فترة مبكرة منذ تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، وكانت اللقاءات والاجتماعات تُعقد بطرق تقليدية لمعالجة قضايا البلاد والتنمية، وكانت من أولى المؤتمرات ما تركزت على المجالات الدينية والاجتماعية مثل مؤتمر علماء المسلمين في مكةالمكرمة لمناقشة أمور الحجاج وتطوير الخدمات، واستضافت المملكة مبكرًا مؤتمرات دينية كبرى باعتبارها مهد الإسلام، ومن أبرزها مؤتمر العالم الإسلامي الذي جمع علماء المسلمين من مختلف الدول لمناقشة قضايا الأمة. وتطورت المؤتمرات في السبعينات والثمانينات خاصةً مع بداية الطفرة النفطية، فبدأت المملكة بتنظيم مؤتمرات عالمية مثل مؤتمر البترول العالمي لمناقشة سياسات الطاقة ودور السعودية كمصدر رئيس للنفط، كما عقدت لقاءات دولية مع الشركاء التجاريين للتباحث حول الاستثمار والتنمية، وأصبحت المملكة منذ ذلك الحين عضواً فاعلاً في العديد من المؤتمرات ومنها عضوًا مؤسساً لمنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، واستضافت العديد من مؤتمراتها، كتنظيم مؤتمرات تهدف إلى تعزيز التعاون العربي والإسلامي مثل القمم العربية وقمم التضامن الإسلامي. توسع وتركيز واستمر التوسع في عقد المؤتمرات المحلية والعالمية في المملكة منذ التسعينات وبداية القرن الحادي والعشرين، فتم التركيز على التنوع، فشملت المؤتمرات بالمملكة مجالات عديدة مثل: الصحة، التعليم، التكنولوجيا، البيئة، الرياضة، كما تم تنظيم مؤتمر نوعي وهو مؤتمر الحوار الوطني لتعزيز الوحدة الوطنية ومناقشة القضايا المجتمعية، وتمت استضافة قمم عالمية، فأصبحت المملكة مكانًا مفضلًا لاستضافة القمم الدولية مثل: قمة الرياض الاقتصادية التي جمعت قادة العالم لمناقشة قضايا التنمية، ووضعت المملكة بنية تحتية متطورة لتطوير مراكز مؤتمرات حديثة مثل: مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات في الرياض، والذي أصبح منصة لاستضافة أبرز الفعاليات العالمية، ومؤخراً برزت حقبة رؤية 2030 التي من ضمن أهدافها سعي المملكة لأن تكون مركزًا عالميًا للفعاليات والمؤتمرات، وتم تأسيس مبادرات لدعم صناعة المؤتمرات مثل: برنامج جذب الفعاليات العالمية، واستضافة الفعاليات الكبرى ومنها استضافة قمة مجموعة العشرين (G20) عام 2020م، التي تعد من أهم الأحداث العالمية التي نظمتها المملكة، وتم تنظيم مؤتمرات دولية رائدة في مجالات الاقتصاد، المناخ، الابتكار، مثل: مبادرة مستقبل الاستثمار وقمة الشرق الأوسط الأخضر. توظيف التقنية واستطاعت المملكة توظيف التقنية في تنظيم المؤتمرات عبر التحول إلى الفعاليات الرقمية والهجينة خلال فترة جائحة كورونا، ما أظهر مرونة المملكة وقدرتها على التكيف، وتبوأت المملكة اليوم دوراً كبيراً ومهماً في صناعة المؤتمرات، فأصبحت من أكبر الأسواق الإقليمية لاستضافة المؤتمرات والمعارض، ما ساهم في جذب الشركات العالمية لاستضافة فعالياتها في المملكة مثل: منتديات الاستثمار والابتكار، ودعم قطاع السياحة من خلال تنظيم المؤتمرات والمعارض في مدن مثل: الرياضوجدة والمدينة المنورة، ومنذ بداياتها تطورت المملكة لتصبح مركزًا إقليميًا ودوليًا رائدًا في تنظيم المؤتمرات، ويعد هذا التطور انعكاسًا لجهود المملكة في تعزيز مكانتها العالمية وتطوير بنيتها التحتية بما يتماشى مع رؤية 2030 الطموحة، ومن خلال الاستثمار المستمر في هذا القطاع، تسعى المملكة إلى تعزيز الحوار والتعاون الدولي في مختلف المجالات. أدوات استراتيجية وتعد المعارض والمؤتمرات أدوات استراتيجية مهمة للدول التي تُقام فيها، حيث تعزز من مكانتها الاقتصادية والسياسية والثقافية، وتسهم في تحقيق مجموعة من الأهداف التنموية، فهذه الفعاليات تعمل على تعزيز الاقتصاد المحلي، وجذب الاستثمارات، وتوفر المعارض والمؤتمرات منصة لعرض الفرص الاستثمارية وتشجيع الشركات العالمية على دخول السوق المحلي، وتسهم في تنشيط القطاعات المحلية مثل: السياحة، والنقل، والضيافة، والخدمات المساندة، ما يسهم في رفع الإيرادات وتنويع الاقتصاد، وكذلك خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للعمالة المحلية من خلال تنظيم واستضافة الحدث، كما تسهم في تحسين الصورة الدولية للدولة، والترويج لها كمركز إقليمي أو عالمي، مثلما تفعل بعض الدول في جذب مؤتمرات كبرى كمبادرة مستقبل الاستثمار وقمم المناخ، وهذه المناسبات تسهم في إظهار الاستقرار السياسي، فنجاح تنظيم المعارض والمؤتمرات يعكس استقرار الدولة وقدرتها على استقبال وفود دولية، إضافةً إلى أنها تسهم في تسويق الإنجازات الوطنية كعرض الإنجازات والمشاريع الكبرى كوسيلة لتعزيز مكانة الدولة عالميًا، وتعمل على تعزيز العلاقات الدولية من خلال بناء الشراكات حيث تجمع المعارض والمؤتمرات بين ممثلين من مختلف الدول والقطاعات لتبادل الأفكار وإبرام الاتفاقيات. معرفة وابتكار وتسهم المعارض والمؤتمرات بالتأثير في القرارات الدولية، فالمؤتمرات الكبرى قد تكون فرصة للدولة المضيفة لطرح أجندتها الخاصة أو التأثير على القضايا العالمية، كما تعمل على تطوير المعرفة والابتكار، ونقل المعرفة، وتوفر المؤتمرات منصات لمناقشة أحدث التطورات والابتكارات في مختلف القطاعات، وتعمل على تشجيع البحث العلمي حيث تسهم في تبادل الأفكار والخبرات بين الأكاديميين والمهنيين، وتطوير الكفاءات الوطنية بإتاحة الفرصة للكوادر المحلية للمشاركة والتعلم من الخبراء، كما تسهم في تحقيق التنمية المستدامة من خلال الاهتمام بالقضايا العالمية مثل: التغير المناخي، والطاقة، والصحة، حيث تستخدم الدول المعارض والمؤتمرات لإبراز دورها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، إلى جانب تعزيز الوعي المجتمعي، فبعض الفعاليات تستهدف نشر الوعي حول قضايا معينة مثل البيئة أو الصحة، وتعمل على تعزيز القطاع الثقافي والاجتماعي، والترويج للثقافة المحلية كعرض التراث والثقافة الوطنية عبر المعارض لما يساهم في تعزيز الهوية الوطنية وجذب السياح، وتُعد المعارض والمؤتمرات وسيلة لتفاعل الجمهور المحلي مع ثقافات وتجارب جديدة، والمعارض والمؤتمرات ليست مجرد فعاليات تقليدية، بل هي أدوات استراتيجية تسهم في دعم الاقتصاد، وتعزيز النفوذ الدولي، وتنمية المجتمع، والدولة التي تنجح في استضافتها بشكل فعال تصبح محط أنظار العالم ووجهة للفرص والاستثمار. خطط وسياسات وحرصاً من المملكة للارتقاء بقطاع المعارض والمؤتمرات بجميع عناصره ومقوماته وإمكاناته، وبهدف تنظيمه، وتنميته، وتطويره، والعمل على تعزيز دوره في الاقتصاد الوطني، وزيادة فاعليته، وتذليل عوائق نموه، وفقًا لأفضل الممارسات العالمية، فقد أنشأت الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات في 20 ربيع الآخر 1440ه الموافق 28 ديسمبر 2018م، بموجب أمر ملكي، وتسعى الهيئة لتمكين نمو قطاع المعارض والمؤتمرات وذلك من خلال تطوير هذه الصناعة بما يُسهم في استقطاب معارض ومؤتمرات عالمية، وتسويق الفرص النوعية للمملكة وما تتمتع به من مزايا، والتأكيد على دور المملكة القيادي على خارطة المعارض والمؤتمرات وإبراز مكانتها على المستوى الدولي، وللهيئة بوجه خاص وضع الخطط والسياسات والبرامج المتعلقة بقطاع المعارض والمؤتمرات، وإصدار الموافقات اللازمة لإقامة الجهات الحكومية للمعارض والمؤتمرات، وإصدار التراخيص اللازمة لإقامة الجهات غير الحكومية للمعارض والمؤتمرات، وكذلك الرقابة على جميع الأنشطة التي تندرج ضمن قطاع المعارض والمؤتمرات، والتنسيق مع الجهات ذوات العلاقة فيما يتصل بتشجيع الاستثمار في قطاع المعارض والمؤتمرات، وتوفير المحفزات والمعلومات ذات الصلة بذلك، والعمل على إبراز المملكة بصفتها وجهة جاذبة لإقامة المعارض والمؤتمرات، بالتنسيق مع الجهات ذوات العلاقة، إضافةً إلى تأهيل الكوادر الوطنية في مجال المعارض والمؤتمرات، وتدريبها، وتنميتها، والعمل على استقطاب المعارض والمؤتمرات الدولية، وتطوير المعارض والمؤتمرات المحلية، ودعمها، واستحداث معارض ومؤتمرات تعكس هوية المملكة، إلى جانب تقديم الدعم الفني للجهات الحكومية عند إقامتها معارض ومؤتمرات خارج المملكة، والتعاون مع الجهات الحكومية والهيئات المماثلة في الدول الأخرى، والاشتراك في المنظمات والجمعيات الدولية فيما يتعلق باختصاصاتها، وفقًا للإجراءات النظامية، وكذلك تمثيل المملكة في المحافل الدولية ذوات الصلة باختصاصاتها، وإعداد الدراسات والأبحاث ذوات الصلة بقطاع المعارض والمؤتمرات. نسعى لأن نكون مركزًا عالميًا للفعاليات والمؤتمرات وسيلة لتفاعل الجمهور المحلي مع ثقافات وتجارب جديدة الملتقيات أصبحت منصات لمناقشة أحدث التطورات والابتكارات تأهيل الكوادر الوطنية في مجال المعارض والمؤتمرات