(يقضي الناس معظم أوقات حياتهم يأكلهم القلق على أمورٍ لن تحدث ) هذه المقولة الشهيرة للكاتب المسرحي الفرنسي موليير تلخص بعمق تجربة الإنسان المعاصر مع القلق، الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. فبينما يسعى الإنسان لتحقيق أهدافه وطموحاته، يجد نفسه أحيانًا محاصرًا بمشاعر القلق والخوف من المستقبل. ويعد القلق شعورًا طبيعيًا يواجهه الجميع، فهو رد فعل فطري تجاه المواقف التي تتطلب منا اتخاذ قرارات أو مواجهة تحديات. ومع ذلك، يتجاوز القلق في كثير من الأحيان حدوده الطبيعية ليصبح مصدرًا للتوتر والإجهاد النفسي، فمن الشائع أن نفكر كثيرا في ما قد يحدث في المستقبل، مما يؤدي إلى قضاء وقت طويل في التفكير في أمور قد لا تحدث أبدًا، هذا الشغف بالتفكير في المستقبل قد يعطل الإنسان عن الاستمتاع بالحاضر. وعندما يتحول القلق إلى حالة مزمنة، يمكن أن يؤثر سلبًا على جودة الحياة. فالأشخاص الذين يعيشون في حالة من القلق المستمر قد يجدون صعوبة في التركيز على المهام اليومية، وقد يتجنبون التجارب الجديدة خوفًا من الفشل. وهذا يؤدي إلى دوامة من المشاعر السلبية، حيث يصبح القلق عائقًا أمام التقدم الشخصي والمهنية في حياتهم. وعلى الرغم من أن القلق قد يكون جزءًا من طبيعتنا، إلا أنه يمكننا تعلم كيفية التعامل معه بطرق إيجابية. من خلال ممارسة اليقظة الذهنية، حيث يمكن للإنسان تعلم كيفية البقاء في اللحظة الحالية، مما يساعد على تقليل التفكير المفرط في المستقبل. كما يمكن أن تكون تقنيات التنفس العميق والرياضة أدوات فعالة في إدارة القلق. وتبرز مقولة موليير أهمية الوعي بمشاعر القلق التي قد تستهلك حياتنا. من خلال فهم طبيعة القلق وتطوير استراتيجيات للتعامل معه، حيث يمكننا استعادة السيطرة على حياتنا وتحقيق توازن أفضل. ان الحياة قصيرة، ومن المهم أن نستمتع بكل لحظة فيها بدلاً من أن ندع القلق يسيطر علينا. إن إدراك أن الكثير مما نقلق بشأنه لن يحدث يمكن أن يكون خطوة كبيرة نحو التحرر من هذه المشاعر السلبية، ما يمهد الطريق لحياة أكثر إيجابية وإنتاجية وقدرة على تخطي الصعوبات.