من اطلع على المعايير والاشتراطات التي يفرضها الفيفا على كل دولة ترغب باستضافة كأس العالم سيدرك تماما أنها تعبير أمثل.. بل رسالة مفيدة لكل من يعتقدون أن إقامة مثل هذه البطولات الكبرى نوع من البذخ أو الدعاية السطحية فهي، وعبر الاشتراطات، وكما يوضح تقييم الفيفا بعد الموافقة، انعكاس لتطور الدولة وتسخير قدراتها المتقدمة، وفرصة لتغيير أنماط معمارية وما يخص النقل والسياحة بل ويجعلها موضع التنفيذ، وقد تعاملت السعودية مع هذا الحدث بجدية الدولة المتقدمة، فالرياضة فعل عنوانه الجدية، ناهيك عن أن بطولة كأس العالم ليست مجرد مجموعة لاعبين يتسابقون للسيطرة على الكرة أو هدف يحرز وجماهير صوتها أعلى ما في الملعب، ولكنه عمل يخص البلاد كلها ويشمل مرافقها، عمل لا بد أن تعبّر عنه بيئة نظيفة ونقل سهل وإمكانيات لا محدودة في التنظيم والترويح والقدرة على التعامل مع الجماهير الغفيرة بكل ثقافاتها المختلفة بسكنها وإطعامها وتنقلاتها وحتى المخلّفات التي يجب تدويرها. تنظيم كأس العالم ليس شأنا عابرا لأي دولة فغير المعايير الأساسية التي يؤكد عليها الفيفا وهي: الشفافية، والجاهزية، والبنية التحتية، والدعم الحكومي، والجوانب التجارية.. هناك الاشتراطات التي على مستويات البث التلفزيوني والمعلومات والتكنولوجيا والاتصالات وشبكات متطورة للمواصلات والإقامة.. لذا فإن تسابق الدول على استضافة العرس الكروي لا يعود فقط لكون الحدث يخطف أنظار عشاق المستديرة من مختلف أصقاع الكرة الأرضية فحسب، إنما لأنه أيضا مشروع اقتصادي مربح ويوفر العديد من فرص العمل لأبناء البلد المضيف. وإذا كان الملايين من سكان العالم ينظرون لمنافسات المونديال على أنها حلقات متتابعة من المتعة اليومية، فإن هذه المتعة ليست رياضية فقط بل تمتد تداعياتها في مجالات أخرى، ونأخذ مثلا واحدا من إيجابياتها فقد أسهمت استضافة ألمانيا لكأس العالم 2006 في رفع النمو الاقتصادي للبلاد بنسبة 0.5 %. هنا لا ندّعي قراءة المستقبل قبل 11 ديسمبر.. لكن ما نحن إزاءه يذهب إلى أن السعودية ترتكز على معطيات ليس بمقدور أي من أولئك أن يضعها حتى على طاولة البحث لأجل تداولها.. لا تنفيذها.. فالعمل السعودي مختلف جدا.. بل يُتوقع أن يكون نقلة في التنظيم والعمل المونديالي. إذا فالثقة قائمة وملموسة ومن خلال المقارنات نجد أن لا صوت يعلو على صوت السعودية، بل إن في تنظيمها تحقيق متجلٍّ لرؤية الفيفا الذي يسعى لإبهار تنظيمي على أعلى مستوى.. وها هي السعودية تبشر بذلك وفق منظور بث السلام والمحبة في هذه المنطقة الساخنة. لكن لنبتعد قليلا عن الترشيح وآفاقه وأبعاده.. فالأكيد أن السعودية تعيش مرحلة تتسم بكثير من الإبداع والإنجاز.. فمشاريعها الرياضية والتنموية قائمة بتوجيه ودعم مباشر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-.. فهي وفق إطار الرؤية السعودية 2030 التي أطلقها تعيش مرحلة تتسم بكثير من الإبداع والتألق والإنجاز مرتكزة على مبادئ وإرث هدفها الرئيس تحقيق الرخاء والتطور لهذا البلد في كل المجالات.. حقيقة فما وصلت إليه هذه البلاد بات محل إعجاب وحديث لا ينفك قاريا ودوليا.. حديث يرتبط ببلد يشق طريقة مسرعاً ويبدأ من حيث انتهى الآخرون.