أطلقت المملكة العربية السعودية رؤيتها الطموحة 2030، التي تهدف إلى تحقيق تحول جذري في هيكل الاقتصاد الوطني، حيث تركز الرؤية على تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات، وتنويع مصادر الدخل، وزيادة الاستثمارات في القطاعات غير النفطية، وتحقيق كفاءة أعلى في إدارة الموارد. إلى ذلك تسعى المملكة من خلال هذه الرؤية إلى بناء اقتصاد مستدام وقادر على مواجهة المتغيرات العالمية مع الحفاظ على استدامة برامج الإنفاق الحكومي. حققت رؤية 2030 نجاحات ملموسة في تحويل الاقتصاد السعودي إلى نموذج أكثر تنوعًا واستدامة. بلغت مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي 50% في عام 2023، وهو أعلى مستوى تاريخي تم تسجيله. وتعكس هذه الأرقام توجه المملكة نحو الاعتماد على موارد متعددة تدعم الاقتصاد الوطني بشكل مستدام. تعتمد الركائز الأساسية لرؤية 2030 على تعزيز الاقتصاد الوطني وتنويعه، كم عملت الرؤية على تطوير مجموعة من القطاعات الواعدة لزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي: مثل قطاع السياحة، حيث شهد القطاع قفزة نوعية مع ارتفاع عدد المعتمرين من خارج المملكة إلى 13.56 مليون في عام 2023، متجاوزًا المستهدف البالغ 10 ملايين معتمر، كما أطلقت المملكة مشاريع ضخمة مثل مشروع "البحر الأحمر" و"القدية"، ما ساهم في تعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية. الصناعات التحويلية ساهمت الصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية، مشاريع كبرى مثل منطقة الخدمات اللوجستية بميناء جدة الإسلامي، التي تمتد على مساحة 225 ألف متر مربع وباستثمارات بلغت 1.3 مليار ريال سعودي. وتهدف هذه المشاريع إلى تعزيز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي. تحرص الرؤية على الاستثمار في التقنيات الحديثة والابتكار. حيث ركزت المملكة على دعم الشركات الناشئة وتعزيز الاقتصاد الرقمي من خلال مشروعات تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، بما يعزز دور المملكة في الاقتصاد الرقمي العالمي. كما تحتل التنمية البشرية مكانة محورية في رؤية 2030. في مقابل ذلك ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 37% في عام 2023 مقارنة ب22% في عام 2016، كما انخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى أدنى مستوى تاريخي عند 7.7% وتهدف برامج التعليم والتدريب إلى تزويد الشباب بالمهارات اللازمة لسوق العمل وتعزيز تنافسيتهم محليًا وعالميًا. وركزت رؤية 2030 على إجراء إصلاحات هيكلية واسعة النطاق لضمان تحقيق أهدافها التنموية. شملت هذه الإصلاحات: تحسين بيئة الأعمال: حيث تم تبسيط الإجراءات الإدارية والرقابية لتسهيل عمل المستثمرين والشركات، ما أدى إلى تعزيز ترتيب المملكة في مؤشرات التنافسية العالمية. إضافة إلى ذلك تقدمت المملكة إلى المركز 17 عالميًا في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية إعادة هيكلة الدعم: لتحسين توزيع الموارد، حيث أُطلقت برامج الحماية المجتمعية مثل "حساب المواطن" الذي يهدف إلى تقديم الدعم المالي المباشر للأسر الأكثر احتياجًا. أيضا تعزيز دور القطاع الخاص من خلال استهداف المملكة زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65%، مع التركيز على خصخصة بعض القطاعات الحكومية وتوسيع دور الشركات الصغيرة والمتوسطة. كفاءة الإنفاق الحكومي ركزت الرؤية على تعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي لضمان استدامة المالية العامة. في عام 2023، ارتفعت مساهمة الإيرادات غير النفطية إلى 35% من إجمالي المصروفات الحكومية، ما يعكس نجاح السياسات الإصلاحية في تنويع مصادر الدخل، وقد اعتمدت الحكومة نهجًا قائمًا على الشفافية والكفاءة في إدارة الميزانية، حيث بلغ إجمالي الإيرادات غير النفطية 457.7 مليار ريال في 2023، ما ساهم في تقليل العجز وزيادة الفوائض المالية، وأُنشئت وحدات متخصصة لرفع كفاءة الإنفاق الحكومي، مع التركيز على استثمارات تحقق عائدًا اقتصاديًا مرتفعًا. استهدف برنامج تطوير القطاع المالي خلق بيئة استثمارية جاذبة، شملت تعزيز الشمول المالي وتطوير السوق المالية السعودية. كما أسهمت الإصلاحات في زيادة قيمة الأصول المدارة من قبل صندوق الاستثمارات العامة إلى 2.81 تريليون ريال سعودي. مشروعات الرؤية يمثل مشروع نيوم أحد أبرز مشروعات رؤية 2030، حيث يهدف إلى إنشاء مدينة ذكية تعتمد على الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي. ويُتوقع أن يُسهم المشروع في خلق بيئة استثمارية جاذبة ويعزز مكانة المملكة كمركز عالمي للتقنية والابتكار. أصبح صندوق الاستثمارات العامة ركيزة أساسية لتحقيق رؤية 2030، حيث لعب دورًا بارزًا في دعم التنويع الاقتصادي والاستثمار في قطاعات استراتيجية. من خلاله استحدث الصندوق أكثر من 644 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، كما أسس 93 شركة جديدة في عام 2023 . تحظى مشروعات الطاقة المتجددة بأهمية خاصة في رؤية 2030. وتعمل المملكة على تطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية، بهدف تحقيق الريادة في مجال الطاقة النظيفة وتعزيز الاستدامة البيئية. حققت الرؤية قفزات نوعية في جميع المجالات. فإلى جانب نجاحها في تحقيق مستويات غير مسبوقة من التنويع الاقتصادي، عززت المملكة موقعها كوجهة استثمارية عالمية من خلال الإصلاحات الهيكلية والمشاريع الكبرى. وتُشير التوقعات إلى أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها التنموية، مما يجعل رؤية 2030 نموذجًا يحتذى به في التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة. رؤية السعودية 2030 ليست مجرد خطة تنموية، بل هي مشروع حضاري يهدف إلى إعادة تشكيل الاقتصاد الوطني وبناء مستقبل مزدهر ومستدام. عبر الاستثمار في الإنسان والمكان، وتحقيق التنوع الاقتصادي، ورفع كفاءة الإنفاق، تؤكد المملكة قدرتها على مواجهة التحديات وصناعة الفرص. من خلال التزامها بأهداف الرؤية، تتجه السعودية نحو تحقيق مكانة رائدة عالميًا واقتصاد يحقق الازدهار لأجياله القادمة. تعد 87% من مبادرات الرؤية البالغة 1,064 للعام 2023، مكتملة أو تسير على المسار الصحيح، في حين قدرت مؤشرات الأداء الرئيسة لعام 2023 ب243 مؤشرًا، حقق 81% من مؤشرات الأداء للمستوى الثالث مستهدفاتها، فيما تخطت 105 مؤشرات مستهدفاتها المستقبلية لعامي 2024/ 2025، ومن بين المشاريع التي ساهمت في دعم الاقتصاد في المملكة برنامج تطوير القطاع المالي، حيث أسهمت "منشآت" في تأسيس بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة ورفع حصة إقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة من 5.4% في عام 2018م إلى 8.3% في عام 2022م بنسبة نمو بلغت 54%، وإطلاق بوابة التمويل للربط بين الممولين من القطاع الحكومي والخاص، وبين المنشآت الصغيرة والمتوسطة الراغبة بالحصول على التمويل من خلال بوابة التمويل، حيث بلغت قيمة التمويل المُقدم من خلال البوابة أكثر من 18 مليار ريال. تنامي الاحتياج المجتمعي تطلب تنويع الموارد ودعم الفئات الأقل دخلاً «حساب المواطن» من برامج الحماية المجتمعية المستحدثة تعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي لضمان استدامة المالية العامة