تحتفل سلطنة عمان بيومها الوطني الرابع والخمسين، الذي يصادف ال 18 من نوفمبر من كل عام ليمثل ذكرى مهمة لدى الشعب العماني الشقيق، الذي يحتفي باستقلال سلطنة عمان في عام 1965م، في ظل إنجازات بقيادة حكيمة لمسيرة البناء والتطوير والتنمية، وتحقيق الإنجازات المتتالية، متواصلة في مسار التنمية الشاملة التي رسمها السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، وفق رؤية ثابتة ومحكمة للمضي قدماً في مختلف المجالات والحفاظ على ما تحقق من مكتسبات. وتجسد العلاقات السعودية العمانية مدى الأخوة وحسن الجوار، وهي علاقات ممتدة ضاربة في عمق التاريخ لأكثر من نصف قرن، ونموذجاً للتكامل والترابط، حيث يشترك البلدان بالكثير من القواسم المشتركة القائمة على مبادئ المصير المشترك. لقد شكلت الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين الشقيقين، التي انطلقت عام 1971م منذ أول زيارة للملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- حينما زار لأول مرة، الراحل السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان -رحمه الله-، لتوطيد العلاقات بين البلدين، وكان لتلك الزيارة دور أساسي في تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين، المتأصّلة المتجذّرة منذ أكثر من نصف قرن. وامتداداً لأواصر الأخوة والمصير المشترك، كانت زيارة سلطان عُمان هيثم بن طارق للمملكة العربية السعودية في يوليو 2021، كأول زيارة خارجية لجلالته منذ توليه مقاليد الحكم في يناير 2020م تأكيداً لمدى مكانة السعودية لدى جلالته، وما تشكله من عمق للعلاقات الأخوية بين البلدين، حيث جاءت الزيارة استجابة لدعوة أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في 11 يوليو 2021، داعمة لمسيرة التعاون والشراكة الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين، وترسيخاً للعلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، بل وفي مختلف أوجه التعاون الذي يؤكد متانة العلاقة وقوتها. لقد أكدت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء إلى سلطنة عُمان عام 2023م، ولقائه أخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظهما الله- عُمق العلاقات السعودية العُمانية، وحيث دشنت بذلك فصلًا جديدًا من تاريخ العلاقات بين البلدين وأحدثت نقلة نوعية في تعزيز تلك العلاقات بكافة المجالات، ونقلها إلى آفاق أرحب وأكثر تقدمًا، بما يُحقق مصالح وتطلعات الشعبين الشقيقين. إن قيام مجلس التنسيق السعودي العماني، جاء بهدف تعميق التعاون بين البلدين في العديد من المجالات، والتكامل في مختلف الجوانب، حيث تلتقي الدولتان في رؤيتين مستقبليتين، رؤية السعودية 2030 ورؤية عُمان 2040، ويلعب المجلس دوراً فاعلاً في استثمار الإمكانات وتعظيم المنافع والمصالح المشتركة بما يلبي تطلعات وطموحات شعبي البلدين إنفاذاً لتوجيهات قادة البلدين. سلطنة عمان في يومها الوطني.. إنجازات غير مسبوقة تشاركية الشعبين السعودي والعماني وتتسم العلاقات السعودية - العمانية على مر التاريخ بالثبات في المواقف المشتركة، مستندة إلى أسس راسخة من الشراكة والتعاون والتفاهم، ووضوح الأهداف، متجاوزة التحديات التي مرت بالمنطقة، لتؤكد صلابة هذه العلاقات والأرضية والمصير المشترك من التفاهم والتناغم تجاه القضايا المصيرية عربياً وعالمياً، أكد على ذلك الزيارات المتبادلة بين الجانبين، التي ترجمت عمق العلاقة، والرغبة القوية من قيادات البلدين لتحقيق التنمية الشاملة؛ لينعم بها الشعبان الشقيقان، ليزداد الازدهار والنماء رسوخاً، وتعزيز فلسفة الاستقرار ضمن ومنظومة العمل الخليجي. تحتل الدولتان مكانة عظيمة التأثير عالمياً في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، باعتبارهما ركيزتين للسلام والحكمة والصدقية العالية، في معالجة العديد من القضايا الإقليمية والدولية، بتأكيد من الرؤية الحكيمة لقيادتي البلدين، حيث تسير العلاقات السعودية - العمانية نحو التنمية المشتركة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، من خلال إبرام العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الرامية إلى تعزيز الاستثمارات، وتحفيز العمل المشترك في قطاعات اقتصادية متنوعة وفق القواسم المشتركة بين رؤية المملكة «2030» ورؤية عُمان «2040». وعبر تاريخ طويل من العلاقات، تعمل القيادات في الدولتين على ترسيخ وتعزيز المبادئ التي تربط بينهما، حيث أسهم إنشاء مجلس التنسيق السعودي - العماني، وافتتاح منفذ الربع الخالي في زيادة معدل التبادل التجاري، وكان لتفعيل «الترانزيت» للبضائع على مدار الساعة، الدور البارز في تحقيق تكامل استراتيجي لتعزيز منظومة سلاسل الإمداد، التي تمثل أحد الأهداف المهمة في رؤيتي البلدين الاقتصادية. التبادل التجاري لقد سجل التبادل التجاري بين المملكة وسلطنة عمان خلال ال10 سنوات الأخيرة، ارتفاعا من 4.7 مليارات ريال «1.2 مليار دولار» في عام 2010 إلى 11.5 مليار ريال «3 مليارات دولار» في عام 2020 . وتعد المنتجات الزراعية والحيوانية والمنتجات الصناعية والثروات الطبيعية والمنتجات المعدنية واللدائن ومحضرات الفواكه والخضراوات، من أهم السلع والمنتجات الرئيسية في التبادل التجاري بين البلدين. * التبادل التجاري بين المملكة وعٌمان في أرقام: * 52.9 مليار ريال حجم التبادل خلال آخر 5 سنوات. * 123 % ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين بنهاية 2022. * 4.4 مليارات ريال الصادرات السعودية للسلطنة في 2021. اتفاقيات استثمارية وقد وقّعت المملكة وسلطنة عُمان 13 مذكرة تفاهم استثمارية تجاوزت قيمتها مليار ريال، على هامش «المنتدى السعودي العُماني» الذي عُقِد في الرياض، وشملت مجالات متعددة، كتخزين النفط والبتروكيماويات، والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، والاستثمار التعديني، واللوجستيات والنقل، والثروة السمكية، والسياحة، وفي إطار التنسيق بين البلدين عقد «ملتقى الاستثمار والتجارة العُماني السعودي» عام 2014، كأول فعالية من نوعها لتعريف القطاع الخاص السعودي بأهم الفرص الاستثمارية والتجارية في السلطنة. نجاحات عمانية اقتصادية لقد تمكنت حكومة عمان، من تحسين أدائها الاقتصادي والمالي وخفض المديونية وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، حيث سجلت الإيرادات العامة للدولة حتى نهاية أغسطس 2024م نحو 8 مليارات و106 ملايين ريال عماني، مرتفعة بنحو 183 مليون ريال عماني، مقارنة بتسجيل 7 مليارات و923 مليون ريال عماني في الفترة ذاتها من عام 2023م، حيث حققت الميزانية العامة للدولة حتى أغسطس 2024م فائضاً بنحو 447 مليون ريال عماني مقارنة بفائض قدره 773 مليون ريال عماني خلال الفترة نفسها من عام 2023م، مع انخفاض محفظة الدين العام بنهاية الربع الثالث من عام 2024م إلى 14.4 مليار ريال عماني مقارنة ب20.8 مليار ريال عماني في عام 2021م، تزامن ذلك مع تحسين التصنيف الائتماني لسلطنة عمان من قبل وكالات التصنيف الائتماني بشكل ملفت للمراقبين والخبراء الاقتصاديين والماليين العالميين، إذ رفعت وكالة «ستاندرد آند بورز» في تصنيفها الائتماني الثاني عن سلطنة عمان إلى «BBB-» من «BB+» مع نظرة مستقبلية مستقرة، وعدلت وكالة «موديز» نظرتها المستقبلية لسلطنة عمان من نظرة مستقرة إلى نظرة إيجابية مع تأكيد التصنيف الائتماني عند «Ba1»، وتؤكد هذه التصنيفات أن سلطنة عمان بيئة استثمارية آمنة، حيث عادت لهذه الفئة من التصنيف بعد انخفاض دام قرابة 7 سنوات (منذ عام 2017م)، جراء تأثيرات الأزمات الناتجة عن انخفاض أسعار النفط العالمية وجائحة كورونا كوفيد - 19. وتأكيداً للرؤية الاقتصادية العمانية سجل حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في سلطنة عمان حتى نهاية الربع الرابع لعام 2023م ما قيمته 25 ملياراً و50 مليون ريال عماني، بارتفاع نسبته 21.6 % مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022م بمبلغ 20 ملياراً و590 مليون ريال عماني. رؤية عمان وفي خطاب التنصيب بيّن السلطان هيثم الخطوط العامة لسياسته، مؤكدًا المضي قدمًا في نهج السلطان قابوس بن سعيد لتطوير وتقدم السلطنة، وتمسكه بسياسة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، مشددًا على دفع مسيرة التعاون بين دول مجلس التعاون، إضافة إلى تأكيد سلطان عمان استمراره في دعم جامعة الدول العربية ومنظمة هيئة الأممالمتحدة وتحقيق أهدافهما، والنأي بالمنطقة عن الصراعات. وتتبنى عمان في الرؤية المستقبلية (عُمان 2040) النهج التشاركي، الذي يضمن مشاركة القطاعات الفاعلة ذات العلاقة في الدولة والمتمثلة في شرائح واسعة من المواطنين الذين يعدون أساس التنمية، فضلًا عن القطاعات الحكومية وشبه الحكومية، ومؤسسات القطاع الخاص العاملة في القطاعات الاقتصادية المختلفة، إضافة إلى المجتمع المدني، وقطاعات الأكاديميين والنخب المثقفة وقادة الرأي، حيث انطلق النهج التشاركي في إعداد الرؤية العمانية؛ ليرسخ عملية المشاركة الاجتماعية في مناقشة القضايا المطروحة، وتبادل الآراء وإيجاد حوار مجتمعي حقيقي حولها، وصولًا إلى صياغة النتائج التي سترسم مستقبلًا مزدهرًا لعُمان. وتتشابه ملامح مستهدفات برامج الرؤية العمانية 2040 مع رؤية المملكة 2030 خاصة الأسس الرئيسة للرؤيتين، في الاهتمام بمحور الإنسان والمجتمع والحوكمة والجانب الاقتصادي والبيئي. كنوز عمانية تمتلك سلطنة عُمان موقعًا إستراتيجيًا، إذ تقع في أقصى الجنوب الشرقي لشبه الجزيرة العربية، وتطل على ساحل يمتد 3165 كيلومترًا، يبدأ من أقصى الجنوب الشرقي، وبحر العرب ومدخل المحيط الهندي، ممتدًا إلى بحر عُمان حتى ينتهي عند مسندم شمالًا، ليطل على مضيق هرمز الاستراتيجي مدخل الخليج العربي، وترتبط حدود عُمان مع المملكة غربًا، ويتبعها عدد من الجزر الصغيرة في بحر عُمان ومضيق هرمز، وتبلغ مساحة سلطنة عُمان 309.500 كيلومتر مربع، فيما يبلغ عدد سكانها بحسب إحصائية شهر سبتمبر 2023 التي نشرتها وكالة الأنباء العمانية (أونا) «5 ملايين و136 ألفًا و957 نسمة»، كما الجغرافية السلطانية بوجود سلسلة جبال الحجر التي تمتد من منطقة رؤوس الجبال في رأس مسندم، (حيث يقع مضيق هرمز بوابة الخليج) إلى رأس الحد أقصى امتداد للجزيرة العربية من جنوبها الشرقي المطل على المحيط الهندي. وتتمتع عمان بمقومات سياحية عديدة ومتميزة من جبال وأودية وبحار، إضافة إلى كثير من المواقع الأثرية، فضلًا عن التنوع البيئي، ما يتيح تباينًا مناخيًا يوفر شمسًا ساطعة دافئة في الشتاء، ونسائم عذبة خالية من الرطوبة مع حرارة معتدلة صيفًا في الجبل الأخضر، مع الرياح الموسمية ورذاذ المطر والغيوم والنسيم المنعش في موسم الخريف بمحافظة ظفار، حيث أصبحت على خريطة السياحة العالمية بمقوماتها المتفردة، وتنوع نشاطات السياحة، وتعدد عناصر الجذب السياحي من تنظيم رحلات السفاري الصحراوية، وممارسة الرياضات المائية بالشواطئ الممتدة النظيفة، وإقامة فعاليات الموروث الشعبي في الفنون والصناعات اليدوية التقليدية.