من بطولة العالم للألعاب الإلكترونية إلى فعاليات موسم الرياض، ومن رالي داكار في المملكة إلى فيلم "نورة" في مهرجان كان السينمائي، نجاحات سعودية متتالية تخلق تأثيراً إيجابياً للمملكة على المستوى الدولي، وهو ما يجب أن يُستغل بأنشطة الدبلوماسية العامة، حتى نُعظم الأثر ونحوز أهدافنا الوطنية. تعد "الدبلوماسية العامة" اليوم أداة مهمة وغير تقليدية للسياسة الخارجية، ونظراً لكونها مفهوما حديثا نسبياً فلا يوجد تعريف متفق عليه، لكن ومن خلال اطلاعي وممارستي للتواصل الاستراتيجي -الذي يعتبر أداه أساسية تعضّد أنشطة الدبلوماسية العامة-، يمكن إجمالها بأنها: "مزيجٌ ترعاه الحكومات من الاتصالات والتفاعلات غير الرسمية بين الكيانات الوطنية والأفراد، بهدف التواصل المباشر مع الجماهير والكيانات الأجنبية، لخلق رأي عام متعاطف وتحقيق التأثير السياسي المنشود" بالتأكيد لا يوجد عصرٌ أفضل مما نعيش اليوم في المملكة، من تقدم وإنجازات وطنية، ونجاحات فردية، مما يشكل فرصاً هائلة لتنشيط الدبلوماسية العامة، وتحقيق الأثر المنشود، بداية من قصص نجاحات مشاريع رؤية المملكة 2030، وتمكين المرأة، وتنويع الاقتصاد، والتحوّل الرقمي، إلى استضافة الفعاليات الرياضية العالمية، مثل الفورميلا ون، والمصارعة الحرة، ومؤخراً أضخم نزالات الملاكمة، وبطولات التنس والجولف، وما يصحب ذلك من توافد المهتمين، واختلاطهم بالمجتمع المحلي وفعالياته، أيضاً فتح أبواب المملكة للسياحة، وتضاعف أعداد الزوار الأجانب في مناطق المملكة كافة، وفعاليات المواسم السياحية، والبرامج والفعاليات الثقافية، وغيرها من مبادرات وأفكار، تشكل بيئة خصبة لابتكار مشاريع وبرامج الدبلوماسية الشعبية، داخل وخارج المملكة. وبالطبع يتضاعف أثر الدبلوماسية العامة، حينما يصاحب ذلك برامج موجه ومخطط لها، لكن لكي تنجح مبادرات الدبلوماسية العامة لابد أولاً من وجود استراتيجية وطنية، تقودها وزارة الخارجية، وتشارك فيها المنظمات والفعاليات الوطنية، وبالذات مؤسسات المجتمع المدني، من جمعيات مهنية وفنية وثقافية وإعلامية وتطوعية وغيرها، ناهيك عن المؤسسات شبة الحكومية، وأطراف الحركة الرياضة، وكذلك مجتمعات الأعمال، حينها سوف نخلق زحماً سعودياً واسع النطاق، حينما نعمل سوياً بتنسيق وتكامل، وليس بتنافس أو دون توافق! حتى نحقق معاً أهدافنا الوطنية العليا. من المهم أن نفرق بين أنشطة العلاقات العامة من جهة، وأنشطة الدبلوماسية العامة من جهة أخرى، حتى لا تؤثر عليها بشكل سلبي، كما يحدث للعديد من الدول، التي تستهلك الأموال والجهود في أنشطة العلاقات العامة، دون أن تدرك أن أنشطة الدبلوماسية العامة تُحرز تلكم الأهداف بشكل أفضل، والأهم تحقق التأثير العميق بدلاً من التأثير السطحي والعابر لأنشطة العلاقات العامة. اليوم وبفضل جهود المملكة في المجالات كافة أضحت بلادنا في نظر العالم شريكاً نشطاً، وذا قيمة مضافة، ورسّخت صورة مشرقة، وهو ما يجعلنا نؤكد أن مزيداً من تنسيق جهود الدبلوماسية العامة سوف تضاعف الحضور الفعال للمملكة، وتعزز قوتنا الناعمة، وتؤكد صورتنا الإيجابية، وبالتالي تسهم في تحقيق أهدافنا الوطنية العليا.