تاريخ القصة في المملكة العربية السعودية؛ قصة سعودية بدأت فصولها منذ عقود عن طريق الصحافة، وربما الحديث عن القصة القصيرة جداً بالتحديد من خلال ما كتبه الأستاذ خالد اليوسف يكون له نكهته الخاصة، وهو من اختار عنواناً جاذبًا ومحفزًا على قراءة تاريخ القصة القصيرة جداً في المملكة، فالعنوان «دهشة القص» أخذنا إلى دهشة التتبع الذي اشتهر به اليوسف، وأصبح علَماً من أعلامه على مستوى الوطن العربي في التوثيق –توثيق ببلوغرافي، وببلومتري- للمنجز الأدبي السعودي. سنجد في تاريخ القصة القصيرة جداً أن الصحافة الأدبية كانت حاضرة، وأنها أرض خصبة نمت فيها وأزهرت. أما الأسماء التي سجلت أول حضور في حياة القصة القصيرة جداً، فسنجد أن منهم أسماء معروفة ما تزال تواصل عطاءها وطرح ثمارها، ومنهم القاصان الرائدان في هذا الميدان جبير المليحان، ومحمد الشقحاء، ومنهم من غادر هذه الدنيا إلى كنف رب كريم؛ مثل القاص محمد علوان. الكتابة عن القصة القصيرة جداً متعة توازي متعة قراءة عدة قصص، فكتابة تاريخ المنجز الأدبي مرتبط بقراءة نماذج منه، وهذا يجعل من المزاوجة بين القراءة الاستمتاعية والقراءة التوثيقية خليطاً بنكهة الأدب والتاريخ. ولأنني ممن يرون أن لكل شكل إبداعي صورة موجودة في الإرث الأدبي العربي، وأن من حق كل ثقافة أن تنطلق من تراثها الثقافي في التوثيق دون مصادرة حق أي ثقافة في الممارسة نفسها، فإنني أقول إن للقصة القصيرة جداً حضوراً فيما كتبه الجاحظ وابن المقفع على سبيل المثال كما أورد ذلك بعض الباحثين، وهذا لا يتعارض مع ما أشار إليه عدد من الكتاب بشبه الاجماع على أن قصة الروائي «أرنست همنغواي» «للبيع.. حذاء طفل لم يلبس قط»، والمكونة من ست كلمات؛ هي منشأ القصة القصيرة جداً، وعدم التعارض يرتبط بأن هذه القصة كُتبت على نمط القصة القصيرة جداً وفق المنظور الفني الحديث كما يرى البعض، وأن ما كتب في التراث العربي جاء في سياق فني مختلف من وجهة نظرهم. وحتى على مستوى الريادة في القصة القصيرة جداً في الغرب، فالاختلاف حول الريادة قائم، فهناك من يرى أن الكاتبة الفرنسية «ناتالي ساروت» أول من كتب قصة قصيرة جداً، وكان هذا في عام 1932، وبعض مؤرخي الأدب يرون أن «أليكس فينون» و»أدغار آلن بو» سبقوا ساروت بقرابة ثلاثة عقود في كتابة القصة القصيرة جداً. «غادرت قريتي.. طفت البلاد.. ثم بدأت خطواتي تقصر.. تثقل.. تتعثر.. وفي جنبي نمت مزرعة! كانت قريتي الصغيرة في جيبي!» هنا ختام بنكهة «دهشة القص» للدكتورة شيمة الشمري؛ جاءت في دهشة القص لليوسف.