يُعد سوق السدرة وسوق سويقة من أعرق الأسواق في قلب مدينة الرياض، عاصمتنا الشاهقة، حيث كانا وجهتين رئيستين للأسر لاقتناء حاجياتهم اليومية من ملابس وإكسسوارات ومأكولات وأوانٍ منزلية ومكسرات، تميز كلا السوقين بجمالهما وبساطتهما وتنوع بضائعهما، وكانا يلبيان احتياجات السكان ويشكلان جزءًا من تراث المدينة وتاريخها العريق، تأسس سوق السدرة حوالي عام 1372ه (1952م) واستمر لأكثر من ثلاثين عامًا، وكان من أوائل الأسواق التي يقصدها الناس لشراء الملابس النسائية والإكسسوارات والأقمشة، بدأ السوق كمجموعة من البيوت الصغيرة والدكاكين البسيطة، ثم تطور ليصبح دكاكين مرصوصة بجانب بعضها، مما أضفى عليه رونقًا خاصًا، وكان السوق موقعًا رئيسًا للنساء اللواتي يبحثن عن مستلزماتهن، وتنتشر فيه بسطات يبيع فيها الرجال والنساء مستلزمات صغيرة كإكسسوارات الأطفال والمكسرات، كما اشتهر السوق ببيع التوت المثلج في ترامس، حيث كان الأطفال يرددون عبارة «قبل ما تموت اشرب التوت»، ما أضاف طابعًا خاصًا وروحًا فريدة للسوق، سُمي سوق السدرة نسبةً إلى مسجد السدرة، المعروف أيضًا بمسجد الأمير خالد بن سعود، الذي كان بالقرب من شجرة سدر بجوار المسجد، استمر السوق في الازدهار إلى أن تمت إزالته في عام 1402ه ضمن خطط تطوير وسط الرياض، أما سوق سويقة، فيقع في شارع الثميري، ويُعد من أعرق الأسواق في الرياض، بدأ السوق ببيع بضائع محلية لكنه تطور ليشمل بضائع مستوردة عالية الجودة، خاصةً في الملابس النسائية الراقية والإكسسوارات الفاخرة من ماركات مشهورة لدى السيدات بجانب سوق سويقة، يقع به سوق الذهب وبعض الأسواق الأخرى، مما أضاف له مكانة مميزة ليصبح وجهة مفضلة لنخبة سكان الرياض. في الماضي، كان سوق السدرة وسوق سويقة وغيرهما من الأسواق التقليدية في الرياض وجهاتٍ حيويةً لسكان المدينة والأحياء المحيطة، بل وحتى القرى المجاورة، لم تكن هذه الأسواق تشبه المجمعات الحديثة، بل كانت عبارة عن دكاكين متراصة تبيع مختلف السلع، مع بوفيهات بسيطة تقدم العصائر والسندويشات الخفيفة لم يكن من المعتاد تناول الطعام في السوق، بل كان الناس يأخذون طعامهم ليأكلوه في سياراتهم أو عند وجهتهم التالية، كان من المألوف أن يقف الرجل عند مدخل السوق وينزل زوجته لتتسوق بمفردها، حيث يُتاح للنساء حرية التسوق بعيدًا عن الزحام لصغر أزقة السوق، أما الرجال، فكانوا يقضون وقتهم في المقاهي القريبة أو في سوق الزل وسوق الخياطين القريبين على أطراف السوق، خاصة في بدايات سوق السدرة كانت توجد محلات تبيع الأواني وبعض المستلزمات الرجالية على طول الطريق، كما كانت المقاهي الشعبية القليلة تقدم القهوة والشاي والسندويشات للرجال المنتظرين، بينما النساء يقضين حاجتهن في السوق، وفي منطقة قريبة من هذه الأسواق كان يقع ميدان الصفاة، الذي يُعتبر متنفسًا للجلوس والتنزه، حيث يجلس البعض في حدائقه انتظارًا لأهله المتسوقين. كان هذا التنسيق يوفر راحة للنساء، إذ يُتيح لهن التسوق بحرية «كأن السوق لهن وحدهن»، بينما كان الرجال يقضون أوقاتهم في الأماكن القريبة، مثل: سوق الزل أو شارع الثميري، حيث تُباع المستلزمات الرجالية شكلت هذه الأسواق التراثية جزءًا من الحياة الاجتماعية والثقافية لسكان الرياض، حيث جمعت بين الطابع الشعبي والأصالة، ورغم إزالة سوق السدرة ضمن خطط التطوير لا تزال ذكراه حاضرة في أذهان من عاصروه، بينما يواصل سوق سويقة تطوره ليبقى شاهدًا على جزء من تاريخ المدينة العريق وتراثها الأصيل. *المشرف على ديوانية آل حسين التاريخية السوق الشعبي ذكريات تستثير الحنين عبدالعزيز بن سليمان الحسين *