شهدت العملات الرقمية ارتفاعات قياسية، حيث تجاوز سعر عملة البتكوين حاجز 75 ألف دولار، مدعومة بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في السباق الرئاسي الأميركي، حيث يُعد ترمب من أبرز المدافعين عن تقليل القيود المالية والضرائب على الاستثمارات الخاصة، ويُتوقع أن يسعى إلى بيئة تشريعية أكثر مرونة للعملات الرقمية، مما يثير توقعات بطفرة جديدة في هذا القطاع. دعم محتمل يقوده القطاع الخاص تُشجّع سياسات ترمب الاقتصادية الاستثمارات الخاصة، ومن المرجح أن تشمل هذه السياسات قطاع العملات الرقمية. بينما تطور الصين عملات رقمية مركزية مدعومة حكومياً، تميل الولاياتالمتحدة إلى سياسات السوق المفتوح، رؤية ترمب لتحرير السوق قد تجذب مزيداً من الاستثمارات في العملات الرقمية، إذ يدرك الإمكانات الاقتصادية الهائلة لهذا المجال. يؤمن المؤيدون بأن سياسات ترمب قد تستقطب مستثمرين جددًا، مما سيدفع الشركات المتخصصة إلى توسيع أعمالها والاستثمار في التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوكشين. مع ذلك، فإن انفتاح السوق قد يثير مخاوف بشأن الاحتيال، التهرب الضريبي، والجرائم المالية. تقلبات مستمرة ومنذ إطلاقها في عام 2009، مرت العملات الرقمية، وخصوصاً البتكوين، بدورات متكررة من الصعود والهبوط، واشتهرت بتغيرات كبيرة في قيمتها. على سبيل المثال، في عام 2017، تجاوزت البتكوين حاجز 20 ألف دولار قبل أن تتراجع بشكل حاد. وفي عام 2020، أدت أزمة كوفيد-19 إلى صعود جديد في العملات الرقمية، حيث لجأ المستثمرون إلى الأصول الرقمية للتحوط ضد الاضطرابات الاقتصادية، لتصل البتكوين إلى أكثر من 30 ألف دولار بحلول نهاية العام. هذا العام، سجلت العملة ارتفاعاً جديداً بلغ 73,797.98 دولارًا في مارس، بدعم من تزايد استخدامات البلوكشين وإقبال المستثمرين. ويُعزى الارتفاع الأخير فوق 75 ألف دولار إلى تجدد الآمال في دعم ترمب للسوق. وتلعب التشريعات الأمريكية دوراً حاسماً في توجيه مستقبل العملات الرقمية. تشرف هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) وهيئة تداول السلع الآجلة (CFTC) على هذا السوق وتضع قوانين لحماية المستثمرين وتقليل الأنشطة غير المشروعة مثل غسل الأموال والاحتيال. تشريعات محتملة قد تركز سياسات ترمب على خفض الحواجز أمام الابتكار في العملات الرقمية وتقليل التشدد التنظيمي، مما يسمح للشركات بالعمل بحرية أكبر. تسعى إدارته عادةً لتحرير الأسواق، وقد يطور قوانين تحد من الرقابة المفرطة وتعزز استخدام العملات الرقمية في الاقتصاد الأميركي. من المحتمل أيضاً أن تُلغى تشريعات تعيق الشركات الصغيرة والمستثمرين الأفراد من دخول السوق الرقمي، في إطار دعمه للقطاع الخاص وتقليل الضرائب. في المقابل، سيواجه هذا التوجه تحديات من الأطراف التي تخشى مخاطر الاحتيال والجريمة المالية في هذا السوق. قد يسعى ترمب إلى وضع قوانين داعمة للبنوك التي ترغب في تقديم خدمات العملات الرقمية، ما قد يؤدي إلى نمو السوق واعتماد العملات الرقمية بشكل أوسع. تلعب التشريعات دوراً مهماً في استقرار أو تقلب السوق، إذ يمكن أن تحد القوانين من التقلبات الكبيرة، مما يعزز ثقة المستثمرين. ومع ذلك، قد يؤدي تخفيف القيود إلى زيادة التداول، ما يعيد دورات الارتفاع والانخفاض الحاد في الأسعار. من خلال تحقيق توازن بين دعم الابتكار وحماية المستثمرين، يمكن أن تنمو العملات الرقمية بشكل مستدام في الولاياتالمتحدة. إنهاء السياسات المعادية وكان الحزب الجمهوري قد أكّد في خطته السياسية على دعم الابتكار في مجالات العملات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، واستكشاف الفضاء، وتعهد الحزب، بقيادة ترمب، بالتصدي لما وصفه ب»الحملة غير القانونية ضد العملات الرقمية» التي تنفذها الإدارة الديمقراطية، كما وعد بحماية حقوق الأمريكيين في تعدين الأصول الرقمية وامتلاكها وتداولها بحرية، دون تدخل حكومي. وخلال مؤتمر بيتكوين 2024 خاطب ترمب عشاق العملات الرقمية، مؤكداً عزمه على إنهاء السياسات المعادية للعملات الرقمية عند توليه السلطة. ومع ذلك، تواجه هذه الرؤية تحديات، لا سيما اقتراح ترمب بضرورة تعدين عملة بيتكوين محليًا داخل الولاياتالمتحدة، وهو ما يتعارض مع مبدأ اللامركزية الذي تتمسك به بيتكوين. بينما يرى بعض خبراء العملات الرقمية أن الولاياتالمتحدة يمكنها قيادة مجال التعدين، إلا أن توطين كل الأنشطة داخل البلاد يهدد القيم الأساسية لبيتكوين. إضافة إلى ذلك، اقترح ترمب إنشاء احتياطي وطني من عملة BTC كوسيلة لمواجهة الدين الوطني المتزايد، والذي تجاوز 35 تريليون دولار. لكن هذا الاقتراح يصطدم بعقبات قانونية، خاصةً أن جزءًا من عملات بيتكوين التي تملكها الحكومة مرتبط بقضايا جنائية، ويجب إعادتها إلى أصحابها الشرعيين في بعض الحالات.