ضمن حراك برامج رؤية 2030، التي تستهدف وطناً قوياً ومتطوراً، ينعم بكل وسائل التنمية المستدامة، لم تغفل الرؤية أن تهتم بقضايا البيئة، وتسارع في حل مشكلاتها المُقلقة، إيماناً من قادة البلاد بأن تحقيق التنمية مرهون بإيجاد بيئة سليمة وصحية، تحتضن أدوات هذه التنمية. جهود المملكة في هذا المسار، كانت شاهدة على دولة محورية بمنطقة الشرق الأوسط، استشرفت الخطر البيئي، وقررت أن تتحمل المسؤولية، فأعلنت عن ثلاث مبادرات تستهدف حفظ البيئة والإنسان والموارد الطبيعية، ليس داخل المملكة فحسب، وإنما في عموم المنطقة والعالم، أولى هذه المبادرات «الرياض الخضراء»، ثم «السعودية الخضراء»، فمبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»، فضلاً عن التجاوب مع المبادرات التي تتماشى مع توصيات المنظمات الدولية المتخصصة في الشأن البيئي. استشعار المملكة بخطورة مشكلات البيئة وتأثيرها المدمر للحياة، دفعها أخيراً إلى توجيه نداء إلى مؤتمر الأطراف (كوب 16)، تدعو فيه المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات قوية بشأن التصدي لتهديدات الجفاف، والعمل على استصلاح الأراضي، واستعادة خصوبتها، في إشارة إلى أجندة الموضوعات التي سيركز عليها المؤتمر، الذي يعقد في الرياض بعد نحو شهر من الآن. لم يأت نداء المملكة من فراغ، وإنما من إدراك قوي وخبرات متراكمة تؤكدان أن التنمية المستدامة بمفهومها الشامل، من تنمية بشرية واجتماعية واقتصادية، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالبيئة، وما تحتويه من موارد طبيعية تسهم في تفعيل برامج التنمية، عبر آليات عمل دقيقة، تعمل على تعزيز الترشيد في استهلاك هذه الموارد، مع المحافظة عليها للأجيال القادمة، ولا يتحقق ذلك بدون التحالف العالمي، والتنسيق بين الدول، لحل أي مشكلات بيئية، قد تعطل برامج التنمية، أو تؤثر على نتائجها المتوقعة، وتجسد هذا المشهد في مشكلات بيئية كثيرة، أبرزها ظاهرة الاحتباس الحراري، والتصحر، وندرة مصادر المياه العذبة. المؤشرات الحالية، تؤكد أن المملكة استعدت جيداً لتنظيم «كوب 16»، وستخرج منه بتوصيات مهمة، ليس لسبب، سوى أن للمملكة تجربة ثرية في برامج التعامل المثالي مع تحديات البيئة، يضاف إلى ذلك أن المؤتمر سيمنح الفرصة للخبراء والقطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية للمشاركة، من أجل الخروج بحلول علمية وعملية للحد من تدهور الأراضي، بالإضافة إلى إمكانية الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي تقدر بنحو تريليون دولار لاستصلاح الأراضي في العالم.