«رجع أكتوبر» بداية لاستعارة المقطع الأول من أغنية السيدة فيروز «رجع أيلول»، المدينة الفاخرة التي كانت صامتة منذ سنين طويلة، أصبحت المدينة الصاخبة التي تضاهي وبدون مبالغة أشهر المدن العالمية التي كنا نحرص على زيارتها، وإن كانت الرياض تفوقت بوجود الحياة الطبيعية، وأصبحت المدينة التي لا تنام. شخصياً عاصرت الرياض بمراحل كبيرة، كانت تمثل لنا حالة عشق غريبة، مدينة رغم جمال تنظيمها، إلا أنها كانت قاسية وطاردة وفي الوقت نفسه لا تستطيع أن تبتعد عنها كثيراً، تحن لها رغم أنها صامتة لا تتحدث، فيكون العشق من طرف واحد وهو أصعب أنواع الهيام، عندما تعشق مدينة صامتة وأنت على أقل من ساعة بجانبك المدن الأخرى صاخبة وجاذبة ولكن لا تمثل حالة عشق كعلاقتنا بالرياضالمدينة. موعدنا موسم الرياض، عبارة اعتدنا عليها من سنوات، موعدنا أكتوبر، موعدنا الرياض، داخل السعودية ولأصدقائنا من خارج السعودية، عبارة نرددها كل عام، مع بداية الانطلاقة الشهيرة بجملة معالي المستشار تركي آل الشيخ «أعلن افتتاح موسم الرياض..»، الموسم الذي تتقلده الرياض بعقد فاخر منذ خمس سنوات، يزدان بأفخم الفعاليات والأحداث العالمية، نعم العالمية والمنوعة والتي تضاهي بتنظيمها وتنوعها وشهرتها أي فعاليات عالمية من الظلم أن نقارنها بالرياض وموسمها. الأحد الماضي وفي لحظات وتعابير مختلفة، وداخل منطقة بوليفارد وورلد، كنت أراقب الرجل الكبير بالسن وهو مشغول بجواله يصور معالم المكان، والأجواء حوله مختلفة، هي بالنسبة له ولي أيضاً وللكثير من أبناء جيلنا كالحلم، نعم من عاصر السعودية بكل تفاصيلها قبل العهد الزاهر، سيعرف الفرق، سيعرف أننا كنا جيلاً مظلوماً بكل ما تعنيه الكلمة، سيجد أن العالم بكل ثقافاته وفنونه وحضاراته جاء إليه، عكس الهجرة التي كنا نعتبرها المتنفس لنا عندما نغادر مدننا بالسعودية للبحث عن الترفيه البريء، كان الزوار وبشعور مختلف يشعرون بسلاسة تنظيمية رائعة، والجميل أن هذا العام أضيفت الأماكن السعودية فكانت مدننا الجميلة بعبقها التاريخي حاضرة بصورة مُتقنة وغير تقليدية. مصر، إيران، تركيا، سوريا، الهند، الصين، فرنسا، المكسيك، إسبانيا، إيطاليا، أمريكا، إفريقيا، والكثير جميعها محفوفة بالحب عند الدخول لهذه الدول داخل البوليفارد وورلد من بوابات المدن السعودية التي ازدانت هذا العام بوجودها بالموسم بصورة مختلفة. لا تكفي الزيارة أو أكثر، لأنك داخل منطقة ترفيهية مختلفة وبمواصفات عالمية، ستجد نفسك في الختام، وأنت بأجواء المنطقة الجنوبية وتحديداً معالم بيوت «رجال ألمع» قبل مغادرتك، تردد معهم وبحب وعلى أنغام الفنون التراثية الجنوبية: «الله ينصرك يا محمد..».