لعل من المناسبات البارزة الشهر الماضي هو ملتقى الصحة العالمي بشعاره «استثمر في الصحة»، الذي أخذنا نحو الاستثمار في صحة الأفراد، والاستثمار في القطاع الصحي، والاستثمار في المستقبل. لكن هذا العام، حجم الصفقات والاستثمارات في الملتقى تجاوزت 55 مليار ريال، مقارنةً بنسخته العام الماضي، ما يعطي انطباعاً كبيراً وإيجابياً للحراك الذي يحدث في القطاع الصحي والتحول الذي يشهده، خصوصاً أن هذا الملتقى السنوي أضحى وجهةً عالميةً لكل الشركات والمتخصصين والمهتمين والممارسين الصحيين، ولكل من له علاقة بالصحة. لذلك، الملتقى لم ينحصر فقط في الجانب الاستثماري، إنما كان له دور كبير في الجانب التوعوي، وإشراك الجمهور والمهتمين والمتخصصين في رحلة تحول القطاع، تحت قيادة بارعة من معالي وزير الصحة الأستاذ فهد الجلاجل، الذي قال في الملتقى: «نريد أن تكون المملكة مركزًا لمواجهة التحديات العالمية من خلال نهج حكومي واحد تحت رؤية 2030، وعملاً بمبدأ الصحة في كل السياسات، ومن خلال تطوير تنظيمات تدعم الاستثمار في الاختراع والابتكار، وبناء نظام صحي يطلق العنان بقوة الحلول الرقمية والذكاء الصناعي، وتطوير القوى العاملة الصحية المحلية، وجذب أفضل المواهب من جميع أنحاء العالم». اليوم، حينما نتحدث عن القطاع الصحي فإننا نتحدث عن قطاع يتحول إلى منتج، بفضل الله ثم الجهود الحثيثة التي تبذل في مجالات تطوير البحث والابتكار، والذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية، وتوطين صناعة المنتجات الدوائية، وتطوير الكفاءات الصحية، وتطبيق نظم جودة ومعايير عالمية، وتشجيع القطاع الخاص والشركات على الاستثمار في المجال. هذه الخطوات ستقود في المستقبل إلى قطاع كبير زاهر بمخرجاته ينعكس على وطننا ومجتمعنا، ويرتقي بمستوى الرعاية الصحية. وإذا ما اقتربنا أكثر، سنلاحظ الجهود في تعزيز القدرات الإنتاجية، من خلال اتفاقية توطين ما بين 6 إلى 7 بنود من منتجات الإنسولين، والتي أُعلن عنها في الملتقى بقيمة إجمالية تقدر بنحو 3.5 إلى 4 مليارات ريال سعودي، لتعزيز ريادة المملكة في الصناعة الطبية والدوائية. هذه ضمن عدد كبير من الشراكات والاتفاقيات التي سيكون لها دور في مستقبل القطاع، خصوصًا أن المملكة هي أول دولة إقليمية وصلت إلى مستوى النضج الرابع في مجال تنظيم الأدوية واللقاحات، كأعلى مستوى في تصنيف المنظمة في المنطقة، وهي الأعلى إقليمياً في استثمارات الرعاية الصحية. هذه الفرص الاستثمارية تنمو بشكل مستمر، وتتعزز كل عام ونلاحظها في الملتقى. أخيرًا، نحن نعيش عصراً ذهبياً للقطاع الصحي، فالمملكة اليوم لديها أكبر مستشفى افتراضي على مستوى العالم. هذا نتاج رؤية طموحة وتحول صحي ينشد القمة ليس إقليمياً إنما عالمياً. نحن متشوقون للعام المقبل من الملتقى الذي -بلا شك- سيكون مبهِراً، مختلفاً، ومميزاً.