تحت شعار «استثمر في الصحة»، أقيم ملتقى الصحة العالمي 2024، حيث شهد حضوراً عالمياً يعد الأكبر في تاريخه، بمشاركة أكثر من 1000 مستثمر من أكثر من 70 دولة، يضم أكثر من 60 شركة ناشئة، ومجموعة كبيرة من رواد الأعمال، وأكثر من 500 خبير ومتحدث، في أكثر من 100 جلسة حوارية، بهدف تبادل الخبرات واستعراض أفضل الممارسات والابتكارات والتقنيات الطبية الحديثة. الواقع يشهد أن الملتقى منذ انطلاقته عام 2018م، وحتى نسخته السابعة وهو يتطور بسرعة كبيرة وعالية، حتى أصبح مركزاً عالمياً يجمع كبرى شركات ومؤسسات الاستثمار في صحة الأفراد والأعمال في العالم، ولعل حجم المشاركة الكبير في النسخة الأخيرة أكَّد حضور وطننا القوي على الساحة العالمية، وعزز أهميته لمجتمع الصحة. يعكس «ملتقى الصحة العالمي» رؤية وطننا الطموحة 2030 في أن يصبح أحد رواد العالم في مجال الابتكار في الأنظمة الصحية، خاصة مع التركيز الكبير على تعزيز الرعاية الصحية التي تعتبر حجر الأساس لتحقيق التغطية الصحية الشاملة وأهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة، فضلاً عن أنه يوفر منصة لتشجيع الاستثمار النوعي في القطاع على الصعيدين المحلي والدولي. اهتمام الدولة بالفرص الاستثمارية في القطاع الصحي لم يكن من فراغ، وإنما مرده إلى التطور الهائل فيه وانعكاساته العظيمة على اقتصاد المستقبل، حيث إن المملكة هي الأعلى إقليمياً في استثمارات الرعاية الصحية، وأكبر طرح في السوق السعودي لهذا العام كان لمجموعة فقيه للرعاية الصحية، وسبقه اكتتاب مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الذي كان من الأكبر في حينه، وبذلك يكون القطاع الصحي هو الأعلى نمواً في السوق السعودي. من دون أدنى شك فإن ملتقى الصحة العالمي 2024، ساهم في تعزيز منزلة المملكة مركزاً عالمياً للابتكار، ووجهة دولية مفضلة للاستثمار الأجنبي المباشر في مجال الصحة، وبما ينسجم مع توجهات الدولة نحو خلق بيئة ترفد الابتكار والإبداع، وتمكن الشركات والمؤسسات من استكشاف الإمكانات اللامحدودة للفرص الاستثمارية الصحية المتنامية. ما وقع كان بخطة واضحة المعالم والأسس، جاءت وفق رؤية واضحة ومنهجية واستراتيجية متطورة للقيادة الرشيدة - أعزها الله -، من أجل تعزيز ريادة الوطن في المشهد الصحي والحلول الرقمية والذكاء الاصطناعي العالمي، وهذا ما أكَّده معالي وزير الصحة الأستاذ فهد بن عبدالرحمن الجلاجل خلال كلمته في حفل الافتتاح، ما يجعل المملكة الأكثر استعداداً للمستقبل وتطوراته التقنية السريعة، وتحولنا الصحي بخطوات عملية وملموسة. لقد أيقنت المملكة مبكراً أهمية الرعاية الصحية، فزادت تركيزها عليه في ظل الرؤية السعودية 2030 بغرض تحسين خدماتها الفريدة، حيث ازدادت أعداد المستشفيات والمراكز الصحية وأصبحت هناك رقابة دوائية وأنظمة طبية، وتطور الطب لدينا، وصار وطننا وجهة علاجية عالمية، ونفخر اليوم باعتراف منظمة الصحة العالمية بخلو المنتجات الغذائية في المملكة من الدهون المتحولة، لتكون المملكة في طليعة الدول الحاصلة على هذا الاعتراف، كما أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن المملكة ممثلة بهيئة الغذاء والدواء هي أول دولة إقليمياً وصلت إلى مستوى النضج الرابع، في مجال تنظيم الأدوية واللقاحات بصفته أعلى مستوى في تصنيف المنظمة. إن الرياض بروعة تنظيمها هذه التظاهرة الصحية أصبحت عنواناً للإلهام والإبداع والابتكار، وقبلة لكل النابغين والموهوبين والمبدعين والمبتكرين في جميع المجالات، خاصة في علوم الحلول الرقمية والذكاء الاصطناعي، بفضل ما تهيأه من فرص حقيقية نادرة تلفت أنظار العالم وتستقطب أفضل العقول والمهارات في المحيط الإقليمي والعالمي. وغني عن القول إنه ما كان لوطننا الحبيب أن يصل هذه المنزلة العالمية المميزة؛ لولا أن وهبه الله سبحانه وتعالى قيادة حكيمة، لديها رؤية ثاقبة وبصيرة نافذة ومستنيرة، وتتمتع بقوة وعزيمة وإرادة لا تلين، وإصرار كبير ومثابرة لا تعرف المستحيل. أسأل الله تعالى أن يحفظ لهذا الوطن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، وأن يعتلي المجال الصحي مراتب التميز، وأن يديم لهذا الوطن صحة أفراده ومجتمعه.