ما زال الإعلام الفروسي يشغل مساحة قلمي الإعلامي إما لقناعتي بأن المملكة العربية السعودية هي صاحبة أكبر الفرص وأكثرها لصدارة المشهد العالمي في رياضة الفروسية، وإما لأن الإعلام الفروسي لم يأخذ حقه كما هو مأمول أو مطموح. وفي كلتا الحالتين تزداد أهميته في ظل التسارع المعرفي والتقني وتطور الإعلام الرقمي، وفي ظل ما تحققه المملكة من تطور في هذا المجال لو حدث نصفه أو أقل في مكان آخر لأقام الإعلام الدنيا ولم يقعدها احتفاء بإنجاز بسيط لا يمكن مقارنته بالقفزات النوعية التي شهدتها رياضة الفروسية السعودية وما زال الإعلام يتناولها بتواضع إذا ما قيست بإنجازاتها. وبتقديري لا يمكن لرياضة الفروسية السعودية أو غيرها من الرياضات أو في أي من المجالات أن تشهد مزيدا من نقلاتها ما لم ترفدها ثلاث عقليات أساسية: عقلية العالمية، عقلية الإدارة، وعقلية الإعلام. وهذه العقليات الثلاث تواجدت في النموذج السعودي وبقوة، بل وأثرت به في فكر رؤية المملكة 2024 التي نقلت وطنا بكل مكوناته إلى الريادة والطليعة، وفي مجال الفروسية حضرت العقلية العالمية من خلال ما يعرف بعقلية القائد العالمي التي وجّه بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أدام الله بقاءه- وحملها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -يحفظه الله-؛ فكان التخطيط أولاً، والدعم ثانيًا لكل محفل يعزز رياضة الفروسية ويهتم بشأنها وشأن من ينتمي إليها، فهي قبل أن تكون صناعة سعودية بكل فخر، هي صناعة الفرسان من قادة المملكة، فعقلية الفارس رسخت منذ وقت طويل في ذهنية خادم الحرمين الشريفين في كل موقع مسؤولية تسلمه، وترجمها سمو ولي العهد إنجازات على أرض الواقع يفاخر بها كل سعودي اسمًا ووسمًا. أما عقلية الإدارة فمن الإنصاف أن نردها إلى تجربة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن سلمان -يحفظه الله-، الذي جمع إلى عقلية الفروسية بالأصل والنسب عقلية الإدارة التي تحتاجها هذه الرياضة، والتي تقوم على معطيات الأداء المتوازن في التخطيط والتنظيم والتنفيذ وتحقيق المكاسب السريعة، فهو في وقت وجيز عزز سوق الاقتصاد الفروسي السعودي، ودعم الإنتاج السعودي باستقطاب الفحول ذات القيمة، واستقطب مدربين سعوديين وأجانب لتعزيز القدرات المحلية وتوطين الممارسات العالمية، كما أتاح الفرصة لجميع المنتجين بالاستفادة من مزرعته وإمكانياتها دون حدود، ودعم الملاك بالمشتريات والدعم الخاص وبالكؤوس لضمان استمرارية المسابقات واستدامة نتائجها التطويرية لهذه الرياضة. ورغم حداثة الاسطبل الذي تشرف عقليته الإدارية عليه فقد حقق كأس المؤسس الملك عبد العزيز أكثر من مرة، وأشار في أكثر من لقاء إلى ضرورة تبني نادي الفروسية لمبادرات حقيقية وفعلية في تعليم وتثقيف المجتمع بهذه الرياضة والشأن الفروسي بشكل عام. أما عقلية الإعلام فمن الإنصاف أيضًا القول إنها توفرت بمساحة وافية في رياضة الفروسية وأحداثها وفعالياتها الكبرى رغم تراجعها قليلا عن المأمول في بقية المنافسات الأخرى. وفي غياب كيان إعلامي خاص بهذه الرياضة يحاول الإعلاميون السعوديون إثراء هذه الرياضة من خلال مبادرات متميزة أشهرها وأكثرها تفاعلا تجربة الإعلامي السعودي سعود المغيري صاحب الامتياز للبودكاست (رسن) الهادف للمشاركة في تطوير الفروسية السعودية من خلال استضافة المفكرين والملاك والمدربين والخيالة وطرح كل ما فيه صالح الفروسية وحاضرها مستقبلها، فضلا عن كونه محللًا ومؤثرًا في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أثار العديد من القضايا الهامة بالفروسية ورياضتها، وكأنه يؤسس لانطلاقة هذا الإعلام عالميا بعد أن يمكّن وطنيًا، وهي خطة إعلامية تنم عن فكر جاد، واهتمام يسجل له ولرياضة الفروسية في المملكة. واليوم، ونحن على أبواب انطلاق موسم سباقات الرياض الذي عرفناه معززًا لموروثنا العريق وأصالتنا وتاريخ وطن كتب له التوحيد على صهوة الجواد وبأيدي الفرسان، نكرر الدعوة لتجربة جديدة في إعلام الفروسية، ومشاركة أوسع للإعلاميين من ذوي الاهتمام، وتقريبهم إلى ميادين السباقات عبر تنظيم يجمعهم ويستمد فكره من عقليات العالمية والإدارة إضافة إلى الإعلام، وهو مطلب يسهل تحقيقه خاصة إذا ما كان بين يدين أمينتين على هذه الرياضة نشهد بها شهادة حق لا نحيد بها لصاحب السمو الملكي الأمير بندر بن خالد بن الفيصل يحفظه الله رئيس مجلس إدارة الهيئة العليا للفروسية، ومجلس إدارة نادي سباقات الخيل. مسند عايد الشمري