تميل الطبيعة البشرية في بعض جوانبها إلى الفوضى والانفلات والركون للفردانية، لذلك أنزل الله -عز وجل- الشرائع السماوية لتنظيم الحياة بين البشر ولكي تستقر وتستقيم على الأرض. فالبشر يجدون مرجعيتهم في التشريعات الإلهية التي تحقق العدالة وتحفظ الحقوق، وبها ينتصر المظلوم على الظالم وتنتظم الحياة وتحفظ الضروريات الخمس، وتتحقق العدالة والمساواة بين الجميع وغيرها من الفوائد البناءة. ومن الآيات القرآنية الدالة على ذلك قول الله تعالى: "وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا" (النساء: 125). ومن الأحاديث النبوية قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الحلال بيّن، وإن الحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" (متفق عليه). وعلى إثر ذلك، عملت الدول بتلك التشريعات وانتظمت الحياة وأردفتها بالأنظمة والتشريعات الحياتية التي حققت المساواة والعدل بين الناس وحسنت من جودة الحياة، وحققت التوازن بين حقوق الفرد وواجباته تجاه مجتمعه وقضت على الفساد في زمننا المعاصر، ومع التقدم التكنولوجي أصبح العالم يعيش في قرية واحدة، والدول التي حققت لها مكانة بين الآخرين كان مبدؤها الأساس تحقيق العدالة للجميع من خلال تطبيق الأنظمة. كان في أيام الجاهلية يبغي القوي على الضعيف والغني على الفقير والعربي على الأعجمي، وعندما جاء الإسلام جعل العلاقة بين الجميع مبنية على الأخوة والمحبة، فلا فرق بين أعجمي وعربي إلا بالتقوى. النزعة البشرية والفردانية ما زالت متأصلة في بعض البشر، فهي تحب لنفسها ما لا تحبه لغيرها وتتمنى أن يحصل لها كل ما هو خير وأن تُقدم وتوضع لها مكانة حتى وإن كان على حساب ظلم الآخرين أو التقدم بين أيديهم. وعندما لا يحصل لها ذلك تبدأ بالانفلات والتهجم على الشريعة والتشريعات والأنظمة أياً كان مصدر عدم تحقيق مرادها. قد يكون الإنسان في منزلة عالية في الدنيا كأن يكون في منصب رفيع أو من أحد المشاهير فيدخله الغرور ويرى أنه مقدم على غيره في كل مكان حتى وإن كان على حساب ظلم غيره أو عدم تحقيق العدالة، ويرى أنه قد ملك الدنيا وأنه لا بد أن يُقدم حتى وإن كان على حساب كسر الأنظمة، وهذا ما لا يرضاه دين ولا عقل، فالعدالة بين البشر تبعث الطمأنينة والراحة النفسية بين الجميع. ومن نعم الله -عز وجل- أن المملكة العربية السعودية بقيادتها الحكيمة وضعت الأنظمة والتشريعات وقضت على الفساد وجعلت البلاد موطناً للعدل بين المواطن والزائر والمقيم وحسنت جودة الحياة، وبهذا تربعت بين الدول التي تطبق القانون بعدالة ونزاهة، واحترام قادتها وشعبها لقوانينها المستمدة من شرعها الحكيم، ولهذا تميزت المملكة بالأمن والأمان، فتحقيق العدالة والقضاء على المفسدين والمتجبرين الذين يرون أنهم قد ملكوا الدنيا ومقدمون على غيرهم، واجب ديني وضرورة وطنية. فبالعدالة تسود المحبة والترابط بين الشعوب مما يسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين جودة الحياة وبالتالي تحقيق العيش الكريم للإنسان وتعزيز السلام والأمن المجتمعي، فالحياة الجيدة هي حق للجميع. وهناك من يخرج بين فينة وأخرى قد ينتقص من بلادنا المملكة العربية السعودية، وهذا ليس إلا حقداً وحسداً من عند أنفسهم. فبلادنا قوية بقيادتها وشعبها ودستورها الكتاب والسنة، فلا يضرها كل ناعق بل جعلت من هؤلاء المتآمرين سلماً للصعود للنجاح والتميز في العطاء. اللهم احفظ لنا قادتنا وشعبنا من كيد الكائدين إنك على ذلك قدير وبالإجابة جدير. مشاري بن محمد بن دليلة مشاري بن محمد بن دليلة