لطالما كنت على قناعة بأن الإيطالي روبرتو مانشيني لم يكن الخيار الأمثل والذي يمكن الرهان عليه في بناء منتخب سعودي يستطيع المنافسة قارياً فضلاً عن التأهل لكأس العالم ومن ثم الذهاب بعيداً في البطولة العالمية، وكنت وما زلت على يقين بأن التجربة مع مانشيني ليست تختلف كثيراً عن تجربة التعاقد مع الهولندي فرانك ريكارد قبل 12 عاماً تقريباً. وبغض النظر عن نتيجة مباراة منتخبنا أمام البحرين وقبلها الخسارة من اليابان، فإن حالة المنتخب العامة لا تشي بقدرته على تحقيق الطموحات والآمال العريضة للجماهير السعودية، فالانسجام غائب والمنهجية غير واضحة علاوة على وجود مشكلات كبيرة تتعلق بجودة اللاعبين في بعض المراكز، فضلاً عن وجود علامات استفهام حول اختيارات معينة، وهي العلامات التي لطالما كانت تحيط بكل المدربين ولست بوارد استعراضها هنا. الحقيقة أن شكل المنتخب السعودي وهويته الحالية أدخلت حالة كبيرة من الشك لدى المشجع البسيط والذي يتعرض لسيل هائل من المعلومات والآراء التي تلبس رداء النقد، وهو ما يزيد من حالة الغضب والاحتقان لديه سواء كان نقداً موضوعياً أو لم يكن. لكن الأكثر خطورة هي ظهور حالة من التجني والتشكيك والاستهداف الواضح للاعبين معينين يمثلون أندية منافسة من قبل ضيوف برامج مُنحوا صفة "الناقد الحصري" وهم أبعد ما يكونون عن ذلك، إذ يميل هؤلاء إلى الاستنقاص والتقليل من مواهب لها تأثيرها وحضورها، في محاولات مكشوفة لاستغلال حالة عدم الرضا الحالية من أجل تحقيق مكاسب لا تتجاوز ألوان شعارات الأندية. لم ولن يكون بمقدور هؤلاء أن ينبسوا ببنت شفه تجاه أي من أولئك اللاعبين لو كانوا يمثلون فرقهم أو فرقاً على علاقة جيدة بفرقهم، لكنها الانتقائية الهابطة والسقوط في وحل التعصب المغلف بمفردات مصففة ليظهر من خلالها الناقد المزعوم قدرته على قراءة الأحداث والمواقف فضلاً على قدرته تقييم المواهب من منظور فني بحت وهو الذي لم يلمس كرة القدم طوال حياته. أتعاطف كثيراً مع القائمين على المنتخب في مجهوداتهم لإبعاد اللاعبين عن أثر هذا الضجيج المفتعل، وإن كان على إدارة المنتخب نفسها وعلى منظومة المنتخب واتحاد الكرة عموماً الكثير من علامات الاستفهام حول عملهم في ملفات كثيرة، وهذا ليس وقت تناولها قبل الانتهاء من معمعة التصفيات والخروج من حالة الشكل تلك والوصول بثقة وجدارة للمونديال.