مثلما كان المشهد في النسختين الأولى والثانية، نجح ملتقى الأكاديمية المالية 2024 في نسخته الثالثة، في توثيق حجم التطور التقني في القطاع المالي السعودي خلال ما مضى من عمر رؤية 2030، كما نجح في تمهيد الطريق نحو طفرات تقنية قادمة، سيشهدها القطاع ذاته خلال ما تبقى من سنوات الرؤية، في مشهد يؤكد أن الأكاديمية باعتبارها إحدى مبادرات برنامج تطوير القطاع المالي التابع للرؤية، ساهمت في تحقيق مستهدفات البرنامج، وأهلت أكثر من 50 ألف متخصص للعمل في القطاع، مع تقديم أكثر من 49 برنامجًا واختبارًا تأهيليًا. التطور في القطاع المالي السعودي، تترجمه الأرقام والإحصاءات، التي أشارت إلى وصول قيمة الاستثمار الجريء بشركات التقنية المالية بنهاية الربع الثاني من العام الجاري إلى 7.1 مليار ريال، وبلوغ حصة المدفوعات الإلكترونية بقطاع التجزئة 70 % من إجمالي قيمة المدفوعات للعام 2023م، فيما وصل عدد الجهات الفاعلة بمجال التقنية المالية للعام 2023م، 216 جهة، متجاوزاً المستهدف وهو 150 جهة. لا يحتاج المتابع لتاريخ الأكاديمية جهداً كبيراً ليدرك أن ملتقى الأكاديمية المالية بات في وقت قصير جداً، منصة مهمة لتبادل الخبرات والمعارف بين صناع القرار والمهنيين في القطاع المالي، كما ساهم في تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والخاصة والأكاديمية، وفتح آفاقًا جديدة للابتكار والتطوير في القطاع المالي، الأمر الذي يجعلنا نركز على ثمار النسخة الثالثة من الملتقى، التي عكست التزام المملكة بتطوير القطاع المالي، وبناء كوادر بشرية مؤهلة قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. من ثمار النسخة، تسليط الضوء على التميز الحاصل في القطاع المالي، من بوابة استخدام برامج تدريب متطورة، واستحداث مبادرات نوعية، للارتقاء بالقطاع، أبرزها الشراكة مع معهد المحللين الماليين المعتمدين (CFA) ومركز سوتاردجا، والحصول على اعتماد معهد التأمين القانوني (CII)، فضلاً عن مبادرة تأهيل القادة في قطاع التأمين. وتوج الملتقى جهوده بنجاح آخر، تمثل في تفعيل تبادل المعارف والخبرات والتجارب بين ضيوف الملتقى والمتخصصين، بهدف الوصول إلى أفضل الممارسات في المجال، ولم يكن من قبيل المصادفة أن تحمل النسخة الثالثة للملتقى شعار "نمو مستدام للمواهب"، في إشارة إلى أن التأهيل المتقن للمواهب في القطاع المالي، هو الطريق الوحيد لقطاع مالي نموذجي، يحقق تطلعات رؤية 2030. ويُحسب للملتقى في نسخته الثالثة، أنه أدرج موضوعات مهمة، وسلط الضوء عليها، هذه الموضوعات ليس أولها دور القيادة في تفعيل الابتكارات الجديدة التي ترتقي بخدمات القطاع، وليس آخرها أهمية الاستفادة القصوى من برامج الذكاء الاصطناعي لخدمة القطاع، فضلاً عن تعزيز الاستفادة من البيانات المتوفرة في تعزيز خاصية "التنبؤ" بمستجدات القطاع، وهذا يمثل أكبر دعم لصانعي القرار، الذين يمكنهم الوصول إلى أفضل القرارات الاستراتيجية، للارتقاء بالقطاع المالي. ثمار النسخة الثالثة للملتقى، لم تقتصر على ما سبق، وإنما كانت هناك ثمار أكثر نضجاً، عندما مهد الطريق لعمل مؤسسي، ومستدام في تطوير وتعزيز مهارات العاملين في القطاع المالي، ومنح تلك النسخة مزايا نسبية إضافية، تشير إلى استمرار هذا الملتقى، وقدرته على تفعيل برامج التطوير والتدريب، والاستفادة منها.