ترتيب المنتخب السعودي في تصنيف فيفا    تشكيل الأهلي المتوقع أمام الشباب    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ حملة التطعيم ضد الانفلونزا الموسمية    تراجع أسهم البنوك العالمية مع تزايد مخاطر الائتمان والأسهم الأوروبية تمحو مكاسبها    WEMART تفتتح مهرجان الأطعمة اليابانية 2025 في الرياض    سالم الدوسري يُعلق على جائزة الأفضل في آسيا    زمزم من نسك.. تجربة جديدة لزمزم المبارك... عبوات 330 مل تصل لجميع مناطق المملكة    "قوة عطاء" تتألق في مبادرة التوعية بسرطان الثدي ببوليفارد صبيا    المنتدى السعودي للإعلام يعقد ورشة "جسور الإعلام" في كان    ليلة طرب.. السلطان وموضي والطلاسي يشعلون حماس جماهير جدة    جمعية عطاء تواصل تنفيذ برنامج "نور قناديل" لتعليم الأمهات    واجهة جازان البحرية.. لوحة تنموية تنبض بالحياة والجمال    خطيب المسجد النبوي: الدعاء سلاح المؤمن وسبيل الثبات في الشدائد    خطيب المسجد الحرام: العبد الموفق يعيش في خير لم يسأله ونعيم لم يتوقعه    ابتدائية مصعب بن عمير تعقد لقاءً توعويًا مع أولياء الأمور حول اختبارات "نافس" والاختبارات المركزية    النفط يتجه لتسجيل خسارة أسبوعية    في أجواء أسرية بهيجة.. عقد قران المهندس خالد القحطاني    سخاء المدني أول سعودية متخصصة في طب الفضاء والطيران    اختيار السغودية رئيسة للذكاء الاصطناعي عالميا    سباق الذكاء الاصطناعي تنافس بلا خط نهاية يهدد التوازن العالمي    د. عبدالحق عزوزي يترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية    هل استقام ظل لسلام الشرق الأوسط    انطلاق أضخم الفعاليات الدولية في صناعة الضيافة بمشاركة رواد القطاع بالمملكة    السواحه يناقش تعزيز الشراكة في تقنيات أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي    النهائي يتجدد بين ألكاراز وسينر في "Six Kings Slam الرياض 2025"    وزيرة الخارجية الفلسطينية تؤكد أهمية اتفاق شرم الشيخ    الاتحاد السعودي لكرة القدم أفضل اتحاد وطني في آسيا    الهلال بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للكرة الطائرة    موجة قصف إسرائيلية واسعة على جنوب لبنان    الأسهم الاستثمارية تغري الآباء للاستثمار لأبنائهم    ترامب: سألتقي «على الأرجح» ببوتين خلال أسبوعين    القبض على (3) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (54) كجم "قات"    الأمير عبدالعزيز الفيصل يترأس اجتماع مجلس أمناء مؤسسة الحلم الآسيوي بالرياض    آل الشيخ ل"الوطن": المملكة تسعى لنشر الإسلام الوسطي المعتدل في شتى أنحاء العالم    مجمع الملك سلمان يكرّم 12 فائزًا من 10 دول في مسابقة حَرْف    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    14 عالماً من جامعة الفيصل ضمن قائمة ستانفورد لأفضل 2% من علماء العالم    محمد بن عبدالعزيز يرعى لقاء وزير التعليم بأهالي منطقة جازان    إنقاذ حياة مريضة بتركيب صمام رئوي عبر القسطرة بدون جراحة    أمير القصيم يرعى حفل تخريج 167 حافظًا لكتاب الله    مائة معلم سعودي يشرعون في دراستهم بالصين لاستكمال برنامج ماجستير تعليم اللغة الصينية    وزير ا الصحة السعودي و المصري يبحثان تعزيز التعاون الصحي المشترك وتوطين الصناعات الدوائية    نيابة عن سمو محافظ الطائف وكيل المحافظة يطلق المؤتمر الدولي السابع لجراحة الأطفال    رئيس أمن الدولة يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    لضمان تنفيذ وقف النار.. استعدادات لنشر قوة دولية في غزة    الأخضر.. تأهل مستحق لكأس العالم    المرور السعودي: 6 اشتراطات لسير الشاحنات على الطرق    760 مدرسة تحصد مستوى التميز وتعيد صياغة الجودة    وزارة الشؤون الإسلامية تفتتح المسابقة الدولية الثانية لتلاوة القرآن الكريم وحفظه في كازاخستان بمشاركة 21 دولة    بوتين للشرع: حريصون على استقرار سوريا.. تعاون ومشاريع شراكة بين موسكو ودمشق    الفيلم السعودي «هجرة» يعبر إلى الأوسكار    موسم الرياض يطرح تذاكر «النداء الأخير»    أنف اسكتلندي.. حبة بطاطا    البرد يرفع مستويات السكرفي الدم    العمري يبحث احتياجات أهالي صامطة    أمير مكة: مشروع بوابة الملك سلمان يعكس اهتمام القيادة بالتنمية في المنطقة    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقدّمات اللّامنطقية في البلاغة الجديدة
نشر في الرياض يوم 10 - 10 - 2024

يرى برلمان وتيتيكا أنّ الحجاج يحظى بمقدمات تتعلق بالقضايا التي تمثّل نقطة الانطلاق الاستدلالي؛ حيث إنَّ الحجاج قبل أن يُصبح كيانًا لا بد له من أُسٍّ ومسلمات يقبل بها الجمهور، وتبرز قيمة هذه المقدّمات الحجاجية في الخطاب بصفتها مبادئ عامّة مشتركة بين المتكلّم والمتلقي حيث تعمل على إضفاء المقبولية على التوجيه الحجاجي بناءً على ما يُمليه العُرف والقيم والدين والمجتمع والذوق العام، وكأنَّما هي تأسيس عام لربط قضيتين تتمثلان في حجة ونتيجة وصلاً أو فصلاً؛ أو هي تعليل للانتقال من الحجّة إلى النتيجة؛ إذ هي أقرب إلى قواعد الاستدلال المنطقية التي تقوم على القياس لدى أرسطو أو ما يُعرف بالمقدمة الكبرى، غير أن قواعد الاستدلال الحجاجي تخضع لقواعد الاستنباط الطبيعية في استعمال اللغة الطبيعية ومن ثمّ فهي تخضع لمسلّمات المنطق غير الصُوري، وبذلك يكمن دورها في إضفاء مقبوليّة تأسيس الحجاج، ابتداءً من تسلسل الحجج وصولاً إلى النتائج أو العكس. ويتّخذ المتلقي من هذه المبادئ أرضية مشتركة بصفتها عقدًا ضمنيًّا بينه وبين المتكلم ومسلّمات مشتركة في تلقّيه للحجج. ونمثّل هذه المقدّمات محكًّا بين البُعد الحجاجي بمعناه الحديث والبُعد السُّفسطائي، فإذا كان الأوّل يعمل وفق مقبوليّة المقدّمة المشتركة الكبرى كما تُفسّرها بنية الاستدلال والاستنباط والاستعمال الطبيعي للملفوظات، فإنَّ الثاني يعمل على إعادة توجيه استدلالات تلك المبادئ للتضليل والتلاعب، وتزييف الاستعمالات القوليّة.
وبعيدًا عن السفسطة، فإنَّ هذه المقدّمات أو المبادئ العامة المشتركة تؤخذ في الكلام الطبيعي بصفتها مسلّمات يقبل بها المتلقي وإن كانت نسبيّة وغير إلزامية. فالمتلقي لا يكون ملزمًا بها، وتظل احتماليّةً بالنسبة إليه، ولكنّها في ذات الوقت تسمح له بتكوين المنطلقات المقاميّة التي يُؤسّس عليها فهمه للخطاب.
وتكمن أهميّة المبادئ العامّة المشتركة في كونها تضطلع بتحقيق علاقة اللزوم في الاستدلال، أو ما يُعرف في الدراسات الحجاجية الحديثة بالتوجيه الحجاجي، بالإضافة إلى أنّ فهم النتيجة في الحجاج مرهون بالإحالة عليها. وغالبًا ما تكون هذه المقدّمات ضمنيّة اقتضائيّة.
فأوّلها الوقائع التي تُبنى على العوالم الممكنة القابلة للتصديق، وعلى ما يراه المتلقي مقبولاً من خلال تجاربه وتراكميته المعرفية سواءً كانت مشاهدة بالعين أو مفترضة؛ وهذا يستدعي أن يكون المحيط المعرفي المشترك بين المتكلّم والمتلقي شاملاً لكلّ الوقائع التي يمكن إدراكها واستنتاجها، وبناءً على ذلك فالمعرفة العامّة تُساعدهما على تمييز تلك الوقائع والاعتداد بها مقدّمات مقبولة للحجاج. وأمّا المبدأ الثاني فهو الحقائق التي تمثّل ما يُمليه الكون من ظواهر خاضعة للتجربة، وتعدّ في عُرف جماعة الناس من المسلمات، أو فيما يُمليه المعتقد (الإيديولوجيا) من مفاهيم مستقرة في ذهن الفرد أو الجماعة بما لا تقبل الشك بالنسبة إليهم. وأمّا المبدأ الثالث فهو الافتراضات التي تحظى بالموافقة العامة، ولا يتم الإذعان والتسليم بها إلا من خلال عناصر أخرى تقوّيها. وثالثًا الافتراضات التي تُحدّد بالقياس إلى المحتمل. فهي ممّا يمثل تفسيرًا يقوم على أطروحة مقترحة ومقبولة لدى المتلقين. والمبدأ الرابع هو القيم؛ حيث تعمل على تقديم الأخلاق الفاضلة باعتبارها جوهرًا وأنموذجاً مثالياً وسلوكًا مميّزًا في حياتنا الاجتماعية. ويعوّل عليها في جعل المتلقي يذعن للخطاب وإن خلت منها الاستدلالات ذات البعد العلمي والشكلي، والقيمة إمّا أن تكون مجردة من قبيل العدل، أو محسوسة من قبيل الوطن. غير أنّ هذه القيم تخضع لتفاضليّة أخلاقية، ومن هنا جاء المبدأ الخامس وهو الهرميات فإذا كانت الناس يتخذون من القيم مبدأ للتعبير عن منظومة السلوك المثالي والأخلاق الفاضلة في المجتمع، فإنَّ هذه القيم تتفاضل فيما بينها؛ لذا تعمل الهرميات على تنظيم القيم تراتبيًا بتقديم الأهم على المهم والأجدر على الجدير، وبعبارة أخرى تعمل على تحديد الأولويات بالنسبة إلى كلّ قيمة. وكما يرى عبدالله صوله فإنّ «هرميّة القيم في البنية الحجاجية أهمُّ من القيم نفسها، وما يُميّز كل جمهور ليس القيم التي يُسلّم بها بقدر ما تُميّزه طريقة ترتيبه إيَّاها». لذا فالعدل أفضل من النافع، والنافع أفضل من الضار، وأخف الضررين أفضل من الضرر المطلق، أخيرًا يأتي المبدأ السادس وهو المواضع أو المعاني حيث تشكّل الرافد الأكبر في تأسيس المقدّمات الحجاجية. وهي ممّا يأخذ صبغة جدلية، أي أنّه أقرب إلى الرأي منه إلى المسلّمات، ويخضع للكم والكيف والترتيب والتفضيل، فالثابت الباقي أفضل من المتغير الزائل، والحيّ أولى من الميت، والكثرة تغلب الشجاعة، ومن يصل إلى المحطة أولاً يكن أولى بالصعود إلى الحافلة، وهكذا.
ختامًا، تظل مثل هذه المقدّمات غير الصُوريّة هي نقطة الالتقاء الأكبر والمنطلق الأكثر استعمالاً في جدالنا وحجاجنا اليومي وفي حديثنا القائم على منطق اللغة الطبيعية، وهو ما يدعو إلى أهميّة الاعتناء به بحثًا ودراسةً وتعلّمًا وتعليمًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.