كما أن الله يعلم حيث يجعل رسالته، فإن الله يعلم من يملك أرضه ويحكم بشرعه.. وكما قيل: "لن يحكم أحد في ملك الله إلا بمراد الله"، والحمد لله أن جعل فينا ملوكاً يحكمون بمراد الله وأمره، ومن أولئك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ذو القِدح المُعلَّى في العمل الخيري النوعي، فمنذ العام 1956م والملك سلمان بن عبدالعزيز يتولَّى رئاسة مجالس إدارة العديد من اللجان الإنسانية والخدماتية التي تنهض بمهام ومسؤوليات أعمال الدعم والإغاثة في المناطق المنكوبة حول العالم، سواء كانت مناطق متضررة بالكوارث الطبيعية الخطرة كالفيضانات والزلازل والبراكين، أو بالحروب والصراعات الإنسانية المدمرة.. ولأن العمل الخيري يتمدد ويأخذ برقبة أخيه فقد أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - أمراً ملكياً بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، هو مركز سعودي مخصص للأعمال الإغاثية والإنسانية الدولية، إذ تم تأسيسه في 27 رجب 1436 ه. ويقوم بعملية التنسيق مع المنظمات والهيئات العالمية، بهدف تقديم المساعدات للمحتاجين حول العالم، ثم صدر الأمر السامي الكريم رقم 41555 وتاريخ 10 / 9 / 1438، المتضمن قيام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بإنشاء منصة بيانات المساعدات السعودية مشتملة على ما تقدمه المملكة من مساعدات إنسانية متنوعة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. وبعد النجاحات النوعية الباهرة والبرامج والمبادرات الإنسانية والمساعدات الإغاثية التي قدمها المركز للمستفيدين منها حول العالم طيلة 10 سنوات الماضية، فقد أصدر - حفظه الله - في 19 / 9 / 2024م، أمراً ملكياً باعتماد النظام الأساسي لمؤسسة الملك سلمان غير الربحية، التي تأتي امتداداً لأعمال خادم الحرمين الشريفين رعاه الله الخيرية والإنسانية، وقد صرح -حفظه الله- عبر حسابه في منصة إكس: "إن الاستثمار في الإنسان وتنمية ثقافته واعتزازه بهويته، هو نهج دائم سنستمر عليه دائما بإذن الله، ولأننا نسعى لمواجهة التحديات البشرية واستدامة ازدهار المجتمعات، فإننا نطلق مؤسسة الملك سلمان غير الربحية، متطلعين لإحداث أثر دائم للفرد والمجتمع"، لقد جاء هذا الأمر الملكي الكريم متوافقا مع المادة 27 من النظام الأساسي للحكم، " تكفل الدولة حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة وتدعم نظام الضمان الاجتماعي وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية"، كما جاء هذا الأمر الكريم مُصدِقاً ومؤكداً لكلمة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- في الخطاب الملكي في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى حين قال: "المواطن نصب أعيننا" لقد أجمع العارفون بالحياة أن على ذوي اليسار - اليوم - أن يسارعوا في الإسهام في الأعمال الخيرية - التي تذهب وتصب في حقل الإنسان مباشرة - وفق القواعد المنظمة والمرعية - وأن إطعام فم جائع خير من بناء جامع، وأن يعلموا أن الله استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم وعليهم أن يُروا الله من أنفسهم خيرا فيما استودعهم الله من مال تجاه خليفته في أرضه، وألا يتركوه نهباً لضغوط الحياة من حوله دون أن يمدوا إليه يداً وهم موسرون ولديهم المزيد. د. علي السرحاني