في كل عام وقبل انطلاق الاحتفالات باليوم الوطني المجيد للمملكة المصادف ليوم الأول من الميزان مطلع السنة الهجرية الشمسية الموافق 23 سبتمبر من السنة الميلادية، تتأهب بلادنا وشعبها ومن يعيش على أرضها للاحتفال هذا اليوم العظيم، حيث صدر في 17 جمادى الأولى 1351ه مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة في اسم واحد هو «المملكة العربية السعودية» وأن يصبح لقب الملك عبدالعزيز «ملك المملكة العربية السعودية»، فأصبح الوطن والمواطن يفاخر الأمم بما أنجزته المملكة في زمن وجيز لتقول للعالم أجمع: نحن أمة استطاعت أن تفرض الأمن والأمان والسلم والعدل في بلدان كانت تعج بالفوضى والخوف والفقر والجهل قبل أن يقيض لها موحد شتاتها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي توحدت المملكة على يديه، وجاء من بعده أبناؤه الذين ساروا على نهجه في إدارة دفة الدولة التي أصبحت تضاهي كبريات الدول العالمية وتؤخذ في الحسبان عندما يواجه العالم الأزمات. وبفضل الله ثم بفضل ذاك اليوم يحتفي أبناء المملكة ويفاخرون بإنجازاتها التي تحققت، ويتذكرون أمجاد البطولات التي بذلت لتوحيد أرجائها. شورى وتناصح ولعل الكثيرين يجهلون مناقب كثيرة عن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله–، حيث انتهج في تعامله مع مواطنيه سياسة قائمة على الشورى والتناصح مع الرعية واغتنام الفرص لتبادل الرأي مسترشداً بما جاء به ديننا الإسلامي الحنيف، فكان لهذا النهج القويم الذي سار عليه أبناؤه من بعده الأثر الكبير فيما تعيشه المملكة وأهلها من تلاحم وتطور كبير قائم على تعاضد الدولة والمواطنين، وتجسيداً لهذا النهج كانت لقاءات الملك عبدالعزيز مستمرة ومتواصلة مع المواطنين يقدم لهم النصح ويسدي لهم التوجيه، ورغم أنه كان يعمل أكثر مما يقول إلاّ أنه ترك لنا كلمات خالدة سجلت حكمته ورجاحة فكرة رأيه، حيث كانت كلمته موقفاً يلتزم به ونهجاً يسار عليه وحقاً يصدع باطل الأعداء. تقدم ورقي ومن أقوال وخطب الملك عبدالعزيز -رحمه الله- تبين نهجه السليم وتفكيره العميق ونظرته الصائبة إلى مختلف الأمور، ففي الخطاب الذي ألقاه في الجلسة الافتتاحية لمجلس الشورى في السابع من ربيع الأول من عام 1349ه الموافق الأول من أغسطس 1930م يتضح مدى إدراكه لأمور الدولة صغيرها وكبيرها وحرصه التام على تقدم هذه البلاد ورقي شعبها، حيث قال مخاطباً أعضاء المجلس: «إن أمامكم اليوم أعمالاً كثيرة من موازنة للدوائر الحكومية ونظم من أجل مشاريع عامة تتطلب جهوداً أكثر من جهود العام السابق، وإن الأمة تنتظر منكم ما هو المأمول من الهمة وعدم إضاعة الوقت الثمين إلاّ بما فيه فائدة البلاد المقدسة». وحرص الملك عبدالعزيز على إرساء مبادئ السياسة السعودية من منطلق تعاليم الدين الإسلامي الحنيف حيث أصبحت هي النهج الذي يتوخاه في كل علاقاته وتعاملاته مع الآخرين، ومن خلال هذا النهج اكتسبت السياسة السعودية الصدق والوضوح الذي تسير عليه حتى اليوم في تعاملاتها مع كافة الدول، وفي ذلك قال المؤسس مخاطباً أعضاء مجلس الشورى ومحدداً لهم الطريق الصحيح الذي يسلكونه والمنهج السوي الذي يسيرون عليه: «وإنكم تعلمون إن أساس أحكامنا ونظمنا هو الشرع الإسلامي وأنتم في تلك الدائرة أحرار في سن كل نظام وإقرار العمل الذي ترونه موافقاً لصالح البلاد على شرط ألاّ يكون مخالفاً للشريعة الإسلامية؛ لأن العمل الذي يخالف الشرع لن يكون مفيداً لأحد، والضرر كل الضرر هو السير على غير الأساس الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم». ولاء ومحبة وحرصاً من الدولة في ترسيخ الهوية الوطنية في أذهان الأجيال تحرص دور التعليم على عقد الندوات والمحاضرات التي تؤكد على دور المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في توحيد البلاد، وتوطين الأمن في أرجاء الوطن، وترسيخ القيم، والمبادئ المستمدة من الشريعة الإسلامية، وحثهم على تعزيز القيم الوطنية من خلال الممارسات اليومية، وأن يكون الطالب ممثلاً لدينه ووطنه حيث كان موقعه، حيث إنه في هذا اليوم من كل عام يواصل نحو سبعة ملايين طالب وطالبة من المدارس والجامعات ومراكز التدريب احتفالاتهم باليوم الوطني من خلال المشاركة في الفعاليات والأنشطة التعليمية والترفيهية والثقافية والفنية والرياضية، لمدة أسبوع دراسي، حيث توجه وزارة التعليم المجتمع التعليمي بتفعيل الاحتفاء باليوم الوطني في المدارس الحكومية والأهلية بمناطق المملكة كافة، وكذلك الجامعات والكليات، عبر تنفيذ البرامج والفعاليات الوطنية؛ لتعزيز مكانة الوطن في نفوس أبنائنا الطلاب والطالبات، وترسيخ قيم الولاء والمحبة والانتماء والمواطنة الصالحة. أوبريتات وفلكلورات وتشمل برامج الاحتفالات إقامة معارض مصاحبة لعرض منجزات التعليم العام والجامعي، وأبرز النجاحات التي يفخر بها الوطن، وما تم تحقيقه من نجاحات وميداليات وأوسمة لطلابنا وطالباتنا محلياً وعالمياً، وكذلك منجزات وزارة التعليم، بما فيها منصات التعليم عن بُعد، والمقررات الإلكترونية، والطفولة المبكرة، إلى جانب ما تحقق من منجزات في تطوير المناهج والخطط الدراسية، وتقدّم الجامعات السعودية في التصنيفات والمؤشرات الدولية، والأبحاث العلمية. وتنفذ الإدارات التعليمية في المناطق «أوبريتات» وفلكلورات وطنية بمشاركة الطلاب والطالبات، تبرز جهود الملك المؤسس -رحمه الله-، وتجسد مشاعر الحب والولاء للمليك وولي عهده الأمين -حفظهما الله-، وما تمر به المملكة من نهضة تنموية وتطويرية على المستويات كافة، وكذلك إقامة العديد من الفعاليات للتعريف بتقاليد العَلم السعودي ومكانته وأهمية المحافظة عليه والعناية به. أخو نورة وتنطلق الفعاليات الاحتفالية من المدارس والجامعات إلى أجواء المدن والمحافظات، تستهدف الاحتفال مع الجنود البواسل بالتنسيق مع الجهات الأمنية، حتى يستذكر الطلاب والطالبات دور جنودنا للذود عن حياض الدين والوطن والاحتفاء بهم، من خلال الفعاليات ومنها على سبيل المثال لا الحصر: «مسيرة وطن» وهي مسيرة طلابية احتفالية باليوم الوطني إضافةً إلى فعالية «أخو نورة» المتضمنة كتابات معبرة عن أثر المرأة في تنمية الوطن ودورها العظيم في ترسيخ القيم الوطنية لدى الأبناء، وكل ذلك ليترسخ في أذهان الأجيال كيف كان المؤسس وأبناؤه البررة الذين ساروا على نهجه إلى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، حيث أصبحت المملكة بمصاف الدول العالمية في مجالات متعددة. مصدر إلهام وحرصاً من الدولة على توحيد الاحتفال باليوم الوطني لجميع الجهات الحكومية والخاصة، داخل المملكة وخارجها، ولتحقيق التكامل والتوافق في جميع استخدامات الهوية، ففي كل عام هوية لليوم الوطني تتضمن الشعار، وهوية هذا العام «نحلم ونحقق» وعادة تكون ضمن دور الهيئة العامة للترفيه وتستلهم هوية اليوم الوطني من ثقافة الأنسنة التي تنعكس بوضوح على المشاريع الضخمة، التي راهنت عليها المملكة في رؤيتها الطموحة 2030، والتي تحظى بدعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ويقودها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، وفي مقدمة تلك المشاريع مشاريع البحر الأحمر ونيوم وذا لاين، ومبادرة السعودية الخضراء، ومترو الرياض، والبرنامج الوطني للطاقة المتجددة، ومشروع القدية، والقمر الصناعي شاهين سات، وبرنامج تطوير الدرعية التاريخية. ويتم تصميم العناصر الأساسية للهوية من هذه المشاريع، التي تعدّ مصدر إلهام لكل فنان معاصر، وتكتمل هذه المجموعة بإضافة عنصر الإنسان، الذي له الدور الفعال في تحقيق الرؤية، أما الشعار اللفظي فيستلهم من وصف القصائد والأغاني الشعبية للوطن، ويصدر للهوية دليلاً إرشادياً مع الدعم اللازم لمستخدمي الهوية كافة، ووصف تفصيلي للعناصر الرئيسة وبيان استخداماتها المختلفة لضمان تطبيقها بالشكل الصحيح، وتؤكد «هيئة الترفيه» في كل عام على أن الالتزام بتنفيذ مساراته سيحقق التأثير البصري في جميع أنحاء المملكة وخارجها. وفي كل عام تدعو هيئة الترفيه جميع الجهات إلى استخدام وتوحيد الهوية الخاصة باليوم الوطني عبر إدراجها في مختلف التطبيقات المستخدمة للاحتفاء بهذه المناسبة الغالية. خروج المواطنين للتعبير عن فرحتهم بهذا اليوم الكبير حتفالات اليوم الوطني في السماء وأخرى في الأرض