يأتي اليوم الوطني هذا العام ليذكرنا بملحمة التوحيد العظيمة التي قادها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-، ومعه قادة الميدان الذين أسسوا وطنًا ينعم بالأمن والاستقرار والتنمية. لقد نجح الملك عبدالعزيز، ومن بعده أبناؤه الميامين، في بناء مملكة قوية تجمع بين العمق الإسلامي والهوية العربية، وتكون الحاضنة للدعوة الإسلامية، وركيزة للاستقرار السياسي والنماء الاقتصادي في العالم. اليوم الوطني ال94 يحمل معاني كبيرة لأبناء الوطن الذين يفتخرون بإنجازات قيادتهم الحكيمة التي وضعت المملكة في موقع ريادي عالمي. نحن اليوم أمام إنجازات عظيمة تحققت في ظل رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، وهي رؤية تسعى لتحويل المملكة إلى قوة اقتصادية وعلمية رائدة. ففي العام الجاري، وضمن المستجدات على الساحة الوطنية، حققت المملكة مراكز ريادية جديدة على المستوى العالمي. إذ ارتفعت المملكة إلى مراكز متقدمة عالميًا في تصنيف مؤشر الابتكار العالمي، مما يعكس قفزة نوعية في تعزيز الابتكار والبحث العلمي. في تصنيف التايمز العالمي لعام 2024، دخلت 22 جامعة سعودية ضمن قائمة الجامعات العالمية، وهو رقم يعكس التقدم الكبير الذي أحرزته المملكة في التعليم العالي والبحث العلمي. هذا التقدم يعزز مكانة المملكة كقوة تعليمية رائدة في العالم العربي والإسلامي، ويُظهر التطور المستمر في جودة التعليم والبحث العلمي في الجامعات السعودية.. إلى جانب ذلك، تأتي النجاحات الاقتصادية المتتالية للمملكة لتؤكد قدرتها على قيادة المنطقة نحو النمو. وحققت المملكة المركز الثالث عالميًا في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، والمركز الأول عالميًا في تطوير البنية التحتية الرقمية. هذه الإنجازات تؤكد على التقدم الذي أحرزته المملكة في بناء اقتصاد متنوع ومستدام، يساهم فيه رواد الأعمال بشكل فعّال، خاصة مع حصول المملكة على مراكز متقدمة عالميًا في دعم رواد الأعمال واستجابتهم لجائحة كورونا. أما في مجال التحول الرقمي والتطور التقني فقد أصبحت المملكة الآن نموذجًا للتقدم الرقمي والتقني، حيث صُنفت ضمن الدول الرائدة عالميًا في مؤشر التنافسية الرقمية. واستطاعت بفضل جهودها في التحول الرقمي تعزيز قدراتها في التجارة الإلكترونية، وتطوير الخدمات الحكومية الإلكترونية بشكل غير مسبوق، ما سهل على المواطنين والمقيمين الحصول على خدمات حكومية متطورة ومرنة. كذلك، نجحت المملكة في الحفاظ على مكانتها كرقم صعب في المعادلة العالمية، حيث أصبحت شريكًا رئيسا في مجموعة العشرين، واحتفظت بمركزها كقوة سياسية واقتصادية لا يمكن تجاوزها في المنطقة والعالم. قيادة المملكة الحكيمة استطاعت أن تجعلها مرجعية للعالم الإسلامي ومركزًا لصنع القرار على المستوى الدولي. أما النهضة الثقافية والفنية فلم لم تكن المملكة غافلة عن أهمية الاستثمار في الثقافة والفنون، حيث شهدت السنوات الأخيرة انفتاحًا كبيرًا على مجالات الفنون والموسيقى والسينما، لتصبح السعودية مركزًا ثقافيًا مزدهرًا. وقد أُنشئت العديد من المراكز الثقافية والفنية التي تستقطب المواهب السعودية والعالمية، مما يعزز من دور المملكة كحاضنة للإبداع والابتكار في هذا المجال. هذا اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى لتوحيد المملكة، بل هو تجديد للعهد والوفاء للقيادة الحكيمة التي قادتنا نحو الريادة. الشعب السعودي يقف صفًا واحدًا خلف قيادته، محتفلًا بإنجازات الحاضر، ومستشرفًا مستقبلًا مشرقًا بمزيد من النجاح والاستقرار. وكما قال صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل في إحدى مقالاته: «المملكة اليوم ليست فقط قلب العالم الإسلامي، بل هي أيضًا صانعة قرار عالمي، وشريك استراتيجي يعتمد عليه». في الختام، نحتفي بهذا اليوم العظيم الذي يمثل قوة إرادة قيادة حكيمة وشعب عظيم. نسأل الله أن يديم على بلادنا الأمن والأمان والرخاء، وأن تبقى المملكة منارةً للتقدم والرقي تحت راية التوحيد. وكل عام والمملكة العربية السعودية بخير وأمن وازدهار.