مع وصول المملكة لذكرى اليوم الوطني 94 في العام الحالي 1446ه، تكون السياحة السعودية قد سجلت من عمرها التنظيمي الحديث ما يقارب 29 عاماً، حققت فيها قفزات كبيرة وجلية، حيث يعتبر مؤتمر السياحة الداخلية الذي أقيم في أبها عام 1417ه برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- والذي أوصى حينها بإنشاء هيئة للسياحة، وبعدها مرت بمراحل من التطوير حتى أصبحت قطاعا منظماً مدعوماً باللوائح والأنظمة والمشاريع والبرامج الجاهزة. وتعتبر رؤية المملكة 2030 التي أعلنت في 2016 مرحلة تاريخية كبرى في قطاع السياحة على وجه الخصوص، حيث تهدف الرؤية لتنويع الموارد وعدم الاعتماد على النفط، ووفقاً لذلك كانت السياحة على رأس أولويات الدعم الحكومي، حيث انطلقت وفق أسس حديثة وهيكلة إدارية جديدة رسمتها تفاصيل الرؤية، حيث اعتمدت هيكلة حكومية جديدة للقطاع اعتمدت إنشاء وزارة للسياحة، وهيئة لتسويق السياحة داخلياً وخارجياً بمسمى الهيئة السعودية للسياحية، وتمويل المشاريع السياحية من خلال بوابة صندوق التنمية السياحي، فضلا عن تبني الدولة لمشاريع سياحية نوعية، أبرزها مشاريع نيوم والبحر الأحمر وأمالا والقدية، فضلاً عن هيئات حكومية تهتم بالتطوير التراثي والسياحي، ومن أبرزها هيئات لكل من العلا والدرعية وعسير، وكذلك مشاريع سياحية نوعية في وسط جدة والطائف، ومشاريع مماثلة في أغلب المناطق السعودية، فضلاً عن وصول السياحة السعودية لأرقام قياسية في عدد الزوار والسواح من الداخل ومن السياحة الوافدة عقب تسهيل السياحية بفتح التأشيرات إلكترونياً من شهر سبتمبر 2019، كما حققت قفزات هائلة بقطاع الإيواء من فنادق ومنتجعات سياحية وشقق فندقية شملت جميع المناطق السعودية. الاستراتيجية الوطنية للسياحة تستهدف 150 مليون سائح بحلول 2030 بداية الشراكات السياحية بداية هيكلة السياحة السعودية إدارياً بدأت بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني حيث تم توفير جميع متطلبات البناء النظامي، وبنت قطاعاً اقتصادياً كان من الممكن ان يؤدي دوره في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة لو حظي بالدعم الكامل، ونجحت في إحداث تحول في عدد من المسارات الصعبة ومن أبرزها نظرة المجتمع للسياحة وللآثار والتراث وإعادة المكان إلى الانسان. وعملت بتضامن مع القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمعات المحلية وأسست مبادئ جديدة ليس فقط في علم الإدارة ولكن أيضا في علم التعاون وهو الأهم وفي مقدمتها الشراكات التي واجهت انتقادات في بدايتها ولكن بعد هذه المرحلة والنجاح الذي حققته هذه الاتفاقيات والشراكات صارت معظم الجهات تحتذي هذا النموذج. وخلال هذه الفترة تضعف اسهام السياحة الوطنية في الناتج المحلي الإجمالي، كأحد أكثر القطاعات الاقتصادية غير البترولية نمواً، فقد ارتفعت الإيرادات السياحية في حينها إلى (166.8) مليار في نهاية عام 2016م، وتجاوز عدد الرحلات السياحية المحلية في المملكة خلال عام 2016م 47.5 مليون رحلة مقارنة بنسبة ارتفاع تبلغ 2.3%. بالعام 2015 الذي تجاوز عدد الرحلات السياحية المحلية فيه 46.5 مليون رحلة بإنفاق تجاوز 44.9 مليار ريالاً. وشهد قطاع الإيواء السياحي بكافة فئاته نمواً سريعاً فاق النمو المتوقع للطلب، حيث تضاعف عدد المنشآت السياحية المرخصة منذ بدء إشراف الهيئة على قطاع الإيواء في عام 2009م، فارتفع عددها من (1402) منشأة إلى أن بلغ عددها في نهاية عام 2016م (6454) منشأة، بنسبة نمو (300 %)، خلال هذه الفترة. وزاد عدد الشركات العالمية الدولية لتشغيل الفنادق في حينها من(8) شركات في عام 2002م، إلى أن بلغ عددها الآن (25) شركة دولية بنسبة نمو (300%)، وتضاعف عدد العلامات الفندقية السعودية ليصبح الآن (7) علامات فندقية سعودية، وبلغ عدد منظمي الرحلات السياحية (566) منظم رحلات مرخص من قبل الهيئة، مقارنة بعدد قليل لا يتجاوز 10 منظمي رحلات سياحية في العام 2002م وفي قطاع غير منظم ومرخص، كما زاد عدد العاملين في قطاعات صناعة السياحة المباشرة وقتها من (333) ألف سعودي في العام 2004 إلى أن بلغ أكثر من (936) ألف سعودي، بنسبة نمو (181 %) مقارنة مع العام 2004م، ومن المتوقع أن يزيد عدد الفرص الوظيفية إلى (1,2) مليون وظيفة بحلول عام 2020م. وبلغت نسبة التوطين في الوظائف السياحية المباشرة 28 % عام 2016م، ومن المتوقع أن تزيد النسبة بحلول عام 2020م إلى 30 % ويشغل المواطنون معظم الوظائف القيادية في صناعة السياحة، حيث تضاعف عدد السعوديين مديري الإدارات وكبار الموظفين في قطاع الإيواء السياحي بنسبة (280 %)، وارتفع عددهم من (2202) إلى (6273)، ويشغل السعوديون في مجال تنظيم الرحلات نسبة 100 % من الوظائف القيادية. كما أن جميع العاملين في مجال الإرشاد السياحي من المواطنين المدربين والمرخصين بدأ الترخيص للمرشدين السياحيين في العام 2006 حيث بلغ عدد المرخصين 90 مرشداً سياحياً وحتى هذه اللحظة تم تدريب حوالي ألف مرشد حصل ما يقارب 500 منهم على رخصة الارشاد وما زال بعضهم يستكمل اجراءات اصدار الرخصة. القفزة الحديثة للسياحة السعودية وزير السياحة الأستاذ أحمد بن عقيل الخطيب، تناول مؤخراً العديد من المنجزات في منظومة السياحة الوطنية وما حققته المملكة من قفزات نوعية بدعم وتمكين من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- في مجال السياحة، التي حققت أرقاماً قياسية خلال السنوات الماضية وما وصلت إليه من أرقام خلال النصف الأول من عام 2024 م حيث بلغ عدد السياح 60 مليون سائح أنفقوا خلالها 143 مليار ريال حسب البيانات الأولية. وقال وزير السياحة: «تنعم بلادنا ولله الحمد بنعم كثيرة ومنها تعدد الوجهات السياحية والتنوع المناخي، وما تحظى به على سبيل المثال منطقة عسير خلال موسم الصيف من اعتدال في الأجواء وتدنٍ في درجات الحرارة مقارنة بمعظم المدن في العالم، وسط أجواء غائمة وبدرجة حرارة لا تتجاوز 23 درجة مئوية، وسط تنوع في القرى التراثية ذات الطابع التاريخي، والمزارع الزاخرة بالمنتوجات المحلية، وما تقدمه السفرة العسيرية للزائر من تنوع في الأطباق الشهية التي تحكي قصص جميلة من الماضي»، مشيرًا إلى أن رؤية المملكة 2030 ارتكزت على القطاع السياحي الذي يعد من اهم القطاعات في تعظيم القيمة الاقتصادية والاجتماعية لكثير من القطاعات، لتأتي رؤية المملكة 2030 لتعزز قطاع السياحة، وأطلقت الإستراتيجية الوطنية للسياحة في سبتمبر 2019م، ثم أطلقت التأشيرة السياحية للتعرف على ثرواتها وعاداتها وتقاليدها في 13 منطقة بما تحتويه من سواحل وجبال وسهول وحضارة وتاريخ بثقافات وعادات وتراث عريق. وبيّن أن الطموحات التي احتوتها الاستراتيجية الوطنية للسياحة هو الوصول إلى أكثر من 150 مليون سائح محلي ودولي بحلول 2030م والذي تحقق بفضل الله العام الماضي بالوصول إلى 109 ملايين سائح محلي ودولي، مما سيعزز لرفع مساهمة السياحة في إجمالي الناتج المحلي إلى 10 % بحلول 2030، وزيادة معدلات التوظيف من 650 ألف وظيفة تقريباً في 2019 ليصل إلى 1.6 مليون وظيفة بحلول 2030م. وأضاف الخطيب «أن صندوق التنمية السياحي يجسد دورًا هامًا في تقديم التمويل لعدد من المشاريع السياحية المميزة حيث ساهم الصندوق في أكثر من 7.4 مليارات ريال لتمكين أكثر من 100 مشروع سياحي في مختلف مناطق المملكة تجاوزت قيمتها 35 مليار ريال حيث توفر أكثر من 7500 غرفة وجناح فندقي في الوجهات السياحية»، مشيرًا إلى أن الصندوق موّل في منطقة عسير 10 مشروعات كبرى تنوعت بين الفنادق العالمية ولمشاريع متعددة الاستخدامات بقيمة تجاوزت مليار ريال وشملت علامات الفنادق العالمية إنتركونتيننتال رزيدنس في أبها ودبل تري في محافظة خميس مشيط وبوليفارد خيال ووك. وأكد وزير السياحية على أهمية تنمية القدرات البشرية السياحية حيث خصصت المملكة ميزانية استثنائية لتدريب وتأهيل السعوديين والسعوديات داخل المملكة وخارجها بالتعاون مع جهات التعليم والتدريب السياحي الرائدة في سويسرا وبريطانيا وإسبانيا لتكون الكوادر الوطنية هي من تقدم الخدمات السياحية، حيث استهدفت الوزارة تدريب 500 ألف شاب وشابة من السعوديين والسعوديات منذ 2019م، وقد تم تدريب أكثر من 100 ألف شاب وشابة عبر عدد من البرامج التدريبية خلال العام الماضي 2023م من أبرزها برنامج «رواد السياحة 2»، كما تلقى ما يقارب 1500 شاب وشابة التدريب خارج المملكة خلال العام الماضي في أعرق الجامعات والمعاهد الدولية. وظائف القطاع السياحي وأوضح أنه تم تجاوز عدد الوظائف في القطاع السياحي في المملكة أكثر من 925 ألف وظيفة خلال العام 2023م، وبلغت نسبة التوطين بالقطاع السياحي 26 % خلال العام الماضي 2023، فيما بلغت نسبة التوطين في قطاع الضيافة 38 % خلال العام الماضي 2023م، ونسبة التوطين في وكالات السفر 36 % خلال العام الماضي 2023م، كما وصل عدد الملتحقين في القطاع السياحي إلى 380 ألف ملتحق خلال العام الماضي 2023م، وبلغت نسبة السعوديات العاملات في القطاع السياحي 46 % خلال العام الماضي 2023م، وتجاوز متوسط رواتب السعوديين والسعوديات العاملين في قطاع السياحة أكثر من 6.4 آلاف ريال خلال العام الماضي 2023م. وكشف التقرير الإحصائي السنوي للوزارة عبر الموقع الإلكتروني والذي يوثق إنجازات قطاع السياحة وتحقيقه لعدد من المستهدفات خلال العام 2023م حيث تضمن التقرير بيانات عن إجمالي عدد السياح المحليين والوافديين والذين بلغوا 109 ملايين سائح خلال العام 2023م بنسبة نمو بلغت 16 % مقارنة بالعام 2022م، مع تجاوز عدد السياح والوافدين إلى المملكة من الخارج خلال العام الماضي أكثر من 27 مليون سائح، تصدرتها أغراض الترفيه والعطلات بنسبة نمو 153 % مقارنة بالعام 2022م، إلى جانب تجاوز إجمالي الإنفاق السياحي للسياحة الوافدة والمحلية 255 مليار ريال، بنسبة نمو بلغت 24 % للعام 2023 مقارنة بعام 2022م، كما بلغ إجمالي الإنفاق للسياحة المحلية خلال العام 2023م أكثر من 114 مليار ريال، بنسبة نمو بلغت قرابة 7 % ، مقارنة بالعام 2022م ، فيما بلغ إجمالي الإنفاق للسياحة الوافدة خلال العام 2023م أكثر من 141 مليار ريال بنسبة نمو بلغت قرابة 44 % مقارنة بالعام 2022م. وبينت أرقام النصف الأول من العام الحالي 2024م الأولية أنه بلغ إجمالي عدد السياح المحليين والوافدين 60 مليون سائح خلال النصف الأول من العام 2024م، وبلغ إجمالي إنفاقهم أكثر من 143 مليار ريال، حيث وصل عدد السياح المحليين 44 مليون سائح تجاوز إنفاقهم أكثر من 52 مليار ريال، ووصل عدد السياح الوافدين 15 مليون سائح بإجمالي إنفاق أكثر من 90 مليار ريال، وقد وصلت مساهمة السياحة المباشرة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 5 % في ذات الفترة. وأشار وزير السياحة أن التشريعات الجديدة التي أقرتها وزارة السياحة لتطوير القطاع جاءت بعد الاستفادة من تجارب دول لها عقود طويلة في الجانب السياحي وتمتلك أنظمة وتشريعات مجربة على أرض الواقع ، فتم الاستفادة منها وبنيت على ضوئها العديد من التشريعات المحلية التي تتوافق مع المقومات السياحية في المملكة وتم عمل لوائح وطنية مثل لوائح المرشدين السياحيين، والإيواء السكني، ومن أبرز التسهيلات فيها أن المستثمر يمكن أن يجرب الخدمة لمدة ستة أشهر وإذا لم تناسبه يطلب إلغاء التصريح ، كذلك في جانب الفنادق راعينا جميع التفاصيل الدقيقة لخدمة النزيل وبناء عليها يتم تصنيف الفندق. وأكد الخطيب أن السعودية تعتبر من أكبر دول العالم في عدد الغرف الفندقية حيث تضم حاليا في حدود 300 ألف غرفة والمستهدف أن تكون في عام 2030 في حدود 600 ألف إلى 700 ألف غرفة، مؤكدًا أن المملكة من أسهل وأسرع الدول في مجال الاستثمار السياحي، وعن تأثير التأشيرة الإلكترونية في زيادة أعداد السياح من خارج السعودية قال: «بدأنا عام 2019م في تطبيق التأشيرة الإلكترونية على 44 دولة حول العالم تم اختيارها بعناية وبعد الطلب الكبير من دول أخرى لتصل إلى 66 دولة، لتصبح المملكة في قائمة أسرع دول العالم في الحصول على التأشيرة». العلا السعودية من أكبر المناطق الأثرية المفتوحة بالعالم الدرعية ينتظرها تطور واسع جدة تترقب مشروعات لتطوير وترقية الأحياء العشوائية