رفعت المملكة العربية السعودية تقديراتها لقيمة الموارد المعدنية غير المستغلة ومن بينها الفوسفات والذهب والمعادن الأرضية النادرة، إلى 2.5 تريليون دولار في 2023، ارتفاعا من توقعات 2016 عند 1.3 تريليون، بزيادة تناهز 90 بالمئة، ورفع مساهمة الصناعة بالاقتصاد السعودي إلى 15 %، بحسب م. جاسم الشمري سفير الصناعة السعودية، الذي قال ل"الرياض" بمناسبة اليوم الوطني، تتجه المملكة نحو السيادة الصناعية وبقدرتها على تطوير وتصنيع المنتجات والتكنولوجيا المحلية بشكل مستقل، دون الاعتماد الكبير على الواردات الخارجية. وقال تعتبر السيادة الصناعية ممكنا أساسيا لتعزيز الاستقلالية الاقتصادية والتي بدورها تحقق العديد من الفوائد مثل تقليل الاعتماد على الواردات من خلال تطوير الصناعات المحلية، بحيث يمكن للبلد أن يقلل من الاعتماد على الواردات الخارجية للمنتجات والتكنولوجيا. وهذا يقلل من التبعية عن البلدان الأخرى ويحسن التوازن التجاري، ويعزز الاستدامة الاقتصادية بدلاً من الاعتماد على الواردات المستمرة، ويمكن من خلالها تحقيق الاستدامة الاقتصادية من خلال تطوير صناعاته المحلية مما يسهم في توفير فرص عمل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي. وبالنظر إلى إسهامات قطاع الصناعة (الشركات الحكومية وشبه الحكومية وشركات القطاع الخاص) فقد تمكن هذا القطاع من تعزيز القيمة المضافة للاقتصاد الوطني وهو ما تضمنه برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية ندلب والذي يشتمل على آليات وممكنات رفع مستوى كفاء القطاع الخاص الصناعي مثل التمكين المالي وتطوير البنية التحتية وتحسين الأنظمة والتشريعات وإنشاء مناطق ومدن صناعية ورفع مستوى المحتوى المحلي في العديد من الأنشطة الصناعية الخاصة، حيث تم إنجاز مشاريع بقيمة تجاوزت 300 مليار ريال بنهاية عام 2022 منها 13.4 مليار لمشاريع مدن والتي بدورها توفر بيئة صناعية متطورة لرجال الأعمال والشركات الخاصة كما طور البرنامج استثمارات في البنية التحتية تجاوزت 9 مليارات ريال بنهاية عام 2022، كما وصل عدد المنشآت الصناعية القائمة وتحت الإنشاء إلى 9800 مشروع. ويأتي برنامج تطوير الصناعة والخدمات اللوجستية "ندلب" كخطوة استراتيجية رئيسة نحو تحقيق السيادة الصناعية، حيث يسعى "ندلب" إلى تحويل المملكة إلى مركز رائد في مجال الصناعة واللوجستيات من خلال زيادة الناتج الإجمالي من قطاعات الطاقة والتعدين، والعمل على تحقيق الميزان التجاري، وتعزيز الصناعة المحلية لتنافس في الأسواق العالمية، ومنذ بداية إنشائه، استطاع برنامج "ندلب" استحداث نحو 200 ألف وظيفة جديدة، منها 80 ألف وظيفة للمواطنين السعوديين، مما يعكس التزامه بتعزيز فرص العمل وتوفير فرص عمل مستدامة للشباب السعودي. وفي إطار جهوده لجذب الاستثمارات، شهد البرنامج نمواً في حجم الاستثمارات المستقطبة، حيث بلغت 488 مليار ريال حتى الآن، مسجلاً زيادة بنسبة 11.4 % مقارنة بالعام السابق، مما يعكس الثقة المتزايدة في البيئة الاقتصادية والفرص الاستثمارية التي تقدمها المملكة. وتعتبر جهود برنامج "ندلب" جزءاً لا يتجزأ من رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتحويل الاقتصاد السعودي نحو التنوع والابتكار، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو بناء مستقبل واعد ومزدهر للمملكة وشعبها. من هنا يمكن القول إن المصانع السعودية تتنوع من حيث الأنشطة التي يقوم بها القطاع الخاص والتي ترتكز على الإسمنت وصناعة المنتجات الغذائية والمشروبات والمنسوجات والملبوسات والمنتجات الجلدية والمنتجات ذات الصلة ومنتجات الخشب والفلين ومنتجات الورق والمواد الكيميائية وصناعة المنتجات الصيدلانية الأساسية ومنتجات المطاط واللدائن ومنتجات المعادن اللافلزية الأخرى والفلزات القاعدية ومنتجات المعادن المشكلة (باستثناء الآلات والمعدات) والحواسيب والمنتجات الإلكترونية والبصرية والمعدات الكهربائية والمركبات ذات المحركات ومعدات النقل الأخرى وصناعة الأثاث. ويبلغ حجم الاستثمارات في القطاع الصناعي أكثر من 1.4 تريليون ريال، فيما وصل إجمالي عدد المصانع إلى 10,873 مصنعاً. أما عدد الرخص التعدينية السارية في القطاع حتى نهاية أبريل 2023 بلغ 2336 رخصة، منها: 1454 رخصة محجر مواد بناء، و634 رخصة كشف، و180 رخصة استغلال تعدين ومنجم صغير، و36 رخصة استطلاع، و32 رخصة فائض خامات معدنية. وعدد الرخص الصناعية الجديدة التي أصدرتها الوزارة منذ يناير الماضي 2023 حتى نهاية أبريل 2023 بلغ 385 رخصة، باستثمارات بلغت 14 مليار ريال، بينما بدأ 314 مصنعاً عمليات الإنتاج خلال المدة نفسها، باستثمارات بلغت 8.105 مليار ريال. أن هذا الحجم من المصانع وتدفق الاستثمارات سيساهم في تعزيز القيمة المضافة للاقتصاد السعودي وتنوعه فضلا عن توفير فرص العمل. كما تجدر الإشارة إلى أن الاستثمارات في القطاع الصناعي الخاص في المملكة العربية السعودية تعد عنصرًا حيويًا لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتنويع مصادر الدخل، وتأثير هذه الاستثمارات يمتد عبر مختلف الجوانب الاقتصادية، ويسهم بشكل كبير في تعزيز البيئة الاقتصادية وتعزيز الاستدامة مثل تحفيز الإنتاج وتوسيع الأسواق. ويعمل الاستثمار في القطاع الصناعي على تحفيز إنتاج السلع والخدمات، مما يزيد من التنوع ويخلق فرص عمل جديدة. يساهم ذلك في توسيع أسواق المنتجات السعودية وزيادة الإيرادات. كما نجحت المملكة في تعزيز التكنولوجيا والابتكار، وتعمل الاستثمارات في القطاع الصناعي على تمويل البحث والتطوير وتبني التكنولوجيا الحديثة. ويعزز هذا التقدم التكنولوجي الإنتاجية ويساهم في رفع مستوى الابتكار في الصناعة. وعززت المملكة قاعدة الصادرات، إذ يلعب القطاع الصناعي الخاص دورًا كبيرًا في تعزيز الصادرات الوطنية، حيث يتيح التحسين في جودة المنتجات والتكنولوجيا الفرص للمشاركة بشكل فعّال في الأسواق الدولية. وامتد تأثير هذه الاستثمارات في خلق فرص العمل وتطوير المهارات، حيث يسهم الاستثمار في القطاع الصناعي في إيجاد فرص عمل للشباب وتطوير مهارات القوى العاملة، مما يعمل على رفع مستوى المعيشة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. إضافة إلى تنويع مصادر الدخل، إذ تعزز الاستثمارات في القطاع الصناعي تنويع مصادر الدخل الوطني، ما يقلل من التبعية على القطاع النفطي ويحد من تأثير التقلبات في أسعار النفط على الاقتصاد. ونجحت المملكة في تعزيز التوازن الإقليمي، ويسهم الاستثمار في القطاع الصناعي في تحسين التوازن الإقليمي من خلال توزيع الفرص والاستثمارات على نطاق واسع داخل المملكة. وبناء عليه تظهر أهمية الاستثمار في القطاع الصناعي الخاص السعودي من خلال تأثيرها الإيجابي على نمو الاقتصاد. ويتطلب تعزيز هذا القطاع التفاعل بين الحكومة والقطاع الخاص لتوفير بيئة استثمارية جاذبة وتعزيز الابتكار والتكنولوجيا لضمان استدامة هذا التأثير الإيجابي. فضلا عن مواصلة الجهود القائمة على توطين التقنية ونقل المعرفة والاستثمار في رأس المال البشري من خلال أدوات وتخصصات تعليمية متوائمة مع احتياجات المرحلة القادمة من المهارات اللازمة فضلا عن فتح أسواق جديدة لسوق الاقتصاد الرقمي وجذب استثمارات تقنية في مناطق المملكة واستغلال المساحات الجغرافية والتوزيع السكاني بإنشاء مدن ذكية كما يمكن مواصلة الجهود التعاونية الدولية في تعزيز نقل المعرفة واستقطاب الخبرات والمؤسسات التقنية العالمية لتشكل قيمة مضافة في المحتوى المحلي. كما أطلقت وزارة الصناعة والثروة المعدنية عشرين مبادرة في القطاع الصناعي و22 مبادرة في قطاع التعدين تهدف الى تعزيز ودعم القطاع الصناعي في القطاع الخاص وتشكلت تلك المبادرات في التركيز على المصانع الوطنية ومصانع المستقبل ومنها مبادرة تحفيز الصناعة المحلية وتُقدم المبادرة العديد من المحفزات والمزايا للمستثمرين الصناعيين، من خلال جهات منظومة الصناعة والثروة المعدنية والمحتوى المحلي. وتُعد المبادرة مظلة يندرج تحتها العديد من المبادرات الفرعية والبرامج والمسارات التي ستُقدَّم للمستثمرين في القطاع الصناعي بما يُسهم في توفير بيئة جاذبة للاستثمار وجذب الاستثمارات النوعية، وتنمية الاستثمارات القائمة، وتشمل استقطاب صناعات وطنية استراتيجية ذات أثر اقتصادي مرتفع وزيادة الكفاءة التشغيلية والطاقة الإنتاجية وتنافسية المصانع المحلية وتستهدف الاستثمارات الصناعية الجديدة والاستثمارات في المصانع القائمة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر. وهناك مبادرة مسرعة وحاضنة الأعمال الصناعية وتهدف التصدي بفعالية لتحديات رواد الأعمال الصناعيين والشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية من خلال عروض مصممة خصيصًا تم تطويرها بناءً على أفضل الممارسات الدولية ودعم أهداف استراتيجية الصناعة الوطنية ورؤية 2030 من خلال زيادة قاعدة الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة الناضجة والمبتكرة والقادرة على المنافسة عالميًا وتشجيع المزيد من ريادة الأعمال الصناعية وتحسين استمرارية الشركات الصناعية الناشئة على المدى الطويل. إضافة إلى مبادرة مصانع المستقبل، ويهدف إلى مساعدة المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة في تحقيق أعلى معدلات الكفاءة الإنتاجية عبر تقديم خدمات استشارية مجانية، وتقييم مستوى النضج، ووضع خطط لتطبيق مبادئ التميز التشغيلي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة للوصول إلى معدلات عالية في كفاءة الإنتاج ومبادرة تحفيز المصانع الصغيرة والمتوسطة لإصدار شهادات المحتوى المحلي ومبادرة مصانع المستقبل مسار برنامج محفزات التحول الرقمي ومبادرة مصانع المستقبل مسار تطبيق حلول الرقمنة الأساسية ومبادرة مصانع المستقبل مسار حوافز مسرعة تنافسية وأكد م. جاسم الشمري سفير الصناعة السعودية، بأن السيادة الصناعية تشكل أساسًا حيويًا في بناء اقتصاد قوي ومستقل للمملكة. ومن خلال التزام السعودية بتعزيز الصناعات المحلية وتطوير القدرات التكنولوجية، يمكنها تحقيق النمو الاقتصادي المستدام ورفع مستوى معيشة أبنائنا، مما يعزز مكانة المملكة على الساحة الدولية. وقال، بالنظر الى الجهود المقدمة من وزارة الصناعة والثروة المعدنية نجد أن مخرجات هذه المبادرات بدأت تتعاظم إلى حد ما، حيث بلغ إجمالي المنشآت الصناعية 11549 منشأة كما بلغ حجم الاستثمارات للمصانع الجديدة 1.85 مليار ريال مما يتطلب معه العمل على تحفيز القطاع الخاص الصناعي وتشجيعه للانخراط في النشاط الصناعي والاستفادة من هذه المبادرات في تحقيق قيمة مضافة لكافة الأطراف بما فيها تعظيم العائد الاقتصادي الوطني. م. جاسم الشمري