كارستين نيبور مستكشف ورياضي وعالم خرائط ومساحة ألماني عمل في خدمة الدولة الدنماركية وشارك ضمن بعثة مكونة من خمس علماء أرسلوا من الملك فردريك الخامس ملك الدنمرك سنة 1762م لاستكشاف جزيرة العرب وتقديم تقرير علمي واجتماعي شامل عن الجزيرة العربية وسورية ومصر وكان هو الناجي الوحيد بعد أن فتكت الأمراض ببقية الفريق قبل استكمال رحلتهم ورميت بعض أجسادهم في البحر وفي تقريره عن الختان وخصي الرجال والحيوانات السائدة تلك الفترة كتب في تقريره عن هذه الجزئية وضمن كتابه وصف أقاليم شبه الجزيرة العربية قائلا في بداية التقرير: يظن الناس أن شريعة محمد تنهى عن حرمان الرجل من رجولته ولكن ذلك لا يطبق إلا نادرا في المدن الكبرى وغالبا في مصر العليا وقد سئم رجال الدين من الوعظ للتخلي عن هذه العادة القديمة لا سيما وأن أفراد الطبقة الثرية يشترون المخصيين ويؤمنون لهم حياة رغيدة لكن الإخصاء لا يسود في شبه الجزيرة العربية فحسب كما يظن بعض علماء الغرب فهذه العملية تطبق في إيطاليا أيضا ونجد في شبه الجزيرة العربية، كذلك يوجد في مصر وتركيا عددا كبيرا من المخصصين أتوا من الحبشة في وسط إفريقيا فيما يبدو أن عددهم ليس كبيرا في الشرق، كما يسود الاعتقاد في أوروبا فعدد الخدم المخصيين الذين يملكهم السلطان وحده في القسطنطينية يضاهي عددهم الإجمالي في إمبراطوريته كلها ومعظمهم أرسل له هدية، وأكدوا لنيبور في القاهرة أن البكوات (اتحاد قبائل مورية أمازيغية) يحتفظون بعدد منهم أما باشا الموصل فلم يكن يملك إلا واحدا فقط اشتراه والده منذ عدة سنوات وفضل الاحتفاظ به حتى وفاته أما باشا حلب فلم يكن يملك إلا اثنين منهم. لا يكره المخصيون النساء كما يشاع عنهم، وأكد لهم المخصي الذي رافقهم من السويس إلى ينبع أنه يملك أمة رغباته وكان يعاملها كسيدة راقية وعلم أيضا أن مخصيا ثريا من البصرة يملك عددا من الزوجات. ليس خصي الحيوانات ضروريا في البلدان الحارة كما في البلدان الباردة لأن ترشحها يخفف من شراستها، وأخبره كما قال ضابط فرنسي قضى عدة سنوات على ساحل كرومندال في البنقال أن الأوروبيين يستعملون الأحصنة غير المخصية، وأنه لاحظ جموحها في الشتاء أكثر منه في الصيف، وأن العرب لا يقتنون أو يمتطون إلا الجياد والأحصنة غير المخصية، ونادرا ما يمتطون الفحول لأن ترويضها صعب للغاية، وذكر أن عرب الصحراء يستخدمون الفرس الأصيلة ويبيعون الجياد غير مخصية، في المدن لا يملك العرب عربات نقل أو قوافل لكن الهنود يستعملون العربات الفاخرة التي يجرها ثوران كبيران، وأخبرني الضابط الذي أتيت على ذكره آنفا أنهم لا يخصون هذين الثورين في كومندال أو البنقال، ولكنه أكد لي أنهم في بومباي يسحقون عضوهما التناسلي، ويقال إن شريعة المجوس تحضر خصي الحيوانات ولا يتجرأ اليهود الذين يعيشون في المجتمعات الإسلامية على أكل لحم الخراف أو الماعز المخصية؛ لأنهم لا يستطيعون فرض عاداتهم كلها في قلب شعوب غريبة حتى أنهم امتنعوا عن خصي حيواناتهم، وأخبرني يهودي من مسقط أنه باع جديه، وأعاد شراءه لاحقا بعد أن أخصاه شخص آخر، ويعتبر لحم النعاج الغذاء الأساسي للمسلمين وخاصة الرحالة منهم لكن موسى يمنع إخصاء الحيوانات التي تؤكل لا أعرف السبب الحقيقي لذلك إلا إذا كان يفضل الحفاظ على الإناث التي تساعد على تكاثر القطيع، وبالتالي تؤكل لحوم الذكور فحسب بينما يشتري الفقراء لحم الحيوانات المتقدمة في السن بثمن زهيد ولا شك أننا نفضل في أوروبا لحم الحيوانات المتقدمة في السن العجول منها والماعز للسبب نفسه وليس لطعمهما اللذيذ. لحم النعاج الغذاء الأساسي لأبناء الصحراء