تجدّدت المعارك العنيفة في الفاشر في جنوب غرب السودان حيث تشن قوات الدعم السريع "هجوما" دانته واشنطن. والفاشر هي العاصمة الوحيدة لولايات دارفور الخمس التي لم تسيطر عليها قوات الدعم السريع رغم محاصرتها منذ مايو. وكان حاكم إقليم دارفور مني مناوي قد لفت في منشور على منصة إكس إلى أن الجيش "دحر ميليشيات في هجومها السبعيني"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع التي كانت أشارت إلى أنها حقّقت تقدما وسيطرت على مواقع عسكرية في المدينة، عاصمة ولاية شمال دارفور. ووقعت عدة غارات لطيران الجيش على مناطق شرق وجنوب الفاشر وسمعت أصوات المضادات الأرضية". وأعرب المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو عن "قلق بالغ إزاء الهجمات الجديدة لقوات الدعم السريع"، داعيا إياها إلى "وقف هجومها" وذلك في منشور على منصة إكس. وتعذّر على الفور تحديد حصيلة الضحايا. وقال إبراهيم إسحق البالغ 52 عاما والذي فر من الفاشر ووصل إلى بلدة طويلة الواقعة على بعد 64 كلم إلى غرب المدينة إن "الأحياء أصبحت خالية تماما ولا تسمع سوى أصوات الانفجارات والقذائف"، وأضاف "تحولت منطقة السوق الرئيس وسط المدينة إلى مكان لا يطاق من شدة الانفجارات". واستنادا بشكل خاص إلى صور للأقمار الاصطناعية أتاحت رصد آثار القصف الجوي ونيران المدفعية، أفاد مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل في الولاياتالمتحدة بوقوع "معارك واسعة النطاق وغير مسبوقة بين الجيش وقوات الدعم السريع". وحذر المختبر الجامعي في بيان من أنه "بغض النظر عمّا ستؤول إليه معركة الفاشر، فمن المرجّح أن تحوّل شدة المعارك الحالية إلى ركام ما تبقى" من المدينة. حكومة جنوب السودان ترجئ الانتخابات وتمدد «الانتقالية» وفي الخرطوم، أفاد شهود بسماع دوي "انفجارات قوية حول منطقة سلاح المدرعات جنوب العاصمة" وب"تصاعد كثيف للدخان وتحليق للطيران العسكري و سماع أصوات قصف في وسط الخرطوم". ومنذ أبريل 2023 يشهد السودان حربا مستعرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو. وأسفرت الحرب في السودان عن عشرات آلاف القتلى. وفي حين لم تتّضح الحصيلة الفعلية للنزاع، تفيد تقديرات بأنها تصل إلى "150 ألفا" وفقا لبيرييلو. ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، بحسب إحصاءات الأممالمتحدة. من جانب اخر أعلنت الرئاسة في دولة جنوب السودان أن حكومة البلاد قررت إرجاء الانتخابات الوطنية حتى ديسمبر 2026. وذكر مكتب الرئيس سيلفا كير ميارديت، عبر منصة فيسبوك: "أعلنت الرئاسة بقيادة الرئيس سيلفا كير ميارديت تمديدا للفترة الانتقالية في البلاد مدته عامان، بالإضافة إلى إرجاء الانتخابات، التي كان من المقرر إجراؤها مبدئياً في ديسمبر 2024، إلى 22 ديسمبر 2026". ومنذ إبرام جنوب السودان اتفاق في 2018 انتهى صراع استمر 5 سنوات، وأسفر عن سقوط مئات الآلاف، لكن كثيراً ما "يشتعل العنف بين القبائل المتناحرة"، بحسب موقع المشهد السوداني. وكان من المزمع أن يختار جنوب السودان قادته الذين سيخلفون الحكومة الانتقالية الحالية التي تضم ميارديت، وريك مشار النائب الأول للرئيس اللذين تقاتلت قواتهما خلال الحرب الأهلية. وقال مكتب ميارديت: "هناك حاجة إلى وقت إضافي لإكمال مهام أساسية قبل التصويت". من جهته، قال مستشار الرئيس للأمن القومي، توت قلواك، في حديثه للصحافيين، إن "التمديد يمثل فرصة لتنفيذ البروتوكولات المتبقية المهمة في اتفاقية السلام الشامل، مثل عملية الدستور الدائم، والتعداد السكاني، وتسجيل الأحزاب السياسية". من جانبه، قال وزير شؤون مجلس الوزراء مارتن إيليا لومورو، إن "التمديد جاء استجابة لتوصيات المؤسسات الانتخابية وقطاع الأمن". من جهتها وصفت مسؤولة أممية عائدة من زيارة للسودان معاناة نساء وفتيات نزحن هربا من الحرب، مندّدة بتجريدهن "من كل ضرورياتهن الأساسية" ومواجهتهن نقصا حادا في الأغذية والمياه والأمان. وقالت المديرة الإقليمية لصندوق الأممالمتحدة للسكان للدول العربية ليلى بكر "نعلم جميعا أن الحرب بشعة، لكن هذا واحد من أبشع الأوضاع التي شهدتها في مسيرتي المهنية". وأضافت "تخيلوا الآلاف من النساء مكتظات في ملجأ حيث ليس لديهن مياه نظيفة، ولا نظافة، ولا طعام كافٍ لوجبتهن التالية، ولا رعاية طبية لهؤلاء النساء النازحات"، وقالت بكر: "إن النزاع يضرب بقوة قلب السودان"، مندّدة بنقص في تمويل جهود الدعم الإنساني.