داخل ذلك المسرح الممتلئ بكثرة الوجوه، والذي يضجُّ بالحضور الصاخبِ، والزخمِ المتزايد، وعند كلِّ فصل يمر عليك من فصوله التي وقعتْ عيناك عليها أو تلك المشاهد التي استرق سمعك إياها. تُشاهدُ أحداثاً تتشابه، وكأنكَ قرأتها مُسبقاً، وتعرفت على تفاصيل عرضها، وحلَّلْتَ نهايتها قبل بدء بثِّها، بل وصَلَتْ درجةُ تصورك لما هو أبعد من حيث يقينك بركاكةِ المحتوى، وغثاثةِ السياق، إلاَّ أنك تضطَّر أنْ تحبس أنفاسك، وتُكتِّف يديك، وتروض غضب دفعك لتذاكر تلك اللحظات، وفواتير ذلك الوقت المهدر، وعلى أي حال فالأمثلة كثيرة في هذا؛ إذ أصبح مسرح حياتيا مُملاً، لكثير من التكرار والاستهلاك الممقوت، وقد يوافقني في قراءة هذا المشهد الكثير، فلسان حالهم كما قلتُ وفصَّلْت، إلاَّ أنَّ هؤلاء الأفاضل يغيبُ عنهم ما هو أكثر أهمية ألا وهو أنهم لن يصلوا يوما لدرجة الرضا، ونيل مقومات السعادة الداخلية إلاَّ بالنظرة الإيجابية لمثل هذه التصرفات، والصبر الداخلي عن تلك السلبيات وليس المقصود هنا المجاملة أو ما يُعرف بجبر الخواطر للفعل أو التصرف لا، إنما قصدي هو مُعايشة العقول بإيجابيةِ حُسن النيات وبذل اختلاق العذر طالما أنهم يعايشونهم تحت سماء واحدة، وفوق أرض واحدة؛ فالعقول ليست على قدر واحد من حسن التصرف وإدراك التفاضل كما يتصور البعض؛ فينكِّل هؤلاء المدفعيون بأنفسهم، ويجلدونها بسياط الغضب حتى ولو كان الثمن صحتهم، وراحة أذاهنهم على أقل تقدير. كُنْ إيجابياً أينما حللتْ في مناسبة، أو عند أصدقاء، أو في زيارة زميل، أو بين أسرتك، وأنت تسافر بين تطبيقات العالم الافتراضي، تأكَّد ليس كل شيء سيُعجبك، واعلم أنَّ ما لا يروق لك قد يروق لغيرك، لم تخلق كل الأشياء في قمة التَّمام، ولن يتوقف العالم عند تصوراتك؛ فاجعلْ من إيجابيتك راحةً لنفسك على الأقل. بدر الروقي