عندما تسمع من يقول: «لا يهمني الناس ولا رأيهم فيّ» ولا أراهم شيئا، فأعلم بأنه قد بلغ مرحلة متقدمة من «النرجسية» التي صنعتها «الأنا المتضخمة» فحولته إلى شخص «مضطرب» يرى الناس أقزاما، ويرفض مساواته بهم بينما الحقيقة تقول: الأنا المتضخمة إذا تمكنت من الشخص، طفق يستعرض ثقافته، فكره ولغته، وقد يستعرض تفاصيل جسده، حتى يرى أنه لا شبيه له، لا يقبل من أحد لا توجيها ولا نصيحة، حتى يصل درجة استصغار الناس واحتقارهم . فالشخص ذو النرجسية المتغطرسة مصاب «بداء التمحور حول الذات» الذي يجعله «يفرط في حب ذاته» إلى الحد الذي يجعله لا يرى غيره شيئا ويرفض آراء الناس فيه ولو كانت حقا ولا يقبل ما يقدم له من نصائح أو نقد أو تقييم. ينمو الرفض بداخله ليشكل شعورا ناتجا عن افتقاده «للتقدير» في محيطه، قد يكون فقده بسبب الكارهين له، المختلفين معه، المنتقدين له، المساوين له، فيرفض تقييم الآخرين له كردة فعل لفقدانه تقديرهم، مع أن منهج ديننا «المسلم مرآة أخيه» وعمر بن الخطاب قال: «رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي» والقاعدة تقول «الناس مرايا لبعضهم بعضا» فالإنسان بحاجة إلى أن يقرأ شخصيته وتقييم سلوكه من خلال نظرة الآخرين له وهو تقييم لن يؤثر في شخصيته ولن يقلل من قيمته بل يعرف مواطن قوته وضعفه. الأنا المتضخمة تبدو واضحة في شخصيات كثيرة من سماتها أنها تقيم لساعات في برامج التواصل لتبحث لها عن مكان وصيت كتعويض عن واقعها الضائع مع أن البرامج تزيد من حدتها وانتشارها، وتكشف عن تشبثها بمصالحها الشخصية. صاحب الأنا المتضخمة لديه لسان سليط هو يراه أمرا عاديا، لكن هذا جزء من نرجسيته المتغطرسة لهذا لماذا قلنا هو يعشق الوجود بشكل مستمر في وسائل التواصل، لأنها تحقق له الشهرة المزيفة وجذب الانتباه والحديث عن منجزاته الهلامية فتزيد من لمعان اسمه لكن تبقى المفاجأة الصادمة حينما يقع في مزالق ومواقف فتكشف خداع الناس فيه.