يتوجب على المفتونين بصناعة الترند المحلي عبر أساليب رخيصة أن يعرفوا أن بضاعتهم مزجاة، وغايتهم فاسدة، وعلينا كمستخدمين أن نثقل وعينا بفهم الفاسد من القصص «الترندية» وندرك أن بروز حكاية مصنوعة ومشوبة بالجدل واللكمات الكلامية هي بضاعة الجهلاء والمنتهزين الذين يجعلون من المستخدم سلعة لهم.. يُعرَّف الترند -وسم يرتفع فيكون الأول على الوسوم الأخرى- أنه نمط أو سلوك اتصالي تفاعلي يتزايد انتشاره، أو شعبيته خلال فترة زمنية معينة، ويعتبر مفهوم "الترند" كمظهر تقني وأسلوب تأثير لصناعة حالة من التبعية والتقمص لدى كثير من المستخدمين، حيث يشير إلى اتجاهات المستخدم السائدة في مجالات، وموضوعات، وقضايا هي الأكثر انتشاراً دوما تحظى باهتمام كبير من رواد تلك الوسائل خلال فترة زمنية محدودة. فنجد مثلا ترندًا في مجال التقنية يشمل الإصدارات والابتكارات الجديدة، أو التطبيقات، أو في مجال الصرعات والموضات والصيحات، أو الأحداث الفنية والرياضية وغيرها. وتكمن أهميته في إمكانية توجيه الرأي العام والتأثير في قرارات المستخدم وقناعاته، وكذلك توجيه معطيات الأسواق، وتعزيز التفاعل بين الأفراد والمجتمعات حول مواضيع مشتركة، وفهم ما يتحدث عنه الناس على وسائل التواصل الاجتماعي، واطلاعهم على المستجدات وكثير من التفاصيل حول قضايا مختلفة. كذلك استشراف المستقبل فيمكن أن تساعد دراسة الترندات في التنبؤ بكيفية تغير السلوكيات والاهتمامات في المستقبل، والتكيف مع التغيرات التي تمكن الشركات من التماهي مع التغيرات السريعة في السوق واحتياجات المستهلكين والمستخدمين. ويبرز أن السائد الآن في عصر الوسائل التواصلية أن الترند أصبح وأمسى جزءًا أساسيًا من الثقافة الاتصالية المعاصرة، ويعكس التغيرات في المجتمع والاهتمامات الجماهيرية. ولا شك أن مصداقية الترند تتمحور حول المصدر حيث يجب أن تأتي المعلومات من مصادر موثوقة ومعروفة، وكذلك البيانات التي دعم الترند بإحصائيات وبيانات قوية يعزز مصداقيته، والمدة الزمنية التي تستمر لفترة طويلة تكون أكثر مصداقية من تلك التي تظهر لفترة قصيرة. وتتمحور فلسفة الترند حول الثقافة الرائجة وهي ثقافة الجيل الذي يتميز بالاستخدام الكبير للوسائط التكنولوجية والشّبكات الاجتماعيَّة، والسخرية من كل الأنماط الحياتية السابقة عليه، ويتصرف بسلوكيات متشابهة في أغلب الأحيان، وقدرته على التغيير والتحديث أعلى بكثير من الأجيال السابقة، بالإضافة أنها تكمن في رغبة الناس بالحصول على معلومات سريعة وسهلة عن القضايا المعاصرة، وتفاعله مع مضامين أدوات الوسائل التواصلية لنشر وتداول هذا الترند، حيث إن تلك المنصات تسهل انتشار الموضوعات الرائجة بين المستخدمين وتساعد على تحويلها إلى "ترند". وهذه التفاعلات الاتصالية والتواصلية تحدث تأثيرا كبير على الرأي العام والسلوك الاجتماعي، حيث إن الموضوعات الرائجة تصبح محور اهتمام الناس وتؤثر على آرائهم وتوجهاتهم، كما أن المنصات الرقمية تسعى إلى استغلال الترند لزيادة مشاركة المستخدمين وتفاعلهم. والملاحظ أن الترند كسياق جماهيري يُستقى منه تحليليا الكثير من المؤشرات والبيانات؛ إلا أن هناك تحديات مختلطة مرتبطة بالوسيط التقني، والسلوك الاتصالي الكامن لدى المستخدم وعقلية المتلقي، وتتمثل هذه الإشكالات في صعوبة ضبط المحتوى المنتشر وتأثيره السلبي على الأخلاقيات والقيم الاجتماعية، لذلك وضعت معايير وأخلاقيات لتنظيم هذه الظاهرة مناطة بجهات مسؤولة. والمستخدم يلاحظ أن الترند يرتبط دوما في الوسوم "الهاش تاق" الذي يبث وينشر ويدعم ويعزز في الوسائل التواصلية المختلفة "لتصنيف الموضوعات والأحداث الجارية، فيسهل علينا متابعة الأشخاص الَّذين لديهم نفس اهتماماتنا، كمتابعة أخبار وأحداث مهمَّة أو مصيرية عن كيانات، أو أشخاص، أو مؤسسات، أو مجموعات، أو أنشطة وفعاليات ومواسم وبطولات ومؤتمرات وغيرها. ولا شك أن فاعلية أي وسم يصبح ترندًا متسيدًا يؤدّي إلى زيادة الاهتمام بقضيّة معيّنة أو شحن الجماهير مع أو ضدّ. ويلاحظ المستخدم بيننا وفي مجتمعنا نشوء حالة من التبعية تكمن في الالتصاق الذهني والنفسي بالترند والوسوم، وتجد الكثير يستهلكون وقتا طويلا في ملاحقة الموضوعات المحدّدة مسبقاً من خلال شخصيات مؤثّرة، أو أحداث طارئة، أو قضايا تناسب اهتماماتهم من الموضوعات الموجودة على ساحة النّقاش. وتظهر مسألة كبيرة مرتبطة بوعي الجمهور المستخدم تمثل إشكالية متجسدة في نوعية المحتوى وطبيعة الترند أو الوسم وأغراضه ومصدره، فكثافة الاستخدام لدى الكثير طغت على تقنية وعقلية الفرز بين الرديء والجيد ولم ينتبه الكثيرون إلى واقع كثير من التضليل والإشاعات والأقاويل الفارغة والأكاذيب فنرى مرات "أن أغلب التفسيرات لأحداث كثيرة متداولة تظهر في تقديم قصة ملفّقة تبدو مغرية ومثيرة للناس، وعادةً ما يُسارع الناس إلى تبنّي تلك المرويّات الكاذبة والأخبار المزيفة كحلّ سريع يحميهم من عناء البحث عن الحقيقة وتقصّي الحقائق. وفي تلك الأحيان، وتلك البيئة الجاهزة لتلقّي أيّ خبر أو كذبة سهلة تخدع الكثيرين؛ تظهر الإشاعات كظاهرة أساسية ومسيطرة على عقول وأفكار الناس، والأخطر من ذلك هو جهل الناس بطبيعة الأمور التي يتحدثون عنها. ومن يطالع كذلك خصوصا في الترند المحلي في بعض المنصات صعود قصص ووسوم غريبة عجيبة فقد تجد أن صراعا بين شخصين أو أطراف أو مؤسسات أو دعايات سلبية تتصدر مشهد الترند المحلي وتستغرب كيف يمكن أن يكون هناك ترند، أو وسم فارغ مملوء بالسب والتحريض والاتهام والبذاءة والإساءة محتوى تجده منطلقا بقوة متابعة طاغية. المستخدم اليوم يعاني من انهيار الوعي وفقدان الفهم للصورة الواضحة لكل مضمون يطالعه، ويظهر ذلك من خلال الحُكم على موقف بسيط أو مجتزأ من سياقه، والتعوّد على أن مضمون الترند والوسم واقع وحق وحقيقة فلا يتأمل ويتوقف عند المخاطر والتأثيرات السالبة، فوجود ما يشبه الوعي وهو موجَّه أو مزيَّف مسألة خطيرة، وتؤثّر على اتجاهات الناس، وربما تحدث انتكاسات نتيجة ذلك. وكون الترند يعد أداة قيمة لفهم البيئة المحيطة، توجب تقييمه بعناية لضمان مصداقيته والاستفادة منه بشكل فعال. في واقعنا الكثير يستمتع ويتمنى أن تصل قصته ترندًا مهما كلفه الأمر حتى لو بنى رغبته على حشد غير مناسب ومشروع، كذلك لديهم استعداد بالمشاركة في ترند قد يمس واقعنا الوطني، فأمثلة دس السم في العسل كثيرة واستغلال أي حراك تقني هو غاية المتربصين. ويبقى القول: يتوجب على المفتونين بصناعة الترند المحلي عبر أساليب رخيصة أن يعرفوا أن بضاعتهم مزجاة، وغايتهم فاسدة، وعلينا كمستخدمين أن نثقل وعينا بفهم الفاسد من القصص "الترندية" وندرك أن بروز حكاية مصنوعة ومشوبة بالجدل واللكمات الكلامية هي بضاعة الجهلاء والمنتهزين الذين يجعلون من المستخدم سلعة لهم، كذلك نفهم بشدة أن الحاقد والكاره يتحين مساحات ترندية ليجعل منها مستنقعاً يستمتع هو فيه.