في هذه الزاوية سنطوف حول قامات سعودية لم نجد لهم كتباً في المكتبات، ولم توثق تجربتهم. بقي إنتاجهم طي الصحف والمجلات رغم أنهم ساهموا في بدايات الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية من شعر ونثر ورواية نستذكرهم هنا في كلمات بسيطة لا توفيهم حقهم، نلقي الضوء عليهم، ومن هنا نضع أسماء من تجود الذاكرة باستدعائه علّ يكون هناك من يلم شتات أعمالهم ويجمعها تثميناً لما قاموا به من جهد على امتداد عقود. عمر المضواحي لعراب القصة الصحافية الراحل عمر مضواحي «1966- 2015» أمنيات كثيرة آخرها حينما كتب قبل رحيله بشهور معدودة: «إن الموت في مكة حياة» ليسكن ثراها طاوياً خمسين عاماً من عمره نصفها قضاها بين أروقة الصحافة. مضواحي خريج كلية الإعلام جامعة الملك عبدالعزيز لم يكن صحفياً أو كاتباً عابراً بل كان أحد آباء الصحافة المكتوبة، مناضلاً بقلمه راسخاً بمبادئه عاش حياته بإرادته واختياره ليس بعقول الآخرين ولا تمنياتهم، لم تُغرِهِ المناصب الصحفية أو الوجاهة الإعلامية، ولم يمارس التنظير لإبراز قدراته على من حوله. وضع لنفسه حالة متفردة، تنقّل كطائر نبيل بقصصه الصحفية بأمتعتها وقلقها وأسئلتها بين الصحف والمجلات بدأها «بمجلة اقرأ، المسلمون، مجلة المجلة، الشرق الأوسط، الوطن، مكة» أسّس المضواحي الذي عاش صحفياً ومات صحفياً مدرسة جديدة بالصحافة، وظّف ما لديه من خبرات بأسلوب حديث قلّما أحد يجاريه فيه، روى لنا قصصاً صحفية لا تُنسى، صنع له أسلوباً خاصاً وهوية أدبية. مضواحي الذي ولد في مكةالمكرمة وتربى بين جبالها ووديانها يعتبر من المثقفين المهمومين بتاريخ مكة العريق وآثارها الإسلامية، وهو ابن بار لها بحرمها، ومعالمها، وتراثها، وعمارتها. رحل المضواحي الذي كان يرى «الصحافة طريقة حياة وليست مهنة لكسب الرزق»، وبقيت تجربته التي تستحق أن تُدوّن، وهو الذي كتب: إن أكبر عيوب الصحافة السعودية أنها بلا ذاكرة وتكاد تكون بلا تاريخ يحكي تفاصيل ما وراء الصحافة ورجالاتها. حسين الحربي