لاحظَ العالم والباحث الألماني نيبور أثناء مرافقته لفريق العلماء الدنماركيين سنة 1762م في الجزيرة العربية أن تعدد الزيجات ليس رائجاً في أنحاء الشرق كافة كما يشاع في أوروبا ورغم تباهي بعض المسلمين أمام نيبور في هذا الحق كما يقول اعترف له بعض الأثرياء منهم أنهم لم يذوقوا طعم السعادة إلا مع امرأة واحدة فنجد بالتالي رجالاً معدمين يتخذون لهم أكثر من زوجة، وآخرين أثرياء يكتفون بواحدة طوال حياتهم ويلزمهم القانون بإعالة زوجاتهم كلهن وبمقابله كل واحدة منهن مرة في الأسبوع ويعتبر معظم المسلمين هذا الواجب مضنياً لأنهم غالباً ما يتزوجون في سن مبكرة لحمايته من الانحراف. ثم يذكر في السياق نفسه أن بعض المسلمين في أوروبا يشاع بأنهم اعتادوا بيع بناتهم لكن الواقع هو أن العاقلين منهم يزوجون البنت لرجل ميسور وكريم الأصل يقدم لها مهراً تحتفظ به لنفسها ويعقد لها أمام القاضي الذي يحدد ما يجدر بالعريس تقديمه للعروس فضلاً عن المبلغ (المؤخر) الذي يتوجب عليه دفعه إن خطر له يوماً ما أن يطلقها ونادراً ما يزوج الأب ابنته من أجل المال فقد يقبل رجل غني أن يعطي ابنته لعريس فقير ويقدم له مبلغاً كبيراً من المال ليدفعه أمام القاضي والشهود كمهر للعروس وفي المقابل يلتزم العريس بدفع مبلغ كبير من المال لزوجته في حال الطلاق ولما كانت المرأة تحتفظ بمهرها لنفسها يعتمد الرجل عليها في معظم الأحيان فتتحكم المسلمات الثريات في بيوتهن أكثر مما تفعل المسيحيات في أوروبا كما وأنهن يعشن بسعادة أكبر ويحق لهن طلب الطلاق إن أساء الزوج معاملتهن مع تقديم أسباب وجيهة لطلب الطلاق ثم يذكر ضمن كتابه وصف أقاليم شبه الجزيرة العربية أن كثيراً من الأثرياء يختارون عادةً نساء من بيوت وأسر متواضعة حتى ينبهرن بالترف والمركز المرموق والخدم المحيطين بهن ولكن الكثير ممن يتزوج على هذه الطريقة يعانين من الضرات والجواري أشد معاناه فينتهي الأمر أحيانا الى الطلاق ولا شك ان المسلم يتخذ له اكثر من زوجه مضيفاً القول: يظن الاوروبيون ان المسلم قد لا يجد امرأة يتزوجها لان عدد النساء في الشرق يوازي تقريبا عدد الرجال لكننا لم نلحظ نقصا شديدا في النساء وتبين لنا ان المسلم الفقير لا يحتاج الى مبالغ طائله لتلبية حاجات زوجته كما يحصل مع المسيحي الفقير في اوروبا وقدم نيبور نموذجاً حيث كان يعيش في بلده روميه قرب الفرات رجل له أربع زوجات يعتاش من عملهن ولا اشك ان هؤلاء الزوجات الاربع ما كن صبرنا على هذه المعاناة لو وجدن عرسان أفضل منه مضيفاً بأن الخدم والجنود في الشرق يقدمون على الزواج اكثر منه في الغرب ،وإن خطر لنا ان نتساءل لماذا يسعى المسلم دوما وراء المرأة فإنه لا يوجد جواب الا في سلوكها وطريقه تفكيرها إذا ما عرفنا انه من العار ان تشبه المرأة في الشرق بالشجر غير المثمرة فضلا عن تنبيه المسلم منذ صباه أنه لمشين الا تجد الفتاة البالغة او الأرملة الشابة زوجاً لها فلا يتوفر بالتالي بيت للفتاة العازبة التي لا تكف وهي تبحث عن عريس ملائم لها وان كانت مطلقة بحثت عن زوج بديل حتى لو كانت المسلمة تعيش على هامش المجتمع خلافاً للمرأة الاوروبية ويمضي إلى أن تعدد الزيجات يسيء دون شك الى السكان بالذات عندما ينجب بعض الرجال أطفالاً كثيرين من عدة نساء واكتشف في نفس الوقت أن بعض من اكتفى بزوجة واحدة أنجب أبناء كثيرين لأن المرأة الشرقية تبذل جهداً كبيراً لإحاطة زوجها بالأولاد خوفاً من الضرات وحتى لا يفقدن رغد العيش. ليلة الدخلة