في لقاء ثقافي مميز، استعرض مؤلف كتاب "الذوق في القرآن" الدكتور عبدالعزيز العمار أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الإمام محمد بن سعودي أبرز محاور كتابه الذي يعالج مادة "الذوق" ومقاماتها في القرآن الكريم من منظور بياني. أشار المؤلف إلى أن اختياره لهذا الموضوع جاء نتيجة لأهمية الدراسات البلاغية التطبيقية المتعلقة بالقرآن الكريم، وخاصة لتعدد الآيات التي وردت فيها لفظة "الذوق" بصيغ متنوعة وفي مقامات متعددة، حيث انفرد القرآن الكريم بأسلوبه الفريد في توظيفها. وأوضح في اللقاء الثقافي الذي نظمه صالون نبل الثقافي، واحتضنه مقهى "سلالات القهوة"، أوضح المحاضر أن "الذوق" في اللغة يعود إلى أصل واحد، وهو اختيار الشيء لغرض التطعم، مستشهداً بقول العرب "ذقتُ الطعام، وتذوقته شيئاً بعد شيء". وأضاف أن المعاجم اللغوية تذكر معانٍ مجازية للفظة "الذوق" تدور حول الاختبار والمعرفة الحقيقية للأشياء. كما تطرق المؤلف إلى تفسير ابن جرير الطبري للمعنى المجازي للفظة "الذوق"، إذ يشير إلى استخدامها في وصف النيل من السلاح والقتل، مما يشير إلى تطور المعنى من ذوق الطعام إلى التجربة العامة للذة والمرارة. وأيضاً، استعرض المؤلف رأي ابن خلدون حول استعارة لفظة "الذوق" لوصف من يملك ملكة الشعر. وتحدث المؤلف عن تعدد مقامات لفظة "الذوق" في القرآن الكريم، مشيراً إلى أنها وردت في أحد عشر مقاماً وتنوعت صيغها بناءً على الغرض الذي وردت فيه والمقام الذي سيقت له. وأكد أن دلالة لفظة "الذوق" تختلف من مقام إلى آخر، حيث تشير في الدنيا إلى القلة وفي الآخرة إلى الشدة والعظمة. وأشار المؤلف إلى أن أغلب الآيات التي وردت فيها لفظة "الذوق" تناولت عذاب الآخرة، مبيناً أن ذلك يعود إلى الفترة الطويلة التي قضاها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة. ويعد الكتاب "الذوق في القرآن الكريم" إمعان للنظر في الأسرار البلاغية للفظة «الذوق» ومشتقاتها في القرآن الكريم، وذلك عبر تتبع مواضع ورودها في الكتاب العزيز، وحصر المؤلف أحد عشر مقاماً هي مقامات ورودها فيه، ثم بيان مدى ملاءمتها للمقام القرآني. فبعد تعريف الذوق، وبيان المراد بالمقام في الدرس البلاغي وسرد آيات الذوق في القرآن الكريم وصيغها؛ فصل المؤلف في بيان تلك المقامات، وفي ذكر آيات كل مقام، والصيغ الواردة فيه، ثم اجتهد في تجلية بعض الأسرار البلاغية التي انطوت عليها كل لفظة في المقام الذي وردت فيه، وفي السياق الذي جاءت خلاله، وذلك من خلال الرجوع إلى كلام أهل العلم، إضافة إلى طول التأمل، وعمق النظر والتدبر. ثم توج هذا البحث خاتمة ضمت الخلاصة الكافية التي تبرز أثمن الدرر البلاغية، والجواهر الإعجازية المستخلصة من الآيات التي ذكر فيها الذوق في القرآن المجيد. وفي ختام اللقاء، أوصى المؤلف بالإقبال على دراسة القرآن الكريم ودعوة العلماء إلى المزيد من الدراسات المتخصصة في مجالاته المختلفة، مؤكداً أن إعجاز القرآن الكريم لا تنفرد بدراسته جهة واحدة بل يحتاج إلى تعاقب العلماء وتضافر الجهود لإظهار بلاغته وإعجازه. جانب من الحضور