بينما كانت تضج وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بالكثير من الأخبار والشائعات حول مشكلة حدثت بين إدارة الهلال والنجم الدولي سعود عبدالحميد وانعكست على حسابات المدرب البرتغالي خورخي خيسوس الذي استبعد اللاعب من معظم مباريات الفريق التجريبية في معسكر النمسا، كان الصمت سائداً كما العادة عند إدارة الهلال. ثمة من اتهم إدارة الهلال بعدم الوضوح، وآخرون طالبوها بالخروج وتوضيح الأمر، بينما كان فهد بن نافل ومعه فهد المفرج وسعود كريري يعملون بصمت لاحتواء الموقف، خصوصاً أن الموقف القانوني ل"الزعيم" هو الأقوى باعتبار أن عقد النجم الشاب مستمر لموسم واحد. أتفهم وكثيرون معي أن سعود عبدالحميد يتمتع بكل الإمكانات التي تؤهله للاحتراف خارجياً، ومطالبته بذلك تعبر عن عقلية لا يسيطر عليها المال، لكن هل من عروض وصلت لإدارة ناديه؟ ظهرت أنباء صحافية تؤكد أن تولوز الفرنسي قدم عرضاً لشراء المدة المتبقية من عقد اللاعب، وأنباء أخرى تتحدث عن طلب استعارة مقابل 400 ألف يورو ومن ثم 600 ألف، وهو مبلغ لا يصل لمرتب شهر واحد يتقاضاه اللاعب مع فريقه. وإن نظرنا للأمر من جانب فني، ووضعنا المال جانباً، فإن تولوز الفرنسي لا يمثل انعكاساً لطموحات عبدالحميد ولا الجماهير السعودية التي لطالما منت النفس بوجود لاعب سعودي في الملاعب الأوروبية، وإن كان ثمة من نظر إلى تولوز باعتباره بوابة لانتقال الظهير المميز إلى أندية أوروبية كبرى، لكن احتمالية حدوث ذلك تبدو ضئيلة للغاية. وأمام كل تلك التفاصيل، كانت إدارة الهلال تعمل بهدوء، حتى نجحت في السيطرة على الموقف لتظهر الأنباء بأن اللاعب وضع فكرة الانتقال جانباً على الأقل حتى نهاية الموسم الجديد، وأصبح ضمن حسابات مدرب فريقه. شكّل ذلك درساً آخراً تقدمه الإدارة الأكثر نجاحاً في تاريخ الأندية السعودية، من خلال التعامل مع التحديات بعيداً عن الإعلام وضجيجه والتعرض لصخب المدرجات، على العكس من إدارات الكثير من الأندية التي تلجأ للإعلام إما لتبرئة ساحتها أو لممارسة الضغط على اللاعب، وهو ما كان بإمكان إدارة الهلال فعله، لكن المنطق والقدرة الإدارية على التفاوض كانت حاضرة ونجحت من جديد، وقدمت صورة مثالية لكيفية إدارة الأزمة وحل مشكلات من هذا النوع.