بين يوم يشرق وآخر يودعنا بقبلة الغروب على جبين المساء، تتعمق معاملاتنا الإنسانية بشكل أكبر ضمن دائرتنا الاجتماعية ويعتري ذلك شيء من دفء الفصول وخريفها. تتحكم بذلك الظروف المجتمعية والعوامل الشخصية والمسوغات البيئية وكل ما يحيط بنا، وبحكم استضافتنا لسلطة التكنولوجيا في بهو حياتنا أصبحت شخصياتنا تتسم بالسرعة والآلية بطريقة لا تحتمل التأجيل، نتطلع إلى النتائج دون أن نعير انتباها إلى المسار المؤدي لها ذلك هو التواصل الإنساني. إن الحياة عبارة عن شبكة متشعبة من العلاقات التكاملية لا التفاضلية، فلا فوقية لفرد دون آخر وتعظيم له خلف ستائر اجتماعية أو مالية أو قومية؛ لأنه نذير شؤم بتسلل شمس الحقيقة قبل سقوط الأقنعة والبقاء للوجه الأصلي للشخصية. يتراءى ذلك في المعاملة الراقية مع الآخرين بالتواضع وإبراز لين الجانب وإغداق التعاطف أثناء الحوار دون معايشة الموقف، فالجميع لديه من المعارك الداخلية والنزالات الخارجية ما ملأ بها تاريخه ليستشعر نشوة الانتصار، فهو بحاجة لمن يربت على كتفه في خضم الطوفان ويعين ركب السفينة وقبطانها على الاجتياز، لا من يوبخه بسوط التأنيب الذاتي ويكون لنوائب دهره معين بحجة تعيسة المقام تتمثل في أن يرفع أحدهم لافته (أنا صريح). ينبغي أن تهيئ النفس الإنسانية لأن تكون أكثر وداً وأعمق وجداناً، فما نحن إلا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا تحقيقاً للتكامل الاجتماعي. والتواصل البشري عادةً يكون بين المرسل والمستقبل لذا بناء لغة اتصال عالية الجودة من أهم مقومات الترابط اللحظي بين الأفراد، بدءًا بلغة الجسد والاتصال البصري أثناء الحديث وكذلك الانصات لا الاستماع لتثمن القيمة الوقتية والوجدانية ثم التركيز على إيجاد الحلول لا استخدام الأسباب لتهويل الموقف. ازهر بروحك أينما حللت، وارسل حمام السلام برسائل الحب إلى من يقطنون زوايا حياتك، ولا تقنع بالتين بل تطلع إلى أن ترتشف العسل من فيه اللحظة. فأنت الراوي لقصة حياتك وربما لأحدهم فكن شهداً تطيب به مرارة الأيام بالكلمة اللطيفة والبسمة الجميلة جابراً لخاطر ذاك البعيد، قاضياِ حاجة هذا القريب، واجعل مرورك بين صفحات الآخرين كالسلسبيل الذي لا ينضب بين طود الظروف.