مع تحديات التربية الحديثة وغزو الأجهزة الإلكترونية وألعاب الواقع الافتراضي، نشاهد بشكل مستمر في وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الأخصائيين الذين ينصحون بنصائح مختلفة في التربية، منها ما هو مفيد وعملي ومنها ما هو نظري يبدو مثاليا ولكنه فعلياً غير قابل للتطبيق في أرض الواقع. ومن واقع تجربتي الشخصية في تربية أطفالي وذلك بتجربة عدة وسائل وأفكار تربوية توصلت إلى أن التربية بالقُدوة هي من أفضل وأنجح الوسائل على الإطلاق، وهي الطريقة التي اتبعها الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته عندما كان الناس يتعلّمون منه عن طريق الاقتداء به كما قال سبحانه في كتابه الكريم:(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، فاذا أردت أن ترى أبناءك يُطبّقون نصائحك الأخلاقية في حياتهم و سلوكهم وتعاملهم وهم مقتنعين بذلك وبشكل تلقائي لا بد أن تطبّق عملياً ما تنصحهم بفعله، فالتطبيق العملي من جهتك كقدوة حسنة أبْلغ بكثير من الوعظ والتلقين اللفظي لوحده، أو استخدام أسلوب التهديد والوعيد فقط، فلا بد أن يرى طفلك طريقة تعاملك وأخلاقك والتزامك بالمبادئ التي تؤمن بها بشكلٍ يومي، خصوصاً المبادئ الإسلاميّة ويأتي من بعدها أخلاقيّات التعامل والثقافة والتفكير وطريقة اتخاذ القرارات المنطقية، إضافة إلى أسلوب الغذاء الصحي في حياتك وبرنامج التمارين الرياضية وغيرها لكي يتعلم منها، قم بتوجيههم ثم ليشاهدوك تطبقها عملياً وسوف تشاهد النتائج المثمرة، وجدير بالذكر أنك لن تجني ثمار ذلك ولن يتحقق لطفلك مراقبتك كقدوة حسنة في هذه الأمور وهو لا يخرج معك من المنزل ومنغمس طوال الوقت في اللعب في الأجهزة الإلكترونيّة والجوال، فلكي ترى نتائج هذه الوسيلة فعليك أيضاً أن تضع خطة لأطفالك لتقنين وتنظيم وقت محدد لاستخدام الأجهزة الإلكترونية والجوال، وذلك عن طريق تطبيقات مخصّصة لذلك أو بوضع رقم سري لجوال طفلك، كما أنه على الأب أن يأخذ ابنه معه أينما ذهب قدر الإمكان ولا يجعله حبيس الأجهزة في المنزل، وعلى الأم أن تقوم بذات الشيء مع ابنتها، وذلك لكي يشاهدون ويتعلمون ويتطورون اجتماعياً وأخلاقياً ويعرفون كيفية التصرف الصحيح في مختلف مواقف الحياة، ليكبروا في المستقبل ويصبحوا جيلاً يتمتع بالنضج الاجتماعي والاعتمادية وقوة الشخصية وحب الإنجاز، وقد قال رسول الله عليه السلام: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).