انتشرت أخيراً ظاهرة خطيرة على أطفالنا والمجتمع وهي حمل الأطفال (من سن 8 إلى 14 سنة) الجوالات التي تحمل كاميرا وبلوتوث. فأطفالنا لا يدركون مخاطر هذه الجوالات ولا يدركون مخاطر وتوابع المقاطع البلوتوثية التي تحملها جوالاتهم، ولا يدركون المفاسد التي تحدث لهم من هذه المقاطع والصور. طرحنا هذه الظاهرة على بعض المشايخ ورجال التربية، فكان لنا هذه اللقاءات: ***** بداية تحدث فضيلة الشيخ صالح بن سعد اللحيدان المستشار القضائي الخاص والمستشار العلمي للجمعية العالمية للصحة النفسية بدول الخليج والشرق الأوسط فقال: ظاهرة انتشار الجوالات ذات الكاميرا وما شاكلها بين الشباب ما بين سن 12 حتى 17 عاماً ليست ظاهرة حكيمة ولا يقرها عقل سليم، وقد دلت التجارب العلمية والأخلاقية التي تعرض عليّ في المجلس العلمي والقضائي الخاص على خطورة هذه الظاهرة على مستقبل الأسرة وعقلية وروح الشباب. ولهذا أدعو أولياء الأمور ووسائل الإعلام ووزارة التربية والتعليم والهيئات (الحسبة) إلى دراسة هذه الظاهرة الخطرة ونتائجها على الأسرة والمجتمع. ثم تحدّث مدير التربية والتعليم بمحافظة الدوادمي عبدالله بن سعد الضويان فقال: لا يختلف اثنان على أهمية وسائل الاتصال بالآخرين؛ لأن الإنسان بطبعه كائن اتصالي. يجب علينا أولاً الاعتراف بوجود الظاهرة وأسباب وجودها ووسائل حل هذه الظاهرة؛ إذ أنها ظاهرة استفحلت للأسف ويجب أن نعترف بأضرارها على الناشئة بشكل خاص وعلى المجتمع بشكل عام لسوء استخدام الأطفال هذه التقنية وعدم تهيئة المجتمع لاستخدامها، كذلك إهمال الأطفال عند استخدامها وتركهم دون رقيب أو محاسبة على سوء الاستعمال حتى أصبح من وسائل التفكك الأسري. وفي اعتقادي أن من أسباب هذه الظاهرة الرفاهية التي تعيشها الأسر والمباهاة التي لا مبرر لها وعدم إدراك الأضرار التي تنتج عن استخدام الأطفال هذه التقنية سواء أضرارا صحية أو سلوكية من قبل ولي الأمر.. وكذلك لسهولة الحصول على هذه التقنية لتدني أسعارها مقارنة ببداية ظهور هذه التقنية. فإذا أهملت هذه الظاهرة فنحن نساهم في عزل أفراد الأسرة الواحدة ليعيش كل منهم في عالم بعيداً عن الآخر. ووسائل العلاج كثيرة، لعل من أهمها التوعية لأسر الأطفال وأولياء الأمور من خلال وسائل الإعلام المختلفة. ولا نغفل دور المدرسة في تحصين النشء، ودورنا كتربويين كبير في علاج هذه الظاهرة وتوعية أبنائنا بمخاطر سوء استخدام هذه التقنية والحرص على الاستفادة من محاسن أية تقنية كل في مجاله. وأقول لولي الأمر: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فاحرصوا على متابعة أبنائكم وعدم إعطائهم هذه التقنية في هذه السن دون رقيب. وأؤكد على الرقابة الصارمة وإنْ كان هناك ضرورة ملحة فليكن الجوال العادي الذي لا يحمل هذه التقنية. وأؤكد أننا جميعاً معنيون بالمساهمة في القضاء على هذه الظاهرة التي تؤرق الجميع. أسأل الله أن يحفظ أبناءنا من كل مكروه.. إنه سميع مجيب. خطر داهم ثم تحدث رئيس قسم التوجيه والإرشاد بإدارة التربية والتعليم بالدوادمي عبدالله بن محمد الجريس فقال: ونظراً إلى ارتفاع رسومه في بداية الأمر لم يقتنه إلا فئة معينة من المجتمع، وبعد تخفيض رسومه ازداد عدد مشتركيه فطال إلى جانب الرجال النساء والشباب، وبعد أن لمس الناس أهميته وأحسوا بفوائده وبعد تخفيض رسوم الاشتراك وأجور المكالمات تزايدت أعداد المشتركين حتى طالت الأطفال، وفي هذه الأثناء أخذت الشركات المنتجة لأجهزة الجوال تتفنن في تقنيات هذه الأجهزة، فبين كل فترة وأخرى تطالعنا الصحف والقنوات بإعلانات ودعايات لجهاز جوال جديد فيه من المميزات كذا وكذا حتى وصل بنا الحال الآن إلى أجهزة تحمل كاميرات مزدوجة ومزودة بخدمة البلوتوث. والغالبية العظمى من مستخدمي الجوالات يعلمون مواصفات هذه النوعية من الأجهزة وإمكاناتها. والمزعج في الأمر أن أغلب مَنْ يقتني هذا النوع من الأجهزة هم الشباب المراهقون والأطفال، وفي ذلك خطر كبير عليهم إذا أساؤوا استخدامها نظرا إلى ما يمكن أن تحويه من رسائل وصور ومقاطع فيديو أو صور غير أخلاقية.. وحيث إنني وصلت إلى هذه النقطة يجدر بي أن أركز على إحدى أخطر شرائح المجتمع من مستخدمي هذه الأجهزة، وهي شريحة الأطفال الذين بين 8 - 14 سنة. وسوف أتناولها من عدة محاور منها: أولاً: مدى حاجة هذه الفئة إلى الجوالات: إذا بحثنا في هذا الموضوع نجد أن الحاجة إلى الجوالات في مثل هذه المرحلة العمرية معدومة، واقتناء الأطفال لها نوع من الترف، وإن كان كثير من أولياء الأمور يضعون لها مداخل ومبررات منها: - الاطمئنان على الطفل إذا كان مع أصدقائه ومعرفة أين هو وماذا يعمل ومتى سيعود. - انشغال ولي الأمر في أعماله حيث لا يرى أبناءه الوقت الكافي لذا يدعي الأبناء أنهم بحاجة إلى الجوال لمراسلة آبائهم والاتصال بهم لإبلاغهم بحاجاتهم أو طلباتهم. وبطبيعة الحال فغالبية الأطفال لن يرضوا بأقل من جوال يحتوي على كاميرا وبلوتوث ومجموعة من الألعاب. ثانياً: أسباب انتشار الجوالات مع هذه الفئة بالذات: - الحاجة المزعومة التي يدعيها ولي الأمر أو تلك التي يدعيها الطفل نفسه. - مظهر اجتماعي يتمثل في تقليد الأقران أو الغيرة منهم. فالطفل يطلب جوالا من نوع معين لأن أقرانه معهم مثل هذا الجوال وهو ليس أقل منهم، بل قد يصدر هذا من ولي الأمر حيث إنه لا يحب أن يكون ابنه أقل من أصدقائه، وهذا من الأسباب القوية لانتشار هذه الظاهرة. - الحالة المادية لولي الأمر. فكلما كان الولي مقتدراً كان أحرى أن يصرف جوالا لطفله. - رخص رسوم الاشتراك ولجوء البعض إلى تحديد سقف أعلى للفاتورة أو اللجوء إلى البطاقات مسبقة الدفع، كما أن أسعار أجهزة الجوال ذات الكاميرا لم تعد مرتفعة ولجوء البعض إلى الأجهزة المستعملة لقلة أثمانها. - وجود مقاطع فيديو مشوقة لهذه الفئة تتمثل في مشاهد التفحيط واستعراض أنواع السيارات ومقاطع كوميدية كذلك، وكذلك وجود برامج مسلية تتيح للطفل التلاعب بالصور وإخراجها بشكل مختلف، وتصوير نفسه وزملائه والاحتفاظ بهذه الصور، ووجود كثير من الألعاب المثيرة داخل هذه الجوالات. ثالثاً: خطورة هذا النوع من الأجهزة على هذه الفئة: كلنا نعلم أن هذه الجوالات الحديثة التي تشتمل على كاميرات وبلوتوث مثلها مثل غيرها من الأجهزة وتقنيات الاتصالات (كالقنوات الفضائية والانترنت)، فهي مبتكرات لها إيجابياتها ولها سلبياتها، ويتوقف ذلك على مستخدميها. أما المحذور الذي نخشاه على أبنائنا في هذه المرحلة العمرية بين العاشرة والثالثة عشرة فتتمثل فيما يلي: - هذه المرحلة لا يزال الابن فيها لم تكتمل لدية الحصانة الكافية للتفريق في كثير من الأمور بين النافع والضار، وهو يميل أكثر إلى الأمور التي تحقق أهواءه دون التفكير في عواقبها. فنظرته قصيرة المدى فيسهل التأثير عليه. وهذه الفترة العمرية مرحلة مهمة من مراحل بناء شخصية الطفل وما يتلقاه خلالها سوف يكون له تأثير في مستقبل حياته. - يتداول في هذه الأجهزة بعض الرسائل أو الصور أو المشاهد أو المسامع الخارجة عن نطاق الأخلاق، وعندما يطلع عليها الطفل في هذه المرحلة يمكن أن تغرس لدية قناعات خاطئة، وقد يستغل بعض المراهقين هذه المشاهد والمسامع للإيقاع بهؤلاء الأطفال وجرهم إلى الرذيلة لا سمح الله. - الطفل ينقل ما يرد إلى جهازه عن طريق البلوتوث أو الرسائل إلى إخوته وأخواته أطفالاً كانوا أم مراهقين، وبهذا يتعدى ضرر هذه الأجهزة الطفل إلى بقية أفراد الأسرة. - قد يقوم بعض الأطفال بتصوير أمهاتهم أو أخواتهم أو قريباتهم ربما وهن لا يعلمن بدافع المزاح، وقد تنتقل هذه الصور إلى جوالات أصدقائه بعلمه أو دون علمه حتى تقع في أيدي الشباب والرجال، وكلنا يعلم حساسية هذا في مجتمعنا المحافظ. - تردد الأطفال على محلات الجوالات يجعلهم عرضة للنصب والاحتيال الذي قد يتعدى الجانب المادي إلى جوانب أخلاقية. الحل: أرى أن شراء جوال - خاصة ذا الكاميرا والبلوتوث - وتسليمه إلى طفل في هذه المرحلة العمرية وإهماله خطأ كبير لما ذكرته آنفاً من محاذير، وحرمانه منه في مثل مجتمعنا - خاصة للمقتدرين - غير وارد. والحل من وجهة نظري الخاصة يكمن في وعي ولي الأمر ومتابعته لأبنائه، وأن يرتبط حصول الطفل على الجوال بضوابط منها: - ألا يعطي ولي الأمر للطفل الجهاز إلا في أضيق الحالات، وبعد جهد جهيد وبعد أن يأخذ ولي الأمر من ابنه الوعود الكافية بكيف ومتى وأين يستخدم هذا الجهاز. - تعزيز الرقابة الذاتية لدى الطفل، وإشعاره بالمسؤولية عن نفسه، وإعطائه نوعا من الثقة. - أن يبصر ولي الأمر ابنه بما في هذا الجهاز من خدمات وما في هذه الخدمات من إيجابيات وسلبيات، ويحذره من سلبياته ويعلمه كيف يتعامل مع ما يرده من رسائل. - أن يطلع ولي الأمر على جهاز ابنه ويتفقده على فترات. - أن يتعرف ولي الأمر على أصدقاء ابنه الذين يتصل بهم ويراسلهم للتأكد من أنهم من ذوي السلوك الجيد. - أن يحدد ولي الأمر للطفل الأوقات التي يسمح له فيها بحمل الجهاز والأوقات التي لا يسمح بحمله فيها. - أن يؤكد ولي الأمر على ابنه أن هذا الجهاز شخصي ومهم حيث لا يهمله أو يعطيه لأحد قد يستخدمه استخداماً سيئاً. - يحذر ولي الأمر ابنه بأنه لو أخل بهذه الضوابط فسوف يقوم بسحب الجهاز منه. أصبحت هذه التقنيات موجودة في كل بيت مع الشباب والنساء والأطفال، ويجب علينا أن نبدأ بأسلوب تربوي مع هؤلاء من خلال تعريفهم بالمخاطر والمحاذير جراء استخدام مثل هذه الأشياء، ويجب علينا أيضاً أن ننمي عند هؤلاء الأطفال المراقبة الذاتية مع المتابعة الدقيقة دون أن يشعر هذا الطفل بهذه المراقبة، ومن ثم تأتي مرحلة التوجيه والنصح، ولا مانع من أن تصل إلى التهديد بحرمانه ومنعه من هذه الأشياء عند اكتشاف أمور غير لائقة، ولا يمنع أن تعاد إليه مرة أخرى بعد نصحه وتوجيهه وتقبله.. وهكذا. وصلى الله على نبينا محمد. بعد ذلك تحدث مشرف الإعلام التربوي والعلاقات العامة بإدارة التربية والتعليم بالدوادمي ناصر بن حمد السبيعي فقال: لا يختلف أحد على أن العالم جميعاً يعيش ثورة تقنية الاتصالات أكثر من أي وقت مضى، فكل يوم يمر تطالعنا . ان استخدامها للتأكد من أنهم يستخدمونها الاستخدام الصحيح؟ وهل عودناهم على الرقابة الذاتية؟. إن دورنا كمجتمع كبير في دراسة هذه الظاهرة، ويتبادر إلى الذهن عند التطرق إلى دراسة الظاهرة الأسئلة الآتية: هل الطفل في حاجة مُلحة إلى استخدام الجوال؟ طبعاً لا. وهل يدرك ولي الأمر أخطار الاستخدام السيئ لهذه التقنية وما تعود به من مشاكل على الأسرة حتى أنه أصبح من أسباب عدد من هذه المشاكل؟... الله أعلم. هل نحن كمجتمع عاجزون عن أن تختفي أخطار هذه الظاهرة؟ أعتقد لا؛ لأن وسائل العلاج لهذه الظاهرة متوافرة من خلال عدد من القنوات مثل: وسائل الاعلام بأنواعها والمدرسة والقائمين عليها والمنزل، أقصد ولي الأمر، إذا تكاتفت جميعاً سوف نصل بإذن الله تعالى إلى علاج هذه الظاهرة التي أصبحت بحق مشكلة قد تعود على المجتمع بأضرار كثيرة. الطفرة هي السبب أما أحمد بن عبدالعزيز السدحان المرشد الطلابي بمدرسة الجزيرة الثانوية فقال: إن وسائل الاتصال وفرت على المواطن الوقت والجهد، وذلك بظهور أجهزة اتصال حديثة كالحاسب الآلي والجوال، وسهلت علينا نقل المعلومات واستقبالها وإنجاز الأعمال بيسر وسهولة دون الحاجة إلى التنقل أو الانتقال من مكان إلى آخر. وهذه الأجهزة كغيرها من الأجهزة الأخرى لها منافع ومضار، فإن أحسن استخدامها كانت من أفضل الأجهزة في خدمة الإنسان؛ نظرا إلى حداثتها، ولكن في الوقت نفسه لها مضار كثيرة إذا أسيء استخدامها. ولعل الملفت للنظر هذه الأيام هو ظاهرة انتشار أجهزة الجوال بين فئات كثيرة من مجتمعنا.. والأشد غرابة هو انتشارها بين فئة عمرية تتراوح أعمارهم ما بين (8- 14) سنة.. ولعل ذلك يعود إلى أسباب منها: الطفرة المادية لدى البعض من شرائح مجتمعنا. ظاهرة التقليد لدى الشريحة الأخرى. التدليل الزائد لدى شريحة أخرى من المجتمع. فالطفرة المادية لدى شريحة من مجتمعنا أدت إلى أن ترى من حق ابنها أن يحصل على جوال كغيرة من أفراد الأسرة دون النظر إلى حاجة الابن إلى هذا الجهاز أو رقم الجوال. والشريحة الثانية من مجتمعنا أصبحت تفعل كما يفعل الآخرون وأن تشتري كما اشتروا وأن تحضر كما أحضروا.. بقولهم إن ابن فلان معه جهاز حديث وابن فلان معه جهاز ذو مواصفات.. وهكذا. وأصبح الأب واقعاً بين ضغط الأم والأبناء حتى أجبر على الشراء، بل وسداد الفواتير. وفئة ثالثة من مجتمعنا أصبح الدلال الزائد لبعض الأبناء جعلهم لا يرفضون طلباً لابنهم فيتم شراء الجهاز والشريحة، بل وتغييره بين فترة وأخرى. كل هذه الفئات الثلاث كانت بدايتها مع الأجهزة القديمة. ومع ظهور الأجهزة الحديثة صار لزاماً على البعض منهم شراؤها. ولعل الملفت للنظر أن الكثير من الأبناء إذا نظرت إلى عدد المكالمات الصادرة والواردة تجدها تعد على أصابع اليد الواحدة في الشهر الواحد، ومعظم المبالغ المسجلة على الفاتورة من الرسائل. ومما زاد الطين بله أنه بهذه الأجهزة الحديثة بدأ هذا الجيل يتناقل صور الأفلام أو ما يُسمى بالبلوتوث التي صارت تحمل صوراً وأفلاماً مخلة بالآداب، تخجل عند النظر إليها، بل وانتشرت بينهم كانتشار النار في الهشيم حتى أصبحت ظاهرة خطيرة، فقد أصبح همها تناقل تلك الصور والأفلام، والبحث عن كل جديد فيها، حتى أن البعض لم يعد يكتفي بذاكرة الجهاز، بل يقوم بإضافة ذاكرة أخرى حتى تستوعب أكبر عدد ممكن من الأفلام، بل إن البعض منهم أصبح محترفاً في نقلها من الحاسب الآلي إلى جهاز الجوال، ثم يبدأ بنشرها بين الأصدقاء. ومما جعل الأمر مخجلاً ومحزناً في الوقت نفسه أن بعض أولياء الأمور لا يعلم شيئاً عما يتناقل ابنه من أفلام أو صور، والبعض يثق ثقة عمياء في ابنه، والبعض يتغيب عن البيت ولا يرى ابنه إلا عند النوم ولا يعلم ما يحتويه جهاز ابنه، والأدهى والأمرّ أن البعض من أولياء الأمور عندما تناصحه في هذا الموضوع لا يبدي اهتماماً، وعندما تسترسل في النصح يرد عليك الأب برد يجعلك محبطاً بقوله: (إن لم يشاهدها اليوم فسيشاهدها غداً، وإن لم يشاهدها في البيت فسيشاهدها خارجه) وكأنه قد استسلم وسلم الأمور كلها. ولكن لو علم بمحتوى تلك الأفلام واطلع عليها ربما حرم ابنه من الجوال نهائياً. من هنا نقول: يا ولي الأمر، سواء كنت أباً أو أماً أو أخاً أو أختاً، أنت المسؤول عن ذلك كله، فأنت كمن وضع النار بجوار البنزين ولا تريد أن يحدث حريق، فقد سهلت لابنك شراء جهاز جوال بهذه المواصفات ولا تريد أن يستقبل أو ينقل كل ممنوع؟ بل بفعلتك جعلته يتمادى في نقلها، بل بعدم اهتمامك كأنما دعوته إلى تعلّم الفحش والرذيلة منذ صغره حتى يشب عليها، وكثرة النظر إلى هذا النوع من الأفلام والصور له أثر على المدى البعيد، فتصبح أنت كمن هيأه لهذه الثقافة والتنشئة التي لا بد وأن تنعكس عليه وأن ترى أثرها ولو بعد حين. فعلى سبيل المثال نرى انتشار أفلام عن التفحيط وبكثرة بين هذه الفئة، بل شأن البعض أصبح يعرف مسميات وأنواع التفحيط والبعض أصبح لديه هوس بتناقلها والنظر إليها واقتنائها، وربما يكون لدية الرغبة في تطبيقها فيما بعد. ولعلنا نرى هذه الأيام انتشار هذا النوع من الجوالات بين الآباء حتى أن البعض من الآباء أصبح يطلب من ابنه أن يرسل له بعض الأفلام والصور ويتبادلها معه. وبذلك يكون البعض منهم مشجعاً لابنه في أن يستمر ويتمادى في استقبال المزيد منها، بل والبحث عن كل ما هو جديد فيها. من هنا نقول لك أخي الكريم ويا أختي الكريمة إنهم أمانة في أعناقكم، عليكم برعايتهم، فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، فأحسنوا التربية منذ الصغر واحرصوا على أن تغرسوا البذرة الصالحة، وأن تعلموه أمور دينه وأن تصطحبوه إلى المسجد وتتابعوه.. فهذه غراس سيعود ثمرها عليكم بإذن الله. ماذا يستفيد منه الصغير؟! وقال المرشد الطلابي بمدرسة عبدالله بن مسعود مرشد محمد المرشد: إنه مما يؤسف كثيراً أننا مازلنا نضع اللوم على الجهاز مثلاً جهاز الكمبيوتر - البلاي ستيشن - الألعاب الالكترونية - التلفاز.... الخ. فهل نحن نفكر تفكيراً عملياً، أم أننا ندعي الكمال، والمخترع هو الذي لا يفهم شيئاً وزودنا باختراعه بقصد الإساءة للأطفال أو الكبار مثلا؟!. والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا يستفيد القاصر من الجوال بالكاميرا؟ والطفل بطبيعته مقلد لمن هو أكبر منه، فإذا كان الأب حريصا جداً جداً على جهازه ذي الكاميرا فإنه يوجه الدعوة إلى أطفاله لتشغيله واكتشاف المستور فيه.. فليس الطفل وحده هو المخطئ.. لقد أخطأنا الطريق، ولم نكن قدوة حسنة كما أمرنا ديننا الحنيف. وللأسف أن الظاهرة انتشرت بشكل كبير، وحالها حال أية ظاهرة ينطوي تحتها شعار (مثل فلان وعلان) دون النظر في السلبيات القادمة، والطفل القاصر لا يدرك الخطر القادم، وهو يقلد بفعلته ويحب الاستطلاع حتى ولو كان مدمراً لأخلاقياته.. وفي نظري أن مَنْ يقدم الجوال لابنه من 8 -14 فهو انما يقدم لطفله هدماً للأخلاقيات على طبق اسمه (جوال كاميرا) للأسف. وإذا أردنا الدليل الملموس فهو موجود في مجتمعنا، والكل منا أو بعضنا سمع أو رأى ما يدور بين الجوالات الكاميرا من فضائح وصور إباحية.. وعليه فالجوال لم يرتكب أي خطأ، والخطأ من المستخدم فقط. وأقول لكل أولياء الأمور: لا تأخذكم العاطفة.. وبعيدا عن التدليل الزائد ليس كل رغبه لأطفالنا نقوم بتلبيتها وتحقيقها وننسى هذه البراعم البريئة التي ترتكب الأخطاء الأخلاقية في البداية للاستطلاع ثم لا سمح الله يقدم بالتطبيق العملي لما يشاهده على شاشات التدمير الأخلاقي.. وليست جوالات الكاميرا. وأخيراً أدعو أولياء الأمور إلى عدم التساهل واستشعار الأخطاء والسلبيات والكوارث الأخلاقية القادمة من استخدام هذه الأجهزة بشكل خاطئ. كما تحدث مشرف النشاط الثقافي بالإدارة أحمد بن محمد بن إبراهيم اليحيى فقال: لا أحد منا يشك في أن الجوال أصبح من ضرورات العصر، وهو من التقنيات الحديثة التي وجدت لتسهل على الناس حياتهم، لكن الأجهزة الحديثة والمتطورة للجوال التي تم السماح بها مؤخرا من قبل الجهات الرسمية أصبحت تشكل خطرا عظيما وتهديدا كبيرا لقيمنا ومبادئنا الإسلامية، وذلك من خلال التسلل إلى الحياة الخاصة للناس، خاصة مع من لا يعون عواقب مثل هذه التصرفات من الأطفال الصغار الذين قد يصورون محارمهم من أمهاتهم وأخواتهم من دون قصد، وتبدأ بذلك فضيحة لا قِبَل لهم بها. إن الكثير من هؤلاء الأطفال يستخدمون هذه التقنية استخداما سيئاً سلبياً من خلال تبادل الرسائل والصور المخلة والفاضحة ومقاطع الأغاني. الكثير من الأطفال لا يعرفون المفاسد الأخلاقية قبل حيازتهم لأجهزة الجوال، وعندما بدؤوا بتبادل الأفلام والصور ومقاطع الأغاني التي تتنافى مع السلوك والآداب عرفوا وتعلقوا بهذه المفاسد، بل حتى ألفوها. أين الأسرة؟ وتحدث بندر عبيد العصيمي مشرف تقنيات التعليم قائلاً: إننا . ولكن المؤسف أن تجد من بين من يحملون تلك الأجهزة أطفالا لم يتجاوزوا سن الثالثة عشرة، ما يوحي بأننا أمام ظاهرة غير صحية؛ نظرًا إلى انتشارها لدى فئة عمرية من المجتمع قد لا تميز بين الحسن والسيئ، ولا تستطيع تقدير النتائج المترتبة على ذلك. لذلك، فإننا نلقي اللوم على الأسرة التي مكنت ابنها من الحصول على هذه النوعية من الأجهزة. هذا إذا كان الابن محتاجاً فعلاً إلى جهاز جوال. أما إذا كان الأمر مجرد ترفيه وتسلية وتقليد للآخرين، وهذا الغالب، فإن توفير أجهزة اتصال بتلك المواصفات التقنية لمثل هذه الفئة العمرية، ليس من الحاجة والضرورة في شيء بالإضافة إلى أنه يشكل خطرًا عليهم؛ لأن تلك الفئة العمرية لا تكاد تعرف كيفية التعامل من معطيات التقنية الحديثة وإمكانية الاستفادة منها. ومن هنا يأتي دور الأسرة والمدرسة والمجتمع في توعية وتوجيه الأبناء وإرشادهم إلى أسلوب الاستخدام الصحيح لتلك التقنية وكيفية الاستفادة منها في العديد المجالات بما يحقق النفع والخدمة لهم، ومن ذلك مثلاً ما يدعو إلى التأمل والتفكير في ملكوت الله وخلقه، مثل صور المناظر الطبيعية والمآثر الإسلامية والصور واللقطات والصوتيات الوعظية، ومجموعات البلوتوث الدعوي. آثارها صحية واجتماعية أما الدكتورة صيتة الحارثي مديرة المعهد الصحي بالدوادمي فقالت: إن الهواتف الجوالة من أهم الأجهزة الحديثة التي نستخدمها في حياتنا اليومية لقضاء احتياجاتنا المهمة والضرورية.. وقد انتشرت في المملكة في الآونة الأخيرة حتى وصل مستخدمو الجوال إلى اكثر من 8.5 مليون مشترك (حسب إحصائية شركة الاتصالات السعودية)، وهذا أمر طبيعي، إلا أن غير الطبيعي هوا أن نجد أطفالا تتراوح أعمارهم ما بين 8 و 14 أو أقل يمتلكون هواتف نقالة خاصة بهم، ويمكن ملاحظة ذلك بالأماكن العامة والملاهي وقصور الأفراح وغيرها.. وما يلفت الانتباه هو امتلاكهم أجهزة جوال متطورة بها كاميرات تصوير وتسجيل فيديو وتقنية البلوتوث، ما يؤدي إلى إساءة استخدامها عند هذه الشريحة من المجتمع وغيرها من الآثار الصحية والاجتماعية والنفسية المترتبة عليهم من جراء ذلك.ومن المشاكل الصحية التي يتعرض لها الطفل من خلال استخدامه المتكرر للجوال فقدان الذاكرة واضطرابات النوم ونوبات الصداع، كما نشر في بحث بإحدى المجلات من مخاوف قد تنجم عن الاشعاعات الصادرة من الجوالات، حيث إن الصبية أقل من 18 سنة أكثر عرضة لأثر الاشعاعات؛ لأن أنظمة المناعة في أجسادهم أقل من قوة الكبار. أما المشكلات الاجتماعية والنفسية فهي تكمن في التالي: - إساءة استخدام الأطفال هواتفهم النقالة، وذلك بإزعاجهم الناس بدافع الفضول، حيث هو من السمات المميزة لمرحلة الطفولة. - العزلة التي تنجم عن استخدام الطفل الجوال بغرض التسلية. - تدني المستوى الدراسي عند الكثير من الطلاب الذين يمتلكون الجوالات. - استخدام جوالات الكاميرا وتقنية البلوتوث في تبادل الصور الفاضحة والنكات البذيئة بين الأصدقاء عبر الجوال، ما يكسب الطفل عادات سيئة وممارسات خاطئة قد تؤدي إلى انحرافه لحداثة سنه وقلة خبرته وفضوله الكبير لمعرفة الكثير مما يحيط به أيضاً. أيضاً هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة امتلاك الأطفال أجهزة الجوالات المتطورة منها: - التباهي بحمل الأجهزة التكنولوجية المتطورة. - تقليد الأطفال لمن هم اكبر منهم سناً. - مكافأة الطفل على سلوك معين. - زيادة تدليل الآباء لابنائهم. وللحد من هذه الظاهرة لا بد من تضافر الجهود الرسمية والشعبية من أجل توعية وإرشاد الأهل والأطفال مستخدمي الجوالات، وذلك من خلال: - تبصير الأهل بمخاطر حمل الأطفال الجوال. - مراقبة الأهل لجوالات أطفالهم. - تعريف الطفل بفوائد الجوال للاستفادة من إمكانياته وتجنب مخاطره. - تحديد الحد الأدنى لسقف الفاتورة الخاصة بالطفل. ويكتمل دور المدرسة مع دور الأسرة في التوعية بخطورة الجوال في هذه السن من خلال الأنشطة المدرسية المتعددة، وكذلك دور الإعلام الرسمي حتى تعم الفائدة على الجميع. إفساد للأخلاق أما الدكتورة حنان أبو العباس فقالت: في السنوات الأخيرة انتشرت الهواتف النقالة بصورة كبيرة جدا بين فئات المجتمع المختلفة، بيد أن الدراسات أظهرت أن استخدامه المتواصل أو التعرض لما تبثه محطات الربط من موجات يمكن أن تكون لها نتائج صحية ضارة، وأن انتشار اقتناء الأطفال وبعض الممارسات الخاطئة يطفوان على السطح لسوء استخدام تقنية الجوال المتطورة من قبل الأطفال مثل استخدام جوالات الكاميرا وتقنية تبادل الصور والأفلام، ما يؤثر سلبيا على تحصيلهم الدراسي.. وقبل ذلك ربما تكون فسادا لأخلاقهم إثر تبادل الصور والأفلام غير الأخلاقية. وقالت الأستاذة مها طالب (ماجستير صحة نفسية): بدأت ظاهرة انتشار الجوال بين الأطفال، ما يستدعي وضعها تحت دائرة الضوء للدراسة، حيث نمت هذه الظاهرة بشكل خطير في أوساط المجتمع السعودي، والسبب في زيادة انتشارها هو التخفيضات التي تطرحها شركة الاتصالات السعودية في رسوم التأسيس، حيث ساهمت بشكل كبير في انتشار الجوالات بين يدي هذه الفئة العمرية، كما أن الكثير من الشركات الصانعة لهواتف الجوال بدأت تستهدف الأطفال عن طريق إضافة الكثير من الألعاب الشيقة التي بدورها تضفي لمسة ترفيهية على جهاز الهاتف الجوال لترغيب الأطفال له. أيضاً لا ننسى دورا مهما لاقتناء الأطفال للجوالات.. فهو إما للحاجة الماسة له أو للتباهي، وغالبا ما يكون للتباهي.كما أبدت هنادي العبدالعزيز رأيها: لا شك انه أمر خطير وخطير جدا؛ لأن حمل الجوال في هذه السن (8 إلى 14سنة) مفسدة للطفل لما يحمله الجوال من صور إباحية ومقاطع بلوتوثية خليعة تفسد الطفل، وهو في مقتبل العمر، وأيضاً تجعل الطفل متعودا على هذه المناظر السيئة فينشأ الطفل على المفسدة إلا من هداه الله وعصمه؛ لذا وجب على كل ولي أمر من والد أو والدة أو اخوان أن يراقبوا طفلهم ويتفحصوا جوالاتهم ليروا ماذا يخبئ طفلهم داخل جواله من صور ومقاطع بلوتوثية. صور سيئة ونختم تحقيقنا هذا مع علي بن دغيم المقاطي مدير مدرسة عروى المتوسطة والثانوية أمام جامع عروى حيث قال: مما يؤلم الإنسان ان يرى هؤلاء الابناء يحملون أجهزة الجوال البلوتوثي والكاميرا ويقلبون ابصارهم في تلك الصور وتلك المقاطع التي تخل بالآداب وتئد الفضيلة وتنشر الفحشاء.. وأشد من ذلك أنهم يتناقلونها ويتراسلونها فيما بينهم من غير رقيب ولا حسيب، فعرفوا أشياء لم يعرفها أقرانهم في زمن مضى من نشر للرذيلة والتقاط سيئ الصور وسيئ المقاطع عبر البلوتوث.. وهذه أصبحت ظاهرة مشاهدة في المجتمع. ثم إن أولئك الأبناء المساكين لا يعرفون حرمة للاماكن العامة، فبمجرد حضورهم إلى المجالس وتراهم قد أخرجوا تلك الأجهزة أمام مرأى ومسمع من الجميع ثم يبدؤون يعرضون فيما بينهم، وتسمع الهمس تارة والضحك تارة أخرى.. فعظم الله أجر تلك المجالس من هذا الفعل المشين الذي يصدر من أولئك المراهقين ومن دونهم. والعجب كل العجب أن نرى الآباء ذوي الدخل المحدود في ايدي أبنائهم أحدث أجهزة جوال الكاميرا.. فيا عجباً!. هل هي مجاراة لما يرى الابن من حوله في المجتمع وذلك على حساب ظروف عائلته؟ أم أن هذه الأجهزة التي وفدت علينا بشرها جعلتهم لا يبصرون ولا يعقلون؟؟ ثم إني أحمل الأب هذه المسؤولية.. فهؤلاء الأبناء أمانة، وتربيتهم أمانة عظمى.. فهم ما زالوا صغارا لا يعرفون ما يدور حولهم، وما زالت نظرتهم قاصرة عن فهم أبعاد الامور، ويحتاجون إلى توجيه دائم يصب في مصلحتهم مستقبلا. ثم أنصح الآباء بألا يمكنوا أبناءهم من هذه الأجهزة التي طفا شرها وانتشر خطرها وفاض خبثها عندما استخدمت ذلك الاستخدام السيئ البعيد كل البُعد عن تعاليم ديننا الاسلامي. ونحن بدورنا في مجال التربية والتعليم نوجه فلذات أكبادنا لخطر استخدام هذه الأجهزة وما سببته للمجتمع من صور فاضحة، وذلك بأسلوب حواري ونقاش هادف قابل للأخذ والعطاء والقبول والرد حتى يقتنع أبناؤنا قناعة داخلية، ويتم ذلك في ندوات متعددة يقوم بها بعض معلمي المدرسة، كما نقوم بتفتيش أولئك الطلاب وتحذيرهم من إحضار الجوال للمدرسة وفق النظام والتعاميم بين الفينة والأخرى، ثم مَنْ يوجد معه جهاز الجوال يصادر منه يوما أو يومين لعلها تكون رادعاً. واسأل الله أن يحمي بلادنا وأبناءنا من كل سوء ومكروه.