حتى وقت قريب جداً كنا نظن أن الفروسية هي رياضة المترفين، لكن 47 دراسة حديثة أجريت في الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أوروبا شكلت تحولاً كبيراً في أفكارنا وأفكار الباحثين والمبتكرين حول العالم، فقد كشفت أن «ركوب الخيل» يعد علاجاً سحرياً لذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام ومرضى التوحد على وجه الخصوص. لقد صدق رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة»، وهو ما كشفته حديثاً الأبحاث الغربية، ففكرة العلاج بالخيل تعتمد على الحركة الايقاعية للحصان التي تعمل كمنبه عصبي حسي، مما يساعد على تحسين التوازن وتقوية العضلات، وزيادة المرونة لدى الشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أن الاحتكاك المباشر بالحصان وتدريبه يوفر تجربة حسية غنية تساعد على تطوير الوعي بالجسم والفضاء المحيط. ولا تَقتصر فوائد رياضة ركوب الخيل على الجسم؛ بل تَمتدّ إلى فوائد لها علاقة بالصحة العقليّة والنفسية أيضاً؛ فهي تعلِّم الصغار أهميّة العناية بالحيوانات، كما أنّها تجعل الّذي يمارسها يشعر بالمتعة من خلال مشاهدته للطبيعة والتعرّف على أماكن جديدة، أمّا عن فوائدها العاطفية والنفسية فهي تساعد على شعور الشّخص بالرّاحة النفسية والهدوء والتأمّل، كما أنّها تخلق نوعاً من التوافق ما بين الشخص والحصان الذي يركبه؛ بحيث يُصبح كأنّه رفيق أو صَديق له. وبالنسبة إلى الأطفال المصابين بالتوحد، فإن الجانب العلاجي بالنسبة لركوب للخيل يمثل بيئة مليئة بالمحفزات السمعية والشمية واللمسية، ولأنه يحدث على ظهر الخيل، ومن ناحية حركية يساعد تفاعل الطفل مع كل هذه العناصر على التخفيف من المشكلات الحسية الذي يعانونها، وقد يكون عنصراً فعال على الاندماج على وجه أسهل في الحياة اليومية، التي لا تخلو من أي من المحفزات المذكورة آنفاً، بل على العكس، فهي موجودة في كل مكان. هناك الكثير من القصص الملهمة لأطفال مصابين بالتوحد حققوا تقدماً كبيراً بفضل العلاج بركوب الخيل، وتمكن غالبيتهم من تحسين مهاراتهم الحركية واللغوية والاجتماعية، وزيادة ثقتهم بأنفسهم، وتحسين جودة حياتهم بشكل عام، ولدينا فرصة ذهبية في المملكة أن نستخدم الفروسية ورياضتها الراقية كدواء فعال في علاج أطفالنا المصابين بالتوحد، بعدما أشارت الاحصاءات أنه يوجد طفل واحد بين كل 160 طفلاً يعاني من اضطراب طيف التوحد في المملكة، وهي نسبة تكشف حجم التحدي والمسؤولية، وتدفعنا أن نبحث عن كل البدائل الممكنة التي تفتح أبواب الأمل. لا خلاف على أن ما وفرته حكومتنا الرشيدة من أساليب علاجية ووقائية لهذه الفئة لا مثيل له في العالم، لكننا في حاجة ماسة إلى التحرك من خارج الصندوق، وتجربة طريقة العلاج بالخيل.. ربما تكون العلاج السحري الذي كنا ننتظره.