بحكم اهتمامي بشؤون المستهلك ومتابعتي لجهود الجهات الحكومية ذات العلاقة بحمايته منذ سنوات، لم أشاهد حراكاً نوعياً في المخرجات كما شاهدته في الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة في العشر سنوات الأخيرة والتي باتت رائدة في مجال المواصفات والجودة عربياً وشرق أوسطياً. ولعل آخر وأهم هذه المخرجات هو ما أقره مجلس الوزراء الموقر في اجتماعه الدوري الأسبوع الماضي برئاسة سمو ولي العهد -حفظه الله- لنظامي "سلامة المنتجات" و"المواصفات والجودة"، والذي اعتبرهما -خاصة نظام سلامة المنتجات- خطوة مفصلية في حماية وسلامة المستهلك من أضرار المنتجات في سوقنا الواسع والمتنوع، وهو نظام قانوني يستهدف وضع الإطار العام لمسؤوليات كل جهة أو شخص في سلاسل الإمداد حيال المنتجات المتداولة في الأسواق. علاوة على تعزيز الوعي العام بأساليب التعامل مع المخاطر المرتبطة بالمنتجات وضمان مستوى عالٍ من سلامة وأمان المستهلك، وحماية الحيوانات والنباتات والممتلكات والأمن والبيئة، سيوفر هذين النظامين "سلامة المنتجات والمواصفات والجودة" الأدوات القانونية الممكنة لتجارة عادلة، وسلامة وجودة المنتجات المتداولة بالأسواق، وتعزيز الثقة في السوق السعودي، واستكمالا لجهود المملكة في تهيئة البيئة الاستثمارية الجاذبة والمحفزة. وأعتقد أن هذين النظامين يشكلان حجر الزاوية في جهود الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة لضمان سلامة المنتجات المتداولة في السوق السعودي ومسؤولية متابعة سلسلة الإمداد بدءًا من بلد المنشأ وصولًا إلى المنافذ السعودية وكذلك المنتجات المُصنعة محليا والمتابعة الدقيقة في اكتشاف أي خلل أو عدم مطابقة في مراحل مبكرة، مما يضمن سلامة المنتجات قبل دخولها السوق، ومما يضمن كذلك التزام جميع الأطراف المعنية بالإجراءات المتبعة ومطابقة المنتجات للوائح الفنية والمواصفات القياسية. إن تقليل المخاطر المرتبطة بالمنتجات يتطلب جهود وإجراءات فعالة كتصميم المنتج الآمن، وإجراء اختبارات شاملة للمنتجات في مراحل مختلفة من الإنتاج لضمان جودتها وسلامتها من خلال مختبرات معتمدة لإجراء الفحوصات اللازمة، وكتابة تعليمات الاستخدام بلغة واضحة وسهلة الفهم، وتضمين كل المعلومات حول المخاطر المحتملة وكيفية تجنبها، والتوعية بالمخاطر المرتبطة بالمنتجات عبر الحملات الإعلامية، وإجراء تقييم شامل للمخاطر في مراحل تطوير المنتج، بما في ذلك تحليل التأثير والاحتمالية، وتنفيذ برامج مراقبة دورية للمنتجات في السوق، وإجراءات تفتيشية للتأكد من التزام المُصنعين والمستوردين بمعايير السلامة، وإنشاء نظام للإبلاغ عن الحوادث أو المخاطر المرتبطة بالمنتجات، وتحليل البيانات المستمدة من البلاغات لاتخاذ الإجراءات المناسبة، وسحب المنتجات غير الآمنة، ووضع إجراءات سريعة لسحب المنتجات التي تم التعرف عليها على أنها غير آمنة أو تحتوي على عيوب خطيرة، والتواصل الفعال مع المستهلكين حول عمليات السحب والإبلاغ عن وجودها. كل هذه الطرق تساعد في تقليل المخاطر المرتبطة بالمنتجات وتعزيز سلامة المستهلكين، مما يؤدي إلى زيادة الثقة في العلامات التجارية والمنتجات. إن نظامي "سلامة المنتجات والمواصفات والجودة" يعتبران إحدى الخطوات الأساسية في الوصول لمستهدفات رؤية 2030، وكذلك تعزيز ممارسات التجارة العادلة والامتثال في الأسواق. ومن مزاياهما تعزيز الوعي العام بأساليب التعامل مع المخاطر المرتبطة بالمنتجات، ومنع الخطر المرتبط بالمنتجات التي توضع أو تعرض في أسواق المملكة، والذي سيعزز موثوقية المنتجات وثقة المستهلك بجودتها العالية، كما يسهم في الارتقاء بالتنافسية وفق أعلى معايير الجودة العالمية، وأفضل الممارسات الدولية. أخير.. شكراً لمعالي وزير التجارة رئيس مجلس إدارة الهيئة، وشكراً لمعالي محافظ الهيئة وجميع موظفيها على جهودهم المستمرة الهادفة إلى رفع مستوى سلامة المنتجات في السوق، والتي ستزيد من الموثوقية لدى المستهلكين، والارتقاء بالجودة إلى مستويات الطموح الوطني وصولاً لمستهدفات رؤية السعودية 2030.