الفن أو الفنون هي نتاج إبداعي إنساني، ويعتبر لوناً من الثقافة الإنسانية، لأنها تعبيرٌ عن الذاتية، وليس تعبيرا عن حاجة الإنسان لمتطلبات حياته رغم أن بعض العلماء يعتبرون الفن ضرورة حياتية للإنسان. ويُعتبرُ الفنُّ نتاجا إبداعيّا للإنسان حيث يشكّل فيه الموادَّ لتعبّر عن فكره، أو يترجم أحاسيسه، أو ما يراه من صور، وأشكال يجسدها في أعماله. وها نحن اليوم نعايش الكثير من التجارب التشكيلية المعاصرة، منذ بدايات الفنانين الرواد الذين نهلوا بيئتهم الطبيعة وكذلك من المدارس الغربية والعربية، وهنا يطيب لي أن أستذكر مجموعة من الفنانين الذين تمكنوا من خلق أسلوب خاص بهم بعد تجارب عديدة، مثل الفنان عبدالحليم رضوي الذي كرس حياته في البحث عن أسلوب حياة تميزه دون سواه، وكذلك الحال لدى الفنان محمد السليم الذي قارب أن يتوصل لنهج جديد في الفن تحت مسمى الآفاقية، أما خليل حسن خليل وعبدالحميد البقشي فكانا الأكثر دهشة في عالم الفن، لعلهما استخدما أسلوب السريالية الحالمة، وكذلك الحال لدى الفنان فيصل المشاري الذي يعتبر أحد أهم الفنانين في المملكة لما يمتلكه من إبهار في فلسفته الفنية العميقة في التفكير والنضج في التجربة، وهذا ينطبق على الفنان عبدالجبار اليحيى وعبدالله الشيخ ومنيرة موصلي وسمير الدهام وعلي الرزيزاء. ولعلي أجزم بالقول إن هذه الحقبة من الزمن بأن الفنانين التشكيليين في هذه الحقبة هم من صنعوا تاريخ الفن السعودي، صنعوا الأساليب المتنوعة للفن التشكيلي لعقود من الزمن، نحن في جيلنا استفدنا من تجاربهم واحتوائهم لنا حينما كنا في العقد الثاني من العمر، كانت تلك المعارض الفنية التي تقام في مرحلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب وغيرها من المعارض التي كانت تقام في بعض القاعات، كان لها وهج كبير وإشعاع مضيء للفن التشكيلي السعودي، كنا ننتظر لحظة الافتتاح بشغف كبير، وما أن يفتتح المعرض ويبدأ توافد الحضور تغص الصالات بالحضور، والحوار بين الفنان والمهتمين. هذه الحقبة من الزمن آن لها أن تكون حاضرة في ذاكرتنا وذاكرة الأجيال من بعدنا، ولعلي هنا أشير إلى أن أفضل وسيلة لحفظ تاريخ الأمم هي تلك المتاحف التي تحفظ مدخراتها وكنوزها وكلنا نعلم كيف لفرنسا وإيطاليا اقتنت العديد من أعمال الفنانين العالميين لتكون ضمن ممتلكات الدولة، مما أصبحت تلك المتاحف مصدر دخل مهما للكثير من تلك الدول، ولو أردنا معرفة ذلك لوجدنا كم هو دخل متحف اللوفر في عام واحد وهذا بحد ذاته يكفي للاستدلال بأهمية المتاحف الفنية في مملكتنا الغالية، وأظن أننا نسير بإذن الله إلى هذه الخطى على رؤية سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، عراب الرؤية المستقبلية للمملكة العربية السعودية، ولا تكتمل تلك المتاحف إلا باقتناء أعمال الفنانين لتكون ضمن الإرث الحضاري للمملكة.