في التسعينات من القرن الماضي، أعلن كبار النقاد أن الأدب العربي دخل ما سمّوه ب"زمن الرواية" باعتبار أن الشعر الذي كان على مدى قرون مديدة. ديوان العرب قد بدأ يشهد انحسارا لم يسبق له مثيل، فاقدا مكانته وجمهوره وقدرته على توصيف الواقع مثلما كان حاله من قبل. وقبل أن ينتهي القرن العشرون، أصبحت الرواية اللون الأدبي الأكثر شهرة في مختلف البلدان العربية حتى أن البعض من الشعراء، وكتّاب القصة القصيرة أقبلوا على كتابتها خصوصا بعد أن عاينوا أنها أصبحت تتمتع بجاذبية كبيرة لدى نسبة عالية من القراء، وقد ازدادت الرواية شهرة وانتشارا بعد أن قررت العديد من البلدان العربية مشرقا ومغربا تخصيص جوائز رفيعة لكتّابها، كما أن دور النشر الغربية بدأت تولي اهتماما للرواية العربية بعد أن انتبهت إلى أنها قد تكون اللون الأدبي الأكثر قدرة على توصيف واقع هذا المجتمع العربي أو ذاك، وعلى التغلغل في تفاصيل هذا الواقع عاكسة ما يعتمل فيه من صراعات سياسية ودينية وثقافية وغيرها، وتأتي جائزة "القلم الذهبي للأدب" التي أطلقها المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية لتؤكد على مزيد من الدعم والتشجيع لكتابة الرواية، والعنصر المهم الذي تتميز به حيثيات هذه الجائزة هو أنها ربطت بين الرواية والسينما، وهو أمر غير مسبوق إلى حد اليوم، ونحن نعلم أن السينما الغربية استفادت كثيرا من الرواية، وأن البعض من كبار الروائيين كتبوا سيناريوهات لأفلام لاقت شهرة عالمية واسعة، كما أن روايات ازدادت شهرة وانتشارا على المستوى العالمي بعد أن تحوّلت إلى أفلام مثل: "أنّا كارينينا" لتولستوي، و"الموت في البندقية" لتوماس مان، و"تحت البركان" لمالكوم لاوري، و"في قلب الظلام" لكونراد، وغيرها... كما نعلم أن روايات نجيب محفوظ ويوسف السباعي وعبدالرحمن الشرقاوي وغسان كنفاني ازدادت شهرة وانتشارا لدى الجمهور العربي بعد أن حوّلت إلى أفلام... فهنيئا لكتاب الرواية بجائزة "القلم الذهبي للأدب"، وشكرا جزيلا لباعثها آل الشيخ.. * كاتب وروائي تونسي