ظهرت في السنوات الأخيرة شركات الدفع الآجل والتي تقوم نيابة عن المتاجر بتقسيط المشتريات على 4 دفعات، وانتشرت خدماتها في معظم المتاجر كانتشار النار في الهشيم مستخدمة أسلوبا خطيرا في الإغراء؛ وهو أن تقسيط المشتريات بدون فوائد ولا رسوم، واستطاعت بهذا الأسلوب تحويل المشتريات من الدفع النقدي إلى الدفع الآجل، وساهمت في تعزيز السلوك الاستهلاكي، أغلب عمليات الدفع تتم بواسطة البطاقة الائتمانية وهذا جعل الدفع الآجل بدون فوائد يتحول إلى قروض البطاقة الائتمانية والتي شهدت نموا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، قيمة قروض البطاقات الائتمانية في نهاية عام 2023 تضاعفت مرة ونصف مقارنة مع عام 2016، وهذا الارتفاع الكبير دق ناقوس الخطر، ولذلك يجب تنبيه المستخدمين وتوعية المستهلكين بخطورة قروض البطاقات الائتمانية، وما تسببه في دخول المستهلك دوامة لن يستطيع الخروج منها، فإن تحدثنا عن أسعار الفائدة فهي عالية جدا بل جائرة، حيث تتراوح ما بين 2 و2.5 في المئة كل شهر وتصل إلى أكثر من 24 % في السنة الواحدة وعندما يستخدم العميل طريقة السداد المخفض بنسبة 5 % شهريا تمر عليه السنة وأصل الدين لا يكاد ينقص إلا بنسب بسيطة جدا بسبب الفائدة المرتفعة، وهكذا دواليك حتى يصبح المستهلك أسيرا للبطاقة الائتمانية لا يستطيع أن ينفك عنها، ولن يكون قادرا على توفير احتياجاته ومشترياته وسداد فواتيره إلا بوجودها، فتتراكم عليه الديون ليجد مرتبه في نهاية الشهر يذهب بالكامل لسداد القروض بفوائدها العالية، تدخل البنك المركزي السعودي وهو المعني بحماية العملاء أصبح ضرورة في ظل تنامي ديون الأفراد، وعليه مسؤولية إصدار نظام يحد من التوسع في قروض البطاقات الائتمانية ووضع حد أعلى للفوائد التي تفرضها البنوك على العملاء، وكذلك الحد من عمليات تقسيط مصاريف السياحة الخارجية التي دفعت الكثير إلى السفر وتحمل أعباء الديون لسنوات حتى لا يقع المجتمع تحت وطأة الديون التي ينتج عنها مشكلات اجتماعية ونفسية، وسبق للمركزي السعودي في عام 2018 إصدار تعليمات التمويل المسؤول والتي تهدف إلى تشجيع الحصول على التمويل الذي يلبي الاحتياجات الفعلية للعملاء خصوصا تلك المتعلقة بالحصول على المساكن والأصول بدلا من الأغراض الاستهلاكية، كما تهدف هذه المبادئ إلى تعزيز الشمول المالي من خلال توفير التمويل المناسب لجميع فئات المجتمع، وضمان العدالة والتنافسية بين الممولين بما يحافظ على فاعلية الإجراءات والآليات المتبعة من قبلهم وضمان كفاءتها، ورغم التحفظ على طريقة إفصاح العميل عن التزاماته المالية من أجل مساعدة البنك في وضع نسب التحمل ضمن نطاق يمكن تحمله والتي لم تكن فعالة إذ أن الكثير من العملاء لا يفصح عن التزاماته المالية الفعلية، إلا أن القروض الاستهلاكية فعليا ساهمت مع القروض السكنية في مساعدة الأسر على تملك المسكن، ولكن مع ارتفاع أسعار الفائدة وتغيير مصفوفة الدعم السكني وارتفاع أسعار العقارات تراجعت قدرة المواطنين على تملك المسكن بل استحالتها لدى الكثير ولذلك فضل البعض تأجيل قرار شراء المسكن حتى تتحسن القدرة الشرائية إما بتراجع أسعار الفوائد أو تراجع أسعار المساكن وخصوصا أن وزارة البلديات والإسكان بدأت في توفير بدائل أرخص من المعروض في السوق وتبنيها من خلال ذراعها الشركة الوطنية للإسكان تخطيط وتطوير أراضي الضواحي السكنية، ليتم تنفيذها بالشراكة مع المطورين العقاريين في القطاع الخاص وتوفير آلاف الوحدات السكنية، وتعزيز جودة الحياة في هذه الضواحي بتوفير بيئة متكاملة الخدمات والمرافق التعليمية والصحية والتجارية بالإضافة إلى المساحات الخضراء والمراكز الرياضية والترفيهية، بنمط يلبي احتياجات الأسر السعودية ويحقق طموحاتها، وهذا من شأنه التخفيف عن الأسر وعدم تحميلهم أقساط عالية لمدد تصل إلى 30 عاما كفيلة بأن تقلب حياتهم إلى جحيم، قيمة القروض الاستهلاكية عاودت الارتفاع مرة أخرى في الربع الأول من هذا العام 2024 بعد أن كانت متراجعة في الفصول السابقة ويعود ذلك إلى تسابق البنوك إلى تنمية محافظهم من قروض الأفراد استباقا لقرار الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة والذي يؤثر مباشرة على أسعار الفائدة المتغيرة التي تستخدمها البنوك في قروض الشركات، بينما قروض الأفراد بالفائدة الثابتة والتي تستمر لعدة سنوات، ولذلك رأينا عروضا من البنوك لشراء المديونيات للتغلب على الطلب الضعيف على القروض الاستهلاكية.