حقق انسحاب الرئيس جو بايدن عن ترشحه كممثل للحزب الديموقراطي في الانتخابات رغبة قادة الحزب، الذين ضغطوا على بايدن لإعلان انسحابه، إلا أن الحزب دخل في مرحلة حساسة يشوبها الكثير من القلق مع عدم وجود البديل المثالي والقادر على هزيمة دونالد ترمب في الانتخابات المقبلة. وهذا ما عبر عنه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الذي قال إن "أياماً صعبة" تنتظر الحزب الديموقراطي، في ظل ضيق الوقت قبل انعقاد الانتخابات في نوفمبر المقبل، وقلة الخيارات المتاحة ل"خلافة" بايدن. هاريس تنطلق في الحملة الانتخابية بعد تلقّي كمالا هاريس دعماً واسعاً في معسكرها للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية، عقدت لقاء مع الناخبين الثلاثاء في ولاية ويسكنسن الحاسمة في إطار السباق إلى البيت الأبيض في مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترمب. وأعلنت هاريس وهي نائبة الرئيس الأميركي ترشحها محلّ الرئيس جو بايدن في السباق إثر انسحابه المفاجئ، وتواجه تحديات كبيرة إذ لم يبق أمامها سوى أربعة أشهر لإقناع الناخبين الأميركيين بالتصويت لها. وخلال أول فعالية لها في حملتها الانتخابية مساء الإثنين في ديلاوير عبّرت هاريس (59 عاما) عن أفكارها كمرشحة. وقارنت هاريس ترمب البالغ 78 عاما بشخص متلاعب، مشددة وسط تصفيق أنصار للحزب الديموقراطي، على "أننا سنفوز" في الانتخابات. كذلك، وعدت هاريس بجعل الحق بالإجهاض في صلب حملتها الانتخابية في إطار سعيها للوصول إلى البيت الأبيض. وقالت في أول خطاب لها في إطار حملتها الانتخابية، "سنناضل من أجل حق (المرأة) ، مع العلم أنه إذا سنحت الفرصة لترامب فسوف يقر حظراً على الإجهاض في كل ولاية" أميركية. بايدن "أُجبر" على الانسحاب وتشير التسريبات إلى أن بايدن أصر على الاستمرار في الحملة الانتخابية حتى يومين سابقين، لكن الضغوطات الكبيرة من المتبرعين والنواب الديموقراطيين أدت به التخلي عن فكرة الترشح لولاية جديدة. وطالب عشرات النواب الديموقراطيين في الكونغرس الأميركي جو بايدن بالانسحاب، بالإضافة إلى مشاهير ومتبرعين عرف عنهم دعمهم الكبير للحزب الديموقراطي ومنهم الممثل جورج كلوني، الذي استضاف مؤخراً حفلاً لجمع التبرعات لحملة بايدن، إلا أنه أعلن بعد المناظرة الاخيرة بين بايدن وترمب عن نيته التوقف عن دعم بايدن قائلاً إن الديمقراطيين "لن يفوزوا في نوفمبر مع هذا الرئيس". وفي بيانه حول الانسحاب، أعلن بايدن أنه سيتفرغ لما تبقى له في فترة الرئاسة الحالية، مؤكدا دعمه لنائبته كامالا هاريس لتكون محله في المنافسة أمام المرشح الجمهوري دونالد ترمب، الذي لم يفوت الفرصة ليصرح بأن "هزيمة" هاريس ستكون أسهل عليه من بايدن. كما لم تكن معظم استطلاعات الرأي في صالح هاريس، إذ أنها تتمتع بشعبية أقل من بايدن، إلا أنها، تقنيا، المؤهل الأول والوحيد حاليا القادر على الاستفادة من أموال التبرعات السابقة التي وصلت لحملة بايدن. فوضى في الحزب الديموقراطي ويرى السياسي الأميركي والباحث في مجموعة صوفان للدراسات كولين كلارك إن الحزب الديموقراطي يعيش حالة فوضى كبيرة اليوم، ويحاول أن يظهر تماسكه للخارج، وذلك عبر تأييد الكثير من أعضاء الحزب لكامالا هاريس، لكن خلف الكواليس هناك انقسام كبير حولها، خاصة أن استطلاعات الرأي تظهر عدم أهليتها الكاملة لهزم ترمب وأن حظوظها ضعيفة، وعقب: "كامالا هاريس أعطوها ملف الحدود، وفشلت فيه، وهذا ما نال من شعبيتها فهو الملف الأصعب والأكثر تعقيداً". وعلى الرغم من دعم بايدن، لازال أمام هاريس مشوار طويل من أجل الحصول على تزكية ودعم الديموقراطيين لها. وفي تصريحاته ل"الرياض" قال كلارك أن الحزب الجمهوري كان يستعد طيلة الفترة الماضية للهجوم على هاريس في حال كانت المرشحة البديلة وهو أمر متوقع منذ زمن، لذلك نرى الحزب الجمهوري يملك التكتيك والأدوات لضرب شعبية هاريس والتحرك بسرعة بينما يفتقد الديموقراطيون للوقت لبناء شعبية الوجه الجديد للحزب الديموقراطي. وسينعقد مؤتمر الحزب الديموقراطي في شيكاغو في الفترة ما بين 19 و 22 أغسطس، ليقرر رسمياً المرشح البديل عن جو بايدن، حيث ستحتاج هاريس إلى جمع توقيعات 600 مندوبا على الأقل لتكون المرشحة للرئاسة. ماذا نعرف عن هاريس؟ ولدت هاريس في أوكلاند بولاية كاليفورنيا، وتخرجت من كلية "هيستينجز للقانون" في "جامعة هوارد"، وقالت في حديثها عن طفولتها: "كانت والدتي تقول لي على الدوام، قد تكونين الأولى في القيام بالكثير من الأمور، لكن احرصي على ألا تكوني الأخيرة". بدأت نائبة الرئيس الأميركي السادس والأربعين، حياتها المهنية في مكتب المدعي العام لمقاطعة ألاميدا، قبل تعيينها في مكتب المدعي العام لمقاطعة سان فرانسيسكو، وبعد ذلك في مكتب المدعي العام لمدينة سان فرانسيسكو. وفي عام 2003، انتخبت هاريس مدعية عامة لمنطقة سان فرانسيسكو، وبعدها ب7 أعوام اختيرت لمنصب المدعي العام لولاية كاليفورنيا في عام 2010، وأُعيد انتخابها للمنصب مجدداً في عام 2014. وإضافة إلى خبرتها في الفروع القضائية والتنفيذية والتشريعية للحكومة، منحت هاريس زخماً كبيراً للسباق نحو البيت الأبيض عام 2020، الذي طغت عليه جائحة فيروس كورونا المستجد، والأزمة الاقتصادية. ونافست هاريس بايدن في سباق الحزب الديمقراطي التمهيدي نحو الانتخابات الرئاسية 2020، وقد خاضت أمام بايدن مناظرة حامية، وجهت خلالها انتقادات لاذعة له. ثم قررت هاريس التخلي عن الترشح وأعلنت دعمها ل"بايدن"، الذي قرر أن يجعلها نائبة له، وتغاضى عن ما جاء على لسانها في المناظرة، بل ومدحها قائلا إنها "ذكية ومنافسة حقيقية ومرشحة من الطراز الأول". أثبتت هاريس جدارتها، خاصة في ما يتعلق باستمالة النساء والتقدميين والناخبين الملونين، الذين كانت لهم أهمية بالغة في فوز الحزب الديموقراطي بالانتخابات. مرشحون آخرون لخلافة بايدن من جانبه قال السياسي الأميركي غابرييل صوما لجريدة "الرياض" أن مطالب الجمهوريين اليوم بانسحاب بايدن من الرئاسة وليس فقط من الترشيح سببها حالته الصحية المتراجعة إلى حد كبير، فالحزب الجمهوري ممثلاً برئيس مجلس النواب مايكل جونسون، يرى أن الرئيس الأميركي هو من يقف على قمة هرم أهم دولة في العالم وعليه أن يكون جاهزا للتعامل مع الأزمات العالمية المعقدة ليلا نهارا، وبايدن لم يعد قادرا على القيام بهذه المهمة المعقدة. واستبعد صوما أن تحاول الديمقراطية ميشيل أوباما العودة إلى البيت الأبيض مجددا، هذه المرة كرئيسة، وذلك لأنه ليس هناك وقت كافي لتنظيم حملة انتخابية، وبالتالي "لن تحرق نفسها" في سباق رئاسي بات موقف الحزب الديموقراطي فيه ضعيفا. وحول حظوظ حاكمة ولاية ميشيغان غريتشن ويتمر، في حال ترشيح الديمقراطيين لها، يقول صوما إنها النجمة الصاعدة في الحزب، والمحبوبة من سكان ميشيغان من الديمقراطيين، خاصة العرب والمسلمين، وستتمكن من ضمان أصوات العرب والمسلمين في ولاية ميشيغان، المعقل الأهم لعرب أميركا، لكن من الصعب أن تتمكن من الفوز بولايات مهمة أخرى نظراً لضيق الوقت الشديد. المعسكر المحيط بالجمهوري وكان رد فعل المعسكر المحيط بالجمهوري المرشح حديثاً، دونالد ترمب، غاضباً على انسحاب بايدن. ونشر ترمب عدداً كبيراً من التعليقات اللاذعة على منصته على الإنترنت "تروث سوشيال"، معرباً عن أسفه للوقت والمال الذي استثمره فريقه "في محاربة جو بايدن". وكتب ترمب: "الآن علينا أن نبدأ من جديد"، متسائلاً عما إذا كان ينبغي الآن "تعويض حزبه". وبصرف النظر عن هزيمة ترمب بشكل مباشر، يأمل العديد من الديمقراطيين أن تتمكن هاريس على الأقل من منع الجمهوريين من السيطرة على مجلسي الهيئة التشريعية. وستكون جميع المقاعد في مجلس النواب وحوالي ثلث المقاعد في مجلس الشيوخ متاحة للسيطرة عليها في انتخابات الخريف.