تسهم الشركات الناشئة، في المجالات التقنية تحديدًا، في إحداث تغيير جذري في الصناعات، ودفع عجلة الابتكار، وخلق فرص وظيفية نوعية، إلا أن عددَ الشركات الناشئة التي تنبثق من الأبحاث العلمية المنشورة في جامعاتنا ليس بالجيد، وحماسَ طلاب كلياتنا ليس بالكافي، ودعمَ المهتمين بتأسيس شركاتهم الخاصة ليس بالمناسب، ومع الأسف، أغلب شركات المملكة الناشئة شركات لتقديم خدمات مجتمعية، لا تقنية، والكثير منها يُخفق، فلماذا؟ تخفِق بعض الشركات الناشئة لافتقارها إلى فهم السوق وتلبية حاجاته، وعدم قدرتها على مواكبة اتجاهات الصناعة، وعدم وجود نظام تمويل كافٍ لاستدامة العمليات لفترة طويلة بما يكفي لتحقيق الربحية، لا سيما في ظل ظروف السوق المتغيرة والمنافسة الشرسة في العديد من قطاعات التقنية؛ فمِن دون رأس المال الكافي، لا يمكن الاستثمار في تطوير المنتجات أو التسويق أو توظيف المواهب المناسبة. تفتقر أيضًا مراكز المسرعات وريادة الأعمال إلى وجود خبراء يقدمون الدعم الكافي للطلاب ورواد الأعمال للمساعدة في التغلب على العوائق التي قد يواجهونها، سواء في الفكرة، أو الخطط، أو التنفيذ، فما الحل؟ أولًا: يجب تعزيز عقلية ريادة الأعمال بين الطلاب في الجامعات من خلال تشجيع الإبداع والمخاطرة والرغبة في التعلم من الأخطاء، مع تسليط الضوء على قصص النجاح السابقة. ولتحقيق ذلك، من المهم أن تعمل الجامعات على دمج ثقافة ريادة الأعمال في مشاريع التخرج والأبحاث عن طريق تحويلها إلى مشاريع ابتكارية يمكن تطبيقها على أرض الواقع عبر التعاون المثمر بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. ثانيًا: يجب تشجيع الطلاب على إنشاء شركات ناشئة في المجالات التقنية بدلًا من الشركات الناشئة القائمة على الخدمات؛ وهذا ما يتطلب تزويد الطلاب بالمعارف والمهارات التقنية اللازمة لتحويل أفكارهم إلى واقع، بما في ذلك المعرفة التقنية والتجارية والتسويقية. من هذا المنطلق، أرى أن علينا تشجيع التعاون بين الطلاب من خلال بناء فريق متنوع مكوَّن من تخصصات أكاديمية مختلفة، مثل: الأعمال والهندسة وعلوم الكمبيوتر؛ لمعالجة المشكلات المعقدة. ثالثًا: تشجيع الطلاب على تحديد القضايا الملحة في المجتمع أو الفجوات في الأسواق الحالية، واستكشاف كيفية الاستفادة من التقنية لمعالجة هذه التحديات بفعالية، والاستفادة من فرص الاستثمار في رأس المال الجريء. رابعًا: تقديم دورات وورش عمل وتدريب عملي على التقنيات والأدوات ذات الصلة المستخدَمة بكثرة في تطوير الشركات الناشئة، مثل البرمجة، وتحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي... إلخ. حفظ الله بلادنا وأدامَ عليها نعمة الأمن والإيمان.