كنّا مجموعة زملاء نتابع بطولة أمم أوروبا المنتهية أحداثها قبل أيام في ألمانيا.. ومع التنافس المحموم وحسن الترتيب للمباريات والجدولة المثيرة كعادة الأوربيين، إلا أننا نجد أن الفوضى الجماهيرية سمة لم ترتق أبدا إلى ما هم عليه من تنظيم، فغير المشاجرات العنيفة التي تحدث خارج الملاعب هناك انحدار بيئي من الصعب تجاوزه، فبعد أي مباراة فإن مقاعد المتفرجين تكشف عن مخلّفات نتنة يتركونها ورائهم، ناهيك عن ملاحظة التجاوز السافر للأنظمة بالتدخين والأبواق وأشياء أخرى يطول ذكرها؟!. أيضا ما شاهدناه في بطولة أوروبا خارج الملاعب وبعد انتهائها أو أثنائها هي رسالة عن حال المشجع الأوروبي ووعيه التي ظنناها قدوة في فرحها وتشجيعها ووعيها برسالة صادمة عن أخلاقيات المشجع الرياضي المطلوبة من خلال سوء التصرف وتحويل مناطق المشجعين إلى مزابل مليئة بالقمامة والمخلفات أعطت تصورا واضحا عن الآلية التشجيعية هناك وكيفية التعبير فيها. بين المستوى العالي الذي استمتعنا فيه خلال منافسات البطولة وبين تلك التصرفات التي لم تنقطع منذ زمن بعيد لنا أن نتخيل عدد رجال الشرطة وسيداتها الذين يراقبون المشجعين في غير أوقات المباريات لا سيما وأنها تشهد اقتتالا مستمرا بين المشجعين عادة ما يكون هناك ضحايا، ولنا في ما حدث مطلع البطولة الجارية بين جماهير إنجلترا وصربيا خير مثال؟ وبما يعطي التأكيد أن المجتمع الأوروبي عبر جماهيره الكروية هو الأقل وعيا وتسامحا قياسا بما نشاهده آسيويا وأفريقيا.. ولا نتجنى عليهم في ذلك، فهي رسائل وصلت جلية تعكس صورة ما يحدث لديهم. ما شاهدناه يعيدنا إلى كأس العالم الأخيرة التي أقيمت في قطر حينما خطف الجمهور الياباني ونظيره السعودي الأنظار، فرغم احتدام المنافسات إلا أن الجماهير التي واظبت على نظافة المدرجات التي وقفوا عليها، وبادروا بجمع كل المخلفات حتى حين خسر منتخبيهما.. شاهدت الجماهير السعودية تفعل ذلك حتى بعد ألم الخسارة غير المستحقة من بولندا.. هنا لن أكون مجاملا لأن النظافة مبدأ إسلامي عظيم والطفل السعودي منذ صغره يتلقى تعليما بذلك من والديه أو المدرسة وحتى المجتمع المحيط، وحاليا مع الرؤية السعودية العظيمة ثمة وعي مجتمعي بأهمية النظافة، وبما سيجعل هذا الوطن المقدس الأجمل والأنظف على وجه الأرض. وبعد ما شهدناه وفي انتظار الحدث الكروي الأكبر الذي تعد السعودية العدة لاستضافته العام 2034.. الأكيد وبإذن الله أنها ستكون كأس عالم.. ليست صديقة للبيئة فقط، بل تربية بيئية اجتماعية جديدة.. الأساس فيها الرقي البيئي والتعامل المثالي. ختام القول إننا لسنا بصدد استعراض ما على الأوروبيين أن يكونوا عليه، وما نحن عليه، لكن هي حقائق أظهرتها البطولة الكبرى، ونقلته الوكالات والتلفزة العالمية ناهيك عن وسائل التواصل الاجتماعي.. صور لا تليق بمجتمعات يُنظر إليها على أنها رائدة حضاريا.. لكن يبدو أنها رائدة علميا.. لكن مجتمعيا ليست كذلك فما يظهر لنا في كل مناسبة يعيدنا إلى أن المجتمعات الغربية تنحدر باستمرار عبر عدائية كبيرة تظهر فيما بينهم، ناهيك عن تراجع الأخلاقيات وانتشار الفتن.. حمانا الله وإياكم.