يعكف حالياً المؤلف والباحث والمؤرخ الأستاذ عبدالله بن عبدالعزيز الضويحي على إصدار كتابه الجديد (مرات.. على طريق قوافل الحج القديمة)، والذي سيرى النور قريباً، حيث يتحدث فيه عن (بلدة مرات) القديمة والتي من المعروف بأنها بلدة جاهلية وتعد من أقدم بلدان الوشم والمعروفة باسم (مرأة)، فقد مرت عليها حضارات قديمة سادت ثم بادت، سواء في الجاهلية أو في صدر الاسلام ومع مرور الزمن اندثرت هذه الحضارات وبقي منها معالم وشواهد تنبئ أن التاريخ مر من هنا، فبئر قرية القصيبة الأثري وبركة مرات الجاهلية خير شاهد على تلك الحضارة في ذلك الزمن. فالبئر هي ما بقي من قرية القصيبة الجاهلية المجاورة لمرأة الجاهلية وكليهما يسكنهما بني امرئ القيس بن زيد مناة من تميم، أما البركة فما زالت موجودة إلى عصرنا هذا تصارع الزمن، باقية على هيئتها التي شيدت بها، وذلك لاهتمام ولاة الأمر في العصور الماضية والحديثة بها والمحافظة عليها، ووقوع قرية (القصيبة) قصيبة مرات على طريق قوافل الحج القديم، (طريق المنكدر)، فأصبحت محطة يستريح فيها الحجاج القادمون من البصرة السالكين هذا الطريق الذي لم يدم طويلاً نظراً لقلة المياه على هذا الطريق فاستبدلوه بطريق آخر رغم أنه من الطرق المعروفة آنذاك، قال صاحب كتاب (العرب): "والمنكدر من طريق البصرة إلى مكة أهله تميم كان الحجاج يأخذونه فتركوه لقلة الماء"، وقال عنه صاحب كتاب (المناسك): "لما نزل أهل البصرة كانت طريقهم على الطريق التي يقال لها (المنكدر) وهو على وادي السباع، ووادي السباع على ستة أميال من البصرة، فمن أراد مكة على طريق (المنكدر) توجه نحو القبلة وأخذ الصمان"، وقال الأصمعي: "تخرج من البصرة فتسير إلى كاظمة ثلاث لمن أراد مكة من المنكدر ثم تسير إلى (الدو) ثلاثاً ثم تسير إلى الصمان ثلاثاً ثم إلى الدهناء (ثلاثاً)، وقد أثبت الباحث البلداني المدقق الشيخ عبدالله بن محمد الشايع -رحمه الله- أن طريق (المنكدر) يمر قرية القصيبة الواقعة في محافظة مرات، ومن هنا يتضح لنا أن بركة مرات الجاهلية بقيت على مرور الزمن صامدة بخصائصها المعمارية إلى يومنا هذا، ويحتمل أن تكون من البرك التي شيدت في العصر العباسي لأنها تحمل نفس الخصائص التي تتميز بها البرك في ذلك الزمن، قال البلداني الشيخ عبدالله بن محمد الشايع في كتاب (بحوث ندوة أسماء الأماكن الجغرافية في المملكة العربية السعودية) صفحة 165 و166 التالي: "أما طريق (المنكدر) فقد فهمت من النصوص الواردة بشأنه أنه من طرق القوافل القديمة التي تربط بين (الأبلة) وبين مكة وما حولها من أسواق العرب التجارية، وقد تعرفت إلى مسار هذا الطريق حيث مازالت أعلامه المكثفة بادية للعيان، وقد رصدت الكثير منها وتعرفت على بعض موارده، ويدل على أنه من أمهات الطرق كون أعلامه عملت بشكل يدعو للحيرة والاستغراب، وعندما أسست (البصرة) كان الحجاج يسلكونه حتى تحول الطريق في ما بعد إلى الطريق المار مع بطن فلج المسمى (طريق حجاج البصرة)، وبعد تأسيس (الكوفة) كان طريق الحاج منها يسير على طريق «مثقب» مروراً ب «زبالة» فأصبح هذا الجزء من الطريق يسمى (طريق حاج الكوفة)، أو (درب زبيدة)، وبهذا نسي أمر هذين الطريقين (مَثْقَب والمنكدر)، ولم يبقَ ما يدل عليهما سوى أعلامهما المكثفة البادية بأشكالها ودلالاتها المختلفة المحيرة، وهذا ما أكده البلداني الشيخ عبدالله الشايع في المحاضرة التي أقامها في (مجلس المهنا) بمحافظة شقراء وهي موثقة باليوتيوب، ويأتي هذا الإصدار ليضاف إلى مؤلفاته العديدة التي أثرت المكتبة العربية والتي تحدث فيها عن الأدب الشعبي وعلم البديع والغوص وترجمة الأعلام كالشاعر الشهير حمد الحجي وغيرها من المؤلفات.