يخوض جاريث ساوثجيت مباراته المئة، وربما الأخيرة، كمدرب لإنجلترا في دور الثمانية لبطولة أوروبا 2024 بعد غد السبت ضد سويسرا إذ من الممكن أن يستمر في المنافسة أو يتحسر على المشاركة. وبدون هدف التعادل الذي سجله جود بلينجهام في الدقيقة 96 أمام سلوفاكيا، كان ساوثجيت سيغادر البطولة بنسبة 99 في المئة، وكان من شبه المؤكد أن يتخلى عن منصبه، ومع كل جهوده الرائعة السابقة سرعان ما تم نسيانها وسط العروض السيئة للغاية للاعبيه والأداء الذي لا يمكن تفسيره من جانبه. وبسبب فوز إنجلترا بتلك المباراة، فقد أصبح بوسعه تكرار إنجاز ألف رامسي باعتباره المدرب الوحيد لمنتخب إنجلترا الذي فاز بلقب كبير بعد أن عادل بالفعل الفائز بكأس العالم 1966 باعتباره الوحيد الآخر الذي وصل إلى النهائي. ويجب النظر إلى أي تحليل لفترة ساوثجيت في سياق الوضع الذي كانت عليه إنجلترا عندما تولى المسؤولية. وفي كأس العالم 2014، احتلوا المركز الأخير في مجموعتهم بنقطة واحدة وهو أسوأ أداء لهم بلا منازع ووصلوا إلى القاع بعد الهزيمة المذلة أمام أيسلندا في الجولة الثانية من بطولة أوروبا 2016 والتي تسببت في فجوة كبيرة بين اللاعبين والمشجعين. ورحل على إثرها المدرب سيء الحظ روي هودجسون. وعندما تولى ساوثجيت المسؤولية في 2016، كانت إنجلترا في المركز 12 على مستوى العالم وفي حالة من الفوضى العارمة. وبعد ثماني سنوات، أصبح الفريق الأوروبي الوحيد الذي وصل إلى دور الثمانية في آخر أربع بطولات كبرى. لقد ظهروا في نهائي بطولة أوروبا للمرة الأولى، وخسروا بركلات الترجيح أمام إيطاليا، ووصلوا إلى قبل نهائي كأس العالم للمرة الأولى منذ 1990، وخسروا أمام فرنسا في مواجهة كلاسيكية في دور الثمانية لكأس العالم 2022 والتي كان من الممكن أن تنتهي لصالح أحد الطرفين. لقد خسروا مرة واحدة في 35 مباراة في تصفيات كأس العالم وبطولة أوروبا، وأمام كولومبيا في كأس العالم 2018 أنهى منتخب إنجلترا سلسلة من خمس هزائم متتالية بركلات الترجيح. وقبل مباراة سويسرا فازوا بسبع مباريات وتعادلوا في أربع من آخر 11 مباراة خاضوها في نهائيات بطولة أوروبا. * تغيير العقلية إلى جانب هذه الإحصائيات المثيرة للإعجاب، هناك تغيير كبير في العقلية والثقافة جلبه ساوثجيت إلى إنجلترا. لقد أدرك منذ اليوم الأول أن مهمته الأكثر أهمية هي منع اللاعبين من الخوف من مغادرة أنديتهم من أجل المشاركات الدولية، وقد ساعدهم تدريجيا على حب ذلك. وبادر ساوثجيت بهذا التغيير إذ كان يعلم أن أي نجاح يجب أن يكون بالشراكة بين جميع "أصحاب المصلحة". وكجزء من ذلك، عمل بلا كلل حتى يحدث ترابط قوي بين فرق الفئات العمرية الدولية ولم يدخر أي جهد فيما يتعلق بطلب المساعدة والتأثير الخارجي. وباعتباره الرجل الذي أهدر ركلة الجزاء التي تسببت في خسارة ركلات الترجيح في قبل نهائي بطولة أوروبا 1996 أمام ألمانيا، فإن ساوثجيت كان أفضل شخص يعرف أن هذا الجانب يحتاج إلى تطوير في منتخب إنجلترا وقدم دعمه لمشروع رائع مدته 18 شهرا أتى بثماره في فوز إنجلترا على كولومبيا. ويمكن لساوثجيت، بل ويرى كثيرون أنه يجب عليه ذلك، أن يستعد بالفعل للحصول على لقب فارس إذ تحتوي خزانة جوائز إنجلترا الآن على أكثر من مجرد نسخة طبق الأصل من كأس جول ريميه. ويرى منتقدوه أنه أهدر فرصا ثمينة بشكل متكرر لأسباب ليس أقلها الفشل في الاستفادة من سلسلة من المرات التي خدمت فيها القرعة إنجلترا. وفي كأس العالم 2018، كانت مرحلة المجموعات سهلة هيأتهم للمباريات الإقصائية ضد كولومبيا والسويد وكرواتيا بينما في بطولة أوروبا 2020، على الرغم من أنهم حققوا فوزا رائعا في دور الستة عشر على ألمانيا، فإن منافسيهم الآخرين في طريقهم إلى النهائي كانوا كرواتيا واسكتلندا وجمهورية التشيك وأوكرانيا وفي قبل النهائي الدنمرك التي خسرت أول مباراتين لها في دور المجموعات. ووضعتهم بطولة كأس العالم 2022 في مواجهة الولاياتالمتحدة وإيران وويلز والسنغال قبل هزيمة فرنسا، بينما تجنبوا في ألمانيا كل الفرق الكبيرة، وقابلوا صربيا والدنمرك وسلوفينيا وسلوفاكيا. وإذا تغلبوا على سويسرا، فسوف يواجهون هولندا أو تركيا في قبل النهائي. ووسط كل تلك الفرص، ربما كان أكبر فشل لساوثجيت هو أنه عندما كان المجد على مسافة قريبة، بدا وكأنه يرتعد من الأضواء. كانت مواجهة قبل النهائي ضد كرواتيا ونهائي إيطاليا بمثابة نسختين تقريبا، حيث كانت إنجلترا متقدمة، لكنها وجدت نفسها محملة بالإرهاق حيث أجرى مدربو الخصم تغييرات أثرت على سير المباراة، لكن ساوثجيت لم يفعل ذلك، أو تركها لوقت متأخر للغاية. وكان هذا النهج البطيء في أقصى حالاته ضد سلوفاكيا، عندما انتظر حتى الدقيقة الأخيرة من الوقت المحتسب بدل الضائع لإشراك المهاجم البديل إيفان توني، على الرغم من عدم تمكنه من التسديد على المرمى لأكثر من 90 دقيقة، بينما كان الجميع يصرخون من أجل مطالبته بإجراء تبديل. لقد أفلت ساوثجيت من العقاب في جيلسنكيرشن، ولا يزال لديه فرصة للمواصلة. ومع ذلك، فإن النتيجة الأقرب هي المصافحة والعناق في كل مكان عندما يتوجه إلى منزله لمشاهدة المباراة النهائية على شاشة التلفزيون ورأسه مرفوعة لكنه يفتقد التاج.