كأن تستمتع وأنت تشاهد شروق الشمس وضوء القمر، وتسعد بالجو اللطيف وموج البحر، وتفرح بفنجان القهوة وكأس الماء البارد، احذرْ أن يسيطر عليك الحزن والقلق، وأن تؤجل المتعة انتظارًا لشيء ليس بين يديك، لكن استمتع بالأشياء المتاحة لك، تأمل أنّك في أمان وعافية، وفي مطبخك أطعمة جاءت من قارات العالم، حتمًا ستدرك النعيم المتوافر لديك، استشعر الفرح بذهابك إلى زيارة أقاربك وأصدقائك ومدرستك أو وظيفتك، إن من الطبيعي شعورك بالفخر بتلقّي عبارة شكر على عمل قمتَ به، وخاطر مكسور جبرته. إنّ الابتسامة التي تلازم محيّاك كلّ يوم سببها تقديرك للأشياء التي بين يديك، فقد تصلك رسالة فتكون سببًا في سعادتك لأيام بسبب نظرتك الإيجابية، والعاقل من تطمئنّ روحه رضًى وحمدًا لله تعالى على كل نِعَمِهِ التي لا تُحصى، وسيشكر الله عز وجل على كل شيء؛ توفيقه، وهدايته، وعافيته، ورزقه، وقدره. لديك الضمير الحيّ، وعزّة النفس، والأخلاق التي تسمو بك، ومعالي الأمور التي ترفعك، إنّ من أفضل ثمار العلم الذي تعلمناه أن نعظّم الأشياء التي قد نعتقد أنها صغيرة، وهي عظيمة، أشياء كثيرة تحيط بنا ويجب أن نقدرها، ويغمرنا الحمد لوجودها في حياتنا اليومية، بهذا الشعور الجميل -بإذن الله- لن يصيبنا اكتئاب الباحثين عن الكمال في كل شيء، ولن نتذمّر كأصحاب المقارنات السلبيّة. إنّ سعادتنا بالأشياء الجميلة التي بين يدينا تعني أننا ملكنا كنزًا اسمه القناعة، ومسك الختام قول الشافعيّ -رحمه الله-: إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "قَدْ أَفْلَحَ مَن أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بما آتَاه".