تتبع الحشود بالكاميرات الذكية وتطبيقات الهواتف المحمولة طائرات بدون طيار لمراقبة الحركة وتوجيه الحجاج وتجنب الازدحام خلال موسم حج هذا العام تمكن أكثر من 1.8 مليون حاج من أداء مناسكهم بيسر وطمأنينة تلك حقيقة التي لا يمكن تجاوزها حيث الإرث الكبير الذي رسخته المملكة في فن إدارة الحشود الكبيرة، والذي يُعدّ علمًا قائمًا بذاته. وقد برعت المملكة في إدارة الحشود الكبيرة خلال أداء فريضة الحج بشكل متميز على مدار العقود الماضية، الأمر الذي أسهم في سلامة الحجاج وتوفير بيئة مناسبة لأداء الشعائر الدينية، خاصة في ظل التحديات المناخية والصحية. ولقد أثبتت المملكة قدرتها الفائقة على التعامل مع الحشود الكبيرة من خلال تطوير استراتيجيات متقدمة وتطبيق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال من خلال جمع وتحليل البيانات بشكل مستمر، واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتوجيه وتوزيع الحجاج بشكل يضمن عدم التكدس وتجنب الأزمات. مما ساعد في تحسين تدفق الحجاج في المواقع المقدسة وضمان سلامتهم وراحتهم. لقد شهد حج هذا العام تنسيقاً متكاملاً -كما هو الحال كل عام- بين مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك الجهات الأمنية والصحية والتنظيمية. وفي هذا المجال فقد أكد المتحدث الأمني لوزارة الداخلية، العقيد طلال الشلهوب، أن الخطط الأمنية لموسم الحج تم إعدادها مسبق، وتنفيذها بشكل متكامل، مما أسهم في توفير بيئة آمنة للحجاج. وقد تضافرت جهود قوات أمن الحج مع الجهات الصحية لضمان تقديم الرعاية الفورية للحجاج وتوجيههم بشكل فعال. وتلعب التكنولوجيا دورًا محوريًا في إدارة الحشود. حيث تستخدم المملكة تقنيات متقدمة مثل نظام تتبع الحشود بواسطة الكاميرات الذكية، وتطبيقات الهواتف المحمولة التي تقدم إرشادات فورية للحجاج حول أفضل المسارات وأوقات الذروة. هذه التقنيات تساعد في توجيه الحجاج بشكل سلس وتجنب الازدحام في المناطق الحساسة. كما تم استخدام الطائرات بدون طيار لمراقبة الحركة وتقديم تقارير فورية عن الوضع على الأرض، مما ساعد في اتخاذ القرارات السريعة والفعالة. وخلال موسم حج هذا العام قدمت وزارة الصحة أكثر من 1.3 مليون خدمة وقائية شملت الكشف المبكر واللقاحات والرعاية العاجلة عند وصول الحجاج. هذه الجهود الوقائية أسهمت في تقليل تأثير الإجهاد الحراري وزيادة وعي الحجاج بالمخاطر وسبل الوقاية منها. التوعية المستمرة للحجاج حول كيفية التحرك بأمان واتباع التعليمات الرسمية كان لها أثر كبير في تقليل الحوادث وضمان سلامة الجميع، ولم تقتصر جهود المملكة على الحجاج المصرح لهم فقط، بل شملت جميع من تواجد في المشاعر المقدسة، وقدمت السلطات الصحية حوالي 141 ألف خدمة علاجية للحجاج غير المصرح لهم، واستمرت في علاج 95 حالة حرجة تم نقلها جويًا للعاصمة الرياض ومدن أخرى لاستكمال العلاج. هذه الجهود تعكس التزام المملكة بتقديم الرعاية الصحية الشاملة لكل ضيوف الرحمن، بغض النظر عن حالتهم النظامية. وخلال موسم الحج تتطلب إدارة الحشود أيضًا التعامل الفعّال مع الأزمات والطوارئ، وتعدّ حالات الإجهاد الحراري أحد التحديات الكبيرة التي تواجه الحجاج، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة حيث تعاملت الجهات الصحية بكفاءة عالية مع هذه الحالات، ما أدى إلى تقليل عدد الوفيات، وتميزت الرعاية الصحية المقدمة بسرعة استجابة الفرق الطبية وتوفر الخدمات الصحية المتنوعة، بما في ذلك غرف الإجهاد الحراري والتقنيات الحديثة لإنقاذ المصابين بسرعة وكفاءة. كما لا يقتصر تنظيم حركة الحشود على المشاعر المقدسة، بل يشمل أيضًا التنقل بين المواقع المختلفة، حيث تقدم المملكة خدمات نقل متطورة تشمل القطارات والحافلات التي تم تجهيزها بشكل كامل لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الحجاج من خلال التنسيق بين مختلف وسائل النقل الأمر الذي يسهم في تسهيل حركة الحجاج وتقليل فترات الانتظار والتكدس. وقد أثبتت المملكة من خلال تجربتها الناجحة في إدارة الحشود خلال موسم حج 2024 أنها رائدة في هذا المجال وأنّ إدارة الحشود تعدّ علمًا يتطلب التخطيط الدقيق والتنفيذ المتقن، وقد برعت المملكة في تطبيق هذا العلم بفضل التزامها بتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن. حيث تعكس هذه الجهود التزام المملكة بتوفير بيئة آمنة ومريحة للحجاج، وضمان سلامتهم وصحتهم في كل الأوقات. والجهود السعودية مستمرة في تحسين وتطوير استراتيجيات إدارة الحشود باستمرار، لتقديم تجربة حج متميزة وآمنة لضيوف الرحمن بالتعاون بين مختلف الجهات المعنية، والاستخدام الفعّال للتكنولوجيا، والتخطيط المسبق، والتوعية المستمرة، تلك العناصر ستسهم في تحقيق هذا الهدف السامي. ليبقى هدف المملكة هو ضمان أداء الحجاج لمناسكهم بيسر وطمأنينة، وتحقيق أعلى معايير السلامة والرعاية الصحية للجميع.