تأتي الجهود التي تبذلها المملكة سنوياً في إطار حرصها الدائم على مكةالمكرمة التي تحتضن الكعبة قبلةً للمسلمين والمشاعر المقدسة، واستشعار فريضة الحج كركن من أركان الإسلام، وتجسيدًا لرسالتها السامية في خدمة الحرمين الشريفين. تترجم السعودية عبر رؤيتها 2030 في تقديم خدمات استثنائية للحجاج وجهودًا فريدة لضمان راحة وسلامة وسهولة أداء فريضة الحج لضيوف الرحمن من جميع أنحاء العالم، وتؤكد دورها الرائد في تنظيم وإدارة موسم الحج، محققةً ضماناً لأداء الحجاج مناسكهم في أجواء من الروحانية والأمان والطمأنينة. فقد بدأت الاستعدادات لموسم الحج لهذا العام مبكرًا، حيث وُضعت خطط استراتيجية محكمة شملت جميع الجوانب اللوجستية والتنظيمية، شاركت فيها مختلف الجهات الحكومية والأمنية والصحية في تحضيرات مكثفة لضمان سير الأمور بسلاسة دون عقبات، فتم استخدام أحدث التقنيات في مجال إدارة الحشود وتنظيم الحركات المرورية وخدمات النقل للحجاج إلى المشاعر المقدسة وتفادي أي ازدحام قد يؤثر على سلامتهم وبفضل ذلك رُفعت الطاقة الاستيعابية للحجاج هذا العام حتى وصل عدد الحجاج 1,833,146 حاجا. حرصت المملكة على تقديم خدمات متميزة للحجاج، شملت توفير أماكن إقامة مريحة وخدمات طبية متقدمة وتسهيلات في التنقل والتموين، ووفرت تطبيقات ذكية وتقنيات إلكترونية لخدمة الحجاج وتسهيل أداء مناسكهم كبطاقة نُسك، ولتحسين تجربة الحجاج طورت المملكة تطبيقاتها الذكية لتساعد الحجاج في التعرف على المسارات الصحيحة والوصول إلى الخدمات بسهولة، فعبر خدمة التاكسي الطائر ذو الكفاءة العالية أدى إلى تقليل الازدحام، وطبقت تقنية الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الحشود وتوجيههم بشكل فعال، مما ساهم في تحسين إدارة الحشود وتوفير تجربة حج أكثر سلاسة ويسرًا، كما تم توفير الجهد على الحجاج أثناء المشي باستحداث الطرق المطاطية مما أسهم في خفض درجات حرارة الشمس والشعور بالراحة أثناء المشي. ومما لا شك فيه فإن الأمن والسلامة كانا في صدارة الاهتمامات، فقد بذلت الجهات الأمنية جهودًا كبيرة لحماية الحجاج وتسهيل تحركاتهم، حيث نشر آلاف من رجال الأمن في جميع المشاعر المقدسة، واستخدمت تقنيات المراقبة الحديثة لرصد ومراقبة الحشود وضمان سلامة الحجاج، مؤكدة أمن الحج خط أحمر. لم تقتصر الجهود على التنظيم بل شملت تقديم خدمات صحية متكاملة، فأدت وزارة الصحة دورا بارزاً في خدمات مكثفة بمستشفيات ميدانية وعيادات متنقلة في جميع المواقع الرئيسية، كما جهزت طواقم مؤهلة وفرق طبية متخصصة للتعامل مع الحالات الطارئة وتقديم الرعاية الصحية الفورية عبر سيارات الإسعاف وطائرات الإخلاء الطبي، واتخذت إجراءات وقائية صارمة لضمان عدم انتشار الأمراض المعدية، بما في ذلك حملات توعوية وتوزيع المستلزمات الصحية اللازمة، وكذلك الخدمات الاجتماعية والإرشادية التي قدمت عبر برامج توعية دينية دعوية وثقافية بلغات متعددة وتقنيات حديثة لمساعدة الحجاج على فهم مناسك الحج وأدائها بشكل صحيح، وفرق تطوعية من جميع القطاعات لمساعدة وإرشاد للحجاج في مختلف المواقع، مما عزز من روح التعاون والتكافل بين الحجاج. لقد أثمرت جهود المملكة في تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، حيث شهد موسم حج 1445ه نجاحًا باهرًا تمثل في سهولة أداء الحجاج لمناسكهم وسلامتهم وأمنهم، ووجد النجاح إشادة واسعة من قبل الحجاج والدول والمنظمات الدولية لجهودها المتميزة في تنظيم موسم الحج بفضل الله ثم توجيهات القيادة الحكيمة وتعاون جميع القطاعات عبر الجهود الجبارة والتخطيط الاستراتيجي المحكم. ونفخر بأن المملكة العربية السعودية نجحت -كعادتها- في تنظيم ونجاح موسم حج هذا العام الذي أثبت قدرة المملكة على إدارة هذا الحدث الديني العظيم بأعلى معايير الجودة والأمان.