تشكّل العلاقة مع الغرب قضية محورية فرضت نفسها على حملة الانتخابات الرئاسية المقرّر إجراؤها في إيران في 28 يونيو، وذلك على خلفية الركود الاقتصادي الناجم عن العقوبات الأميركية الصارمة المفروضة على البلاد، ويجعل بعض المرشّحين الستة من رفع هذه العقوبات أولوية في حال انتُخبوا، في وقت تسعى الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة، إلى تشديدها، معلّلة ذلك بانتهاكات إيران لحقوق الإنسان والوقوف إلى جانب حماس وروسيا، إلى جانب مواصلة طهران برنامجها النووي. ويواجه الإيرانيون البالغ عددهم 85 مليون نسمة تضخّماً مرتفعاً للغاية يصل إلى 40%، ومعدّلات بطالة مرتفعة وانخفاضاً قياسياً في قيمة الريال، مقارنة بالدولار. الملف النووي وكان الرئيس السابق حسن روحاني قد أشار مؤخراً إلى أنّ العقوبات تكلّف البلاد "100 مليار دولار سنوياً، بشكل مباشر أو غير مباشر". وفي الإطار ذاته، قال المرشّح للرئاسة مسعود بزشكيان "إذا تمكنّا من رفع العقوبات، يمكن للإيرانيين أن يعيشوا بشكل مريح". من جهته أشار فياض زاهد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران إلى أنّ مسألة العقوبات كانت في صلب المناظرتين التلفزيونيتين الأولين واللتين ركّزتا على الاقتصاد. ويضيف أنّ "جميع المرشّحين تقريباً تحدّثوا عن آثارها المدمّرة"، لافتاً إلى أنّ ذلك يعني أنّ "من الضروري حلّ هذه المشكلة للتخفيف من معاناة الناس". غير أنّ الخبراء يشيرون إلى أنّ الرئيس المقبل لن تكون أمامه سوى مساحة محدودة للمناورة، لأنّ الاستراتيجية الوطنية يضعها المرشد الأعلى علي خامنئي. وكان خامنئي المؤيّد للمقاربة الحازمة تجاه الغرب، قد دعا المرشّحين الستة السبت إلى تجنّب أيّ تصريح من شأنه أن "يُرضي العدو". وفي هذا السياق، دعا المرشّح سعيد جليلي -الذي سبق أن قاد التفاوض مع القوى الكبرى بشأن الملف النووي- إلى مواصلة هذه السياسة المناهضة للغرب. جدوى اقتصادية من جهته، يعتبر المرشّح محمد باقر قاليباف -الذي يرأس حالياً البرلمان الإيراني- أنّ إيران يجب أن لا تفاوض الدول الغربية إلاّ إذا كانت هناك "جدوى اقتصادية" يمكنها الحصول عليها، خصوصاً عبر رفع العقوبات، داعياً إلى الاستمرار في زيادة القدرات النووية للبلاد، معتبراً أنّها استراتيجية تؤتي ثمارها من خلال "إجبار الغرب على التفاوض مع طهران". علاقات بناءة في المقابل، يدعو مسعود بازشكيان لإقامة "علاقات بنّاءة" مع واشنطن والعواصم الأوروبية من أجل "إخراج إيران من عزلتها، وكان بازشكيان قد قاد حملته الانتخابية في الأيام الأخيرة برفقة محمد جواد ظريف الذي سعى إلى تقارب إيران مع الدول الغربية خلال السنوات الثمانية التي قضاها على رأس وزارة الخارجية (2013-2021). وأشار ظريف إلى الأثر الإيجابي الذي حمله الاتفاق النووي الذي أُبرم في العام 2015 على الاقتصاد. غير أنّ الآمال التي أثارها هذا الاتفاق لم تلبث أن تبدّدت بعد ثلاث سنوات عندما قام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بسحب الولاياتالمتحدة من "خطّة العمل الشاملة المشتركة"، ومنذ ذلك الحين، وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود بينما حافظ الرئيس جو بايدن على العقوبات التي فرضها سلفه.