أصابت الترجمة أهدافاً نبيلة ومقاصد شريفة باحتواء العلوم والأفكار، وهي لا تنفك عن هندمة الألفاظ وتوشيح المعاني حتى تستظل بظلال اللغة وترفل في خمائل المعرفة، ولذلك حرصت وزارة الثقافة على تخصيص "جائزة الترجمة" ضمن مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية؛ والتي تكرم من خلالها المثقفين والمبدعين، إذ كانت هذه الجائزة استشعاراً مؤسساتيّاً بدور الترجمة البليغ. 2021.. إطلالة وفدت المبادرة في عامها الأول 2021م لمنح هذه الجائزة القيّمة إلى من عمّروا ميادين الترجمة وجاؤوا بالجديد والمفيد إلى لغة الضاد، وهكذا شهدت تلك الدورة فوز ثلاثة مترجمين تَقدَّمَهم المترجم الدكتور عبد الله إدريس الطيب، وهو مشتغل بالهندسة إلى جانب شغفه بهندسة ترجمة الروائع. وقد قص الطيب شريط مسيرته الثقافية عام 1403ه بكتابة القصص القصيرة والروايات، ثم راح يترجم الشعر من الفرنسية والإنجليزية، كما أنه أخذ الروائي الأرجنتيني فرناندو سورينتينو إلى حيز العربية الفسيح بعد أن ترجم له ثلاثيةً، وهي "الطريقة الوحيدة لمكافحة العقارب" وإمبراطورية الببغاوات" و "جريمة القديس ألبرتو". وفي تلك الدورة جاء المترجم الدكتور سلطان المجيول ثانياً ضمن الفائزين بجائزة الترجمة، وهو من اهتم بمعالجة النصوص آلياً، وأولى اهتمامه بالبيانات اللغوية والإحصاء اللغوي الحاسوبي، وله إصدارات مثل المبحث اللغوي الذي حرّره وجاء بعنوان " لغويات المدونة الحاسوبية.. تطبيقات تحليلية على العربية الطبيعية"، فيما ترجم الدليل العلمي الذي تناول "علم الإحصاء في لغويات المدونات الحاسوبية". كما قُدمّت الجائزة أيضاً إلى الكاتب والمترجم بندر الحربي، رئيس تحرير مجلة "القافلة" من عام 2018م إلى 2022م، وله إسهامات ثقافية رفيعة منها ترجمات عديدة أثْرت المكتبة العربية، مثل كتاب "جزر العبقرية" لدارولد تريفيرت، ورواية "ببّغاء فلوبير" لجوليان بارنز، إلى جانب "الضّجيج" لديفد هندي، و"القواميس" للندا مكلستون. 2022.. بقاء استكملت وزارة الثقافة نهجها في العطاء في الدورة الثانية من مبادرة الجوائز الثقافية، وتابعت منوال التكريم ومنح الجائزة للذين خدموا الثقافة. وفي مناخٍ معرفي، وأجواء تفيض بمشارب ثقافية غنية بعلومها وجمالياتها؛ سُلّمت أربع عشرة جائزة إلى مستحقين نبغوا في مجالاتهم. وقد كان المترجم والشاعر شريف بقنة هو الفائز ب"جائزة الترجمة"، ليعيش هذه اللحظة البهيجة من التكريم والتقدير، والتي تبقى أبعادها تتردد في النفس، وقيمتها خالدة في دولاب المنجزات، وذلك بعد تجربة مثرية أصدر فيها روائع أدبية، كنقله مختاراتٍ شعريةً أمريكية إلى خزائن الأدب العربي، وترجمته مؤلَّفاً يحوي بين دفّتَيه مئة قصيدة عَنْوَنها بِ "بعد أن ولدت حبسوني داخلي". إضافةً إلى أنه ترجم مختاراتٍ شعريةً سعودية بعنوان "رمالٌ تركضُ بالوقت" إلى الفرنسية. 2023.. ديمومة أطلّت المبادرة في دورتها الثالثة لتكون محطة المجتهدين التي تعزز إمكاناتهم وتنعش نشاطهم، وبذلك تصنع وزارة الثقافة ديمومةً وتخلق على إثرها مشهداً صحيّاً وتفاعلاً معرفيّاً يسعد به مثقفو ومثقفات الوطن. وذهبت في هذه الدورة "جائزة الترجمة" التي تُعدّ غاية الطامحين، إلى المترجمة مها الفالح، بعد أن أهّلتها كفاءَتُها العلمية ومنجزاتها الثقافية. وقد تحصلت على ماجستير في الترجمة السمعبصرية من جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض. حتى إنها انبرت للعمل الإداري لتترأس قسم الترجمة والتدقيق اللغوي في مشروع خدمات الترجمة. فيما ترجمت إلى العربية كتاب "اسأل فيلسوفاً" للكاتب إيان أولاسوف، ونقلت إلى الإنجليزية الإصدار القصصي لهيئة الأدب والنشر والترجمة بعنوان "Tales from Saudi Arabia".